نظمت الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة دبي المجلس الرمضاني الثاني لخطة دبي 2021 بعنوان "تربية الأجساد أم تغذية العقول" وذلك ضمن سلسلة المجالس التي تنظمها خلال الشهر الكريم في إطار التواصل المستمر التي تستهدفه خطة دبي 2021.
وأوصى المشاركون بضرورة حماية المكون الأساسي للمجتمع الإماراتي وهي الأسرة حتى تقوم بدورها الأساسي في تنشئة الأطفال على قيم التسامح والمسؤولية الفردية والم واط نة الصالحة.
ويأتي هذا المجلس ضمن سلسلة من المجالس الرمضانية لخطة دبي 2021 بهدف تعزيز التواصل المستمر مع مختلف شرائح المجتمع بهدف إشراكهم في تنفيذ الخطة وتحقيق الطموحات بحيث يحظى الجميع بفرصة للمساهمة في إبداء الرأي وطرح الأفكار.
واستضاف المجلس الرمضاني محمد سعيد باليوحة في مجلسه الخاص بمنطقة جميرا بدبي بحضور سعادة الدكتور محمد سالم المزروعي الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي والدكتور خليفة السويدي الأستاذ في جامعة الإمارات و راشد حميد المهيري رئيس قسم خدمة المجتمع للصحة النفسية والاجتماعية في شرطة دبي والدكتور سيف الجابري باحث أسري وأحمد عتيق الجميري مدير عام دائرة الصحة والخدمات الطبية السابق وجمع من الحضور وممثلي الأمانة العامة للمجلس التنفيذي و أدار الجلسة الإعلامي عبدالله إسماعيل.
وبدأت الجلسة بالحديث عن محاور خطة دبي 2021 مع التركيز على محور "موطن لأفراد مبدعين وممك نين ملؤهم الفخر والسعادة" ومن بين غاياته "أفراد متعلمون ومثقفون وموفورو الصحة وملؤهم الاعتزاز بثقافتهم وإحساسهم بالسعادة الغامرة" بالإضافة إلى التركيز على محور "مجتمع متلاحم ومتماسك" وما يسعى لتحقيقه من المبادئ والقيم الإنسانية المشتركة واستناده على الأسر والمجتمعات المتلاحمة كركيزة أساسية في قيام مجتمع متعاضد ومستدام.
وافتتح محمد سعيد باليوحة بشكره الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة دبي لتنظيم هذه السلسلة من المجالس للوقوف على الرأي العام حول مستقبل الإمارة خاصة أن هذه المجالس تعتبر سمة رئيسة في المجتمع الإماراتي طالما كانت نواة أساسية لاتخاذ قرارات تهم المجتمع الإماراتي.
وبدأت الجلسة النقاشية بالتركيز على الأسس العلمية التي تقوم عليها خطة دبي 2021 لبناء مجتمع متنوع ومتآلف في الوقت ذاته بحيث يشكل حالة فريدة في المنطقة برمتها وذلك بفضل سياسات حكيمة رسخت قيم التعايش المشترك وتقب ل الآخر والالتقاء معه على مفاهيم التسامح والاحترام والتواصل ليس اليوم فقط ولكن منذ نشأة الإمارة.
وتولي خطة دبي 2021 أهمية كبرى للأسرة باعتبارها النواة الأساسية والحاضنة الطبيعية التي توفر للفرد فرصة النمو والتطور كما ترسم النهج الذي تسير عليه الأسرة الإماراتية لما في ذلك أهمية كبرى للإدماج الاجتماعي لكافة فئات المجتمع بمن فيهم ذوي الإعاقة والأفراد الأكثر عرضة للتضرر فكل ذلك يساهم في إيجاد مجتمع متعدد الثقافات يمتلك من مقومات الاستمرارية والنجاح ما يجعله نموذجا للتعاضد والتكاتف.
وطرح مدير الحوار السيد عبدالله إسماعيل تساؤلا على سعادة الدكتور محمد سالم المزروعي الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي حول أهمية المجالس الرمضانية حيث ثمن سعادته الدور الذي تقوم به خطة دبي 2021 في تنظيم هذه المجالس إيمانا منها بأهمية العمل الدؤوب والمثابرة والإبداع من خلال التواصل المباشر مع مختلف فئات المجتمع وإشراكهم في صياغة القوانين وصولا إلى تحقيق الأهداف المرجوة للمجتمع.. داعيا إلى الاستفادة منها قدر الإمكان والبحث عن سبل تطويرها لتتماشى مع المتغيرات التي تطرأ على العالم ككل مما يسهم في المحافظة على تقاليد المجتمع الإماراتي.. مشيرا إلى ضرورة تطويع التكنولوجيا المتاحة اليوم والتشريعات في دولة الإمارات لخدمة الدور المهم الذي تقوم به الأسرة حيث صدر قبل فترة قصيرة قانون الطفل في دولة الإمارات ليعزز دور الأم والأب في الأسرة الإماراتية لبناء هذه اللبنة الأساسية في المجتمع وتقوم بدورها الأساسي في تنشئة الأطفال على قيم التسامح والاحترام وتقبل الآخر.
وأكد المزروعي أن الإمارات أمامها تحديات كبيرة ومشاريع واعدة لم تعد تضع الخيار أمام الشاب الإماراتي بأن يقبل بالوظائف التقليدية ومن هنا يأتي الاهتمام بالأسرة كجزء مهم ومرتبط ارتباطا وثيقا في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ولا يمكن لدولة أن تستشرف المستقبل دون بناء جذور قوية تقوم على الاهتمام بالإنسان بصوة واضحة ونحن في دولة الإمارات لدينا خطة ونهج واضح للاهتمام بتنشئة المواطن الإماراتي للوصول إلى مراكز قيادية تؤهله للنهوض بمستقبل دولة الإمارات.
وحول ما إذا كان المجتمع الإماراتي مقبل على أزمة "الآباء الجدد" بسبب قلة الثقافة الزوجية لدى الطرفين والتغيرات الراهنة على التكوين الاسري طرح مدير الجلسة على الدكتور سيف الجابري الباحث الأ سري تحديد مدى إيجابية وسلبية كون الشباب الإماراتي يقبلون على الزواج بسن مبكر على الرغم من أن البعض يجد أنهم بحاجة إلى المزيد من التوعية والنضج حيث قال: نحن في مجتمع الإمارات بحاجة ماسة إلى أب واع يراعي مستجدات العصر الحالي مع مراعاة أن ابتعاد الأبناء عن الأسرة النواة يفقدهم جزءا من المسؤولية الأسرية مما يعزز احتمالية حدوث المشاكل الأسرية والاجتماعية.
وأوضح أن هناك دورا مهما على الجهات الحكومية أن تدعم الأب من خلال إعانته على إصلاح أسرته وأن لا يترك الموضوع إلى القضاء حيث تنتهي هناك أي فرصة لإيجاد حل منطقي يحافظ على هذه النواة المهمة وهي مسؤوليتنا جميعا بأن نقو ي دور الأبناء وإعطائهم حيزا أكبر لتحمل المسؤولية ابتداء من المنزل.
من جهة أخرى أوضح الأستاذ راشد حميد المهيري رئيس قسم خدمة المجتمع للصحة النفسية والاجتماعية في شرطة دبي أن دور الأب لا يقتصر على الجانب المادي بل يتعدى ذلك تأثيره النفسي على الأبناء مشيرا إلى أن هناك دورا مهما للأب الإماراتي ليغرس التقاليد والعادات الإماراتية في نفوس أبنائه.
وعلق المهيري حول وقوف الأب اليوم حائرا أمام نموذج والده وجده وبين دوره كأب حديث حيث يفرض عليه الواقع العام والمتغيرات التي تطرأ على مجتمعنا في يومنا هذا أن يكسر الحواجز بينه وبين أبنائه بأن عليه أن يدمج بين هذين الجيلين وأن يستقي منهما أفضل الممارسات ومزجها للتأثير على الأبناء بشكل مفيد.
وخلال المجلس ذكر أحمد عتيق الجميري مدير عام دائرة الصحة والخدمات الطبية السابق كيف كان الأب في الماضي يعزز من شعور أبنائه بالعدالة والمساواة حتى يتوافقون فيما بينهم على قيم إنسانية مشتركة تقوم على التسامح وعلى مبادئ العيش المشترك حيث كان يراعي في تربيته لأبنائه غرس قيم وتقاليد المجتمع الإماراتي حتى يكونوا جزءا من نهضة الدولة منذ البدايات مشيرا إلى قلة التواصل ومحدودية الأسرة وتجمعها في مكان واحد فقد كانت مدة التواصل فيما بينهم أكثر من وقتنا الحالي حيث طرأت تغيرات كثيرة في مجتمعنا على عكس الكثير من المجتمعات الأخرى.
وأوضح الجميري أن غياب الأب في الأسرة له أثر واضح على تربية الأبناء ويعزز من نشأة الأبناء على يد المربيات في البيوت مما يعود سلبيا على فكرهم وشعورهم بالأمان وذلك لا يمنح الأب العذر لينشغل بأعماله بعيدا عن دوره في الأسرة.
وأثنى الدكتور خليفة السويدي الأستاذ في جامعة الإمارات على اختيار فريق خطة دبي 2021 لهذا الموضوع المهم حيث تعد الأسرة الإماراتية هي النواة للوصول إلى مجتمع مبني على مبادئ عالمية للتسامح والتلاحم لديه القدرة على بناء رأس المال الاجتماعي الإيجابي الذي يعد من الأمور الهامة جدا لنجاح المدن الرائدة مؤكدا على أهمية دور الإعلام في توعية فئات المجتمع المختلفة وإيصال هذه الأفكار إلى كل مختلف فئاته.
وقال موضحا هناك تحديات في العالم نعتقد جميعا أننا في منأى عنها وهي قريبة جدا منا بسبب التكنولوجيا الموجودة والتي تضع أبناءنا أمام نوافذ مفتوحة على العالم ويترتب علينا لإصلاح كل الخلل الذي نعاني منه والمتمثل بابتعاد الأبناء عن الآباء بالعودة إلى أصل الإنسان وهي الأسرة ومعالجة ما فرضه علينا المجتمع الاقتصادي الاستهلاكي الذي أجبر الأم والأب على العمل وعدم التفرغ للتربية بإيجاد حلول تعزز الأمن النفسي للأبناء بعيدا عن أي انحرافات قد تكون متاحة.
وعقب السويدي على أهمية دور الأم في تربية الأبناء منذ النشأة متسائلا حول مضمون المناهج الدراسية التأهيلية التي تعزز من كينونة الأم والأب بالشعور بالأمان لتشكيل أسرة وإنجاب الأبناء للقيام بدورهم في نهضة هذا المجتمع.
من جانبه استنكر دكتور علم الاجتماع عبدالله العوضي عدم الاستفادة من التجارب الإسلامية العربية في تربية الأبناء وتركيز الأهالي على التجارب الغربية على الرغم من اختلاف البيئة والتقاليد والتربية.. داعيا إلى ضرورة عدم تبني هذه المناهج حتى نحافظ على هويتنا العربية الإسلامية والتركيز لما فيه خير المجتمع لنساهم في خلق تشريعات تعمل على تطوير الأنظمة الاجتماعية.
واختتم محمد سعيد باليوحة النقاش بضرورة مراجعة لوائح قانون العمل ليتسنى إتاحة المجال أمام الآباء والأمهات لقضاء وقت أطول مع أبنائهم مما له أثر مهم في تنشئتهم.
كما أوصى الدكتور سيف الجابري بأنه على الجهات الحكومية ومؤسسات تنمية المجتمع توفير دورات تدريبية للمقبلين على الزواج تعزز من ثقافة الأسرة المسلمة الواعية لتتكون لديهم فكرة عامة عن المسؤولية المترتبة على الزواج.
من جانبه دعا الدكتور سالم المزروعي إلى تبني قوانين تدعم قضاء الأم وقتا أطول مع أبنائها خصوصا في الفترة الأولى من الولادة مستشهدا بأن هناك دراسة في المجلس الوطني توصلت إلى أن إجازة الوضع للأم العاملة في الحكومة لو استمرت مدة سنتين سيكون تكلفتها على الدولة مليار درهم سنويا وهي تكلفة لا تكاد تذكر أمام ما يمكن تحقيقه من بقاء الأم أطول مدة ممكنة مع أبنائها.
وأضاف المزروعي أن هناك دراسة تشير إلى أنه في عام 2025 ستكون نسبة المواليد متساوية مع نسبة الوفيات وستكون بعد ذلك عملية المواليد أقل من الوفيات وسنجد أنفسنا أمام خطر عدم التوازن في المواليد والوفيات مما يضعنا أمام ضرورة إعادة النظر في القوانين الحكومية.
وقال الدكتور خليفة السويدي أن أهمية تربية الأم ووجودها مع الأبناء تفرض علينا إعادة النظر بالوظائف التي يمكن للآباء والأمهات قضاؤها في البيت كما أشار إلى أهمية إعادة النظر في نظام العمل وتحديد الأعمال التي تمكنهم من قضاء أعمالهم من البيوت.
وطرح راشد حميد المهيري مقترحا لتبني دراسة تحدد إنتاجية الموظف الأب أو الأم لمعرفة مدى انتاجيتهم في العمل لبناء قرار فيما بعد بالمدة المطلوبة منهم للبقاء في العمل وقضاء باقي الوقت مع الأسرة.
أرسل تعليقك