شهدت المسيرة التعليمية التربوية في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العشر سنوات الماضية تطورا ملحوظا بفضل رؤية القيادة الرشيدة التي تسعى إلى بناء الإنسان الواعي المتسلح بالعلم والثقافة.
وقد أولت دولة الإمارات منذ تأسيسها اهتماما متواصلا ضمن سياستها الإجتماعية والتنموية نحو متطلبات تطوير العملية التعليمية بكافة مراحلها باعتبار ذلك من الأسس والمرتكزات المهمة للتنمية المستدامة وبناء المجتمعات الحديثة لما يمثله التعليم من مكانة اجتماعية وباعتباره من المكونات الرئيسية لمؤشر التنمية البشرية الذي تصدره الأمم المتحدة .
وفي إطار اهتمام دولة الإمارات في مسار التنمية التعليمية تستضيف أبوظبي غدا مؤتمرها السنوي السادس للتعليم الذي ينظمه مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت شعار " التعليم والتنمية : نحو منظومة تعليمية عصرية في دولة الإمارات العربية المتحدة "بمشاركة كوكبة من الخبراء والمتخصصين والمهتمين بمجال التنمية والتعليم .
ويهدف المؤتمر إلى مناقشة قضية التعليم وتبادل الآراء حول التحديات الرئيسية في مجال التعليم والتنمية وصولا لايجاد حلول مبتكرة لمواجهة التحديات والخروج بتوصيات تساهم في النهوض بمسيرة التعليم واعداد أجيال واعية تسهم في مسيرة التنمية بالدولة.
وسيطرح المؤتمر في يومه الأول عدة مواضيع حول مبادرات تطوير التعليم واستراتيجياته في دولة الإمارات واستراتيجية تطوير التعليم 2015-2021 والأبعاد التنموية بالإضافة إلى مناقشة التوجهات العالمية الجديدة في مجال ربط التعليم بالتنمية.
ويناقش المؤتمر في يومه الأول النظم التعليمية الحديثة في العالم ودور البحث العلمي في دعم التنمية بدولة الامارات ومعوقاته بالإضافة إلى موضوع تعزيز التنافسية العالمية لمؤسسات البحث العلمي في دولة الإمارات ودور القطاع الخاص في دعم مسيرة البحث العلمي بينما سيتم خلال اليوم الثاني مناقشة عدة بحوث حول الدور التنموي للتعليم المهني والمعوقات التي تواجه التعليم المهني في الدولة بالإضافة إلى دور التعليم المهني في خدمة التنمية : التجربة الألمانية ودور التعليم المهني في خدمة التنمية في الإمارات.
وسيقدم المتحدثون خلال جلسات المؤتمر وجهات نظر حول دور التعليم في تعزيز القيم الإيجابية في المجتمع وستطرح موضوعات تتعلق بدور التعليم في تعزيز الانتماء الوطني والدفاع عن الوطن ودوره في نشر قيم الوسطية والاعتدال والانفتاح وقبول الآخر.
كما ستتناول الجلسات قضايا تهتم بالتعليم وتصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة لمواجهة التطرف والإرهاب ووجوب غرس القيم في الانتماء والولاء وتعميق الهوية الوطنية بجانب أهمية دور مؤسسات التعليم في تعزيز قيم التماسك والتكافل والتعاون في المجتمع .
ويأتي هذا المؤتمر الخاص بالتعليم باعتباره المدخل الرئيسي لأي مجتمع نحو التقدم والتنمية انسجاما مع سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعطي قضية التعليم أهمية محورية ضمن خططها التنموية .
يذكر أن بدايات التعليم وتطوره في الدولة كانت في الخمسينيات من خلال العديد من المبادرات الفردية وفق خصوصية وظروف المجتمع في تلك المرحلة وتبع تلك الفترة ارتفاع عدد البعثات التعليمية من الدول المجاورة التي ساهمت في نشر التعليم في بعض المدن الرئيسية إلا أن العملية التعليمية الرسمية قد انطلقت مع قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة وساهم ذلك في بدء مرحلة التنمية والبناء في مختلف المجالات إذ انتهجت وزارة التربية والتعليم خطين لمحاربة الأمية الأول : الاهتمام بتعليم النشء الجديد والثاني : تعليم الكبار .. فبجانب التعليم النظامي اهتمت الدولة بفتح أبواب العلم أمام من فاتهم قطار التعليم ففتحت المراكز المسائية للموظفين والتي التحق بها الآلاف ممن استفادوا من هذه الخدمة وتخرج الكثير من طلبة تلك المراكز من الجامعات فيما بعد نتيجة لتلك الخدمة الجليلة التي قدمت لهم استنادا لسياسة القيادة الرشيدة .
وفي عام 1962 لم يتجاوز عدد المدارس 20 مدرسة يدرس فيها أقل من 4000 طالب معظمهم من الذكور ولم تكن تتوفر البنية التحتية لكثير من الخدمات الاجتماعية الأساسية كالمستشفيات والإسكان والمطارات وغيرها.
وعند قيام الاتحاد عام 1971 لم تكن الخدمات التعليمية تصل لكثير من القرى والحواضر ولم يكن عدد الطلاب في الدولة يتجاوز الـ 28 ألف طالب وكان على من يرغب في إتمام تعليمه بعد الدراسة الثانوية السفر إلى خارج البلاد إذ كان الطلاب الإماراتيون يذهبون إلى إحدى الدول الأجنبية أو العربية للحصول على الشهادات العليا وقد وفرت لهم الدولة دعما كاملا في مسعاهم هذا وذلك بالتكفل بتمويل دراستهم في الخارج وفي الوقت نفسه كانت الحكومة الرشيدة تطمح إلى إيجاد بنية تحتية شاملة لتوفير التعليم بكل مستوياته في دولة الإمارات العربية المتحدة .
وظل التعليم الهاجس الأكبر للدولة فقامت بتبني خطة مستقبلية لتطوير التعليم في السنوات العشرين المقبلة ووضعت نصب أعينها تحقيق أهدافها لتصل بالتعليم إلى مستويات معيارية تتماشى مع مخرجات التكنولوجيا والعلوم وتركز هذه الخطة على تعليم تكنولوجيا المعلومات ومحو الأمية وللحفاظ على قيم المجتمع ومبادئه ولضمان تعزيزها لدى الناشئة تعمل هذه الخطة على توطين التعليم لتصل نسبة المواطنين العاملين في سلك التربية والتعليم إلى 90 في المائة بحلول العام 2020.
وتنتشر المدارس اليوم في كل مدينة وكل طالب وطالبة ينال حظه من التعليم والرعاية التربوية من دون تمييز كما اصبح بمقدور الطلاب إكمال دراستهم في بلادهم حيث افتتحت جامعة الإمارات عام 1977 وتخرج منها منذ ذلك الوقت ما يزيد على 20 ألف طالب.
أرسل تعليقك