ترحب العجوز التسعينية جوانا برؤية الشاب جوريان حين يدخل غرفتها..هو ليس حفيدها ولكنه جارها في مأوى العجزة.
وهذا الشاب ذو العشرين عاما واحد من ستة طلاب اختاروا السكن في مأوى العجزة هذا في مدينة ديفنتر شرق هولندا، في اطار مشروع فريد من نوعه يتعايش فيه شباب ومسنون.
ولا يدفع هؤلاء الطلاب نفقات مقابل اقامتهم هناك، ولكنهم يقدمون ثلاثين ساعة عمل في الشهر، في خدمة النزلاء المسنين البالغ عددهم 160، في مهمات قد لا يكون للعاملين في المأوى وقت للقيام بها دائما.
وتقول اريين ميهويزن المنسقة في المأوى "انهم يزورون المسنين، ويلعبون معهم، ويرافقونهم الى المركز التجاري، ويشترون الحاجيات للعاجزين عن الذهاب الى السوق".
وفيما تعاني دول اوروبية عدة من نقص في دور رعاية المسنين في ظل ارتفاع نسب المتقدمين في العمر، تسجل هولندا حالة معاكسة، ولا سيما بعد اجراءات التقشف التي شددت شروط الانتساب الى هذه الدور.
ويؤدي ذلك الى عدم قدرة الدور الهولندية على سداد نفقاتها، فباتت تؤجر بعض غرفها الخالية لتأمين موارد.
غير ان دار "هيومانيتاس" تؤكد انها ليست في هذا الوضع، بل انها تستقبل الشباب لكسر عزلة نزلائها المسنين عن العالم الخارجي.
وبما ان العمل التطوعي يلقى تقديرا في هولندا، فان هذه الفكرة تلقى رواجا، وتسعى دور عدة الى اعتمادها بأشكال مختلفة.
ومن شأن ذلك ان يساهم في حل مشكلات عدة، منها ما هو مالي، ومنها ما يتصل بكسر عزلة المسنين.
وباتت مبادرات مماثلة تنتشر في دول اوروبية اخرى، منها مثلا اقامة طالب شاب مع مسن في منزله، واقامة تجمعات سكنية يتعايش فيها اشخاص من اجيال مختلفة.
وفي فرنسا، ولا سيما في مدينة ليون، تطبق فكرة مشابهة تقوم على ان يدفع الطلاب ايجار الغرف، لكنهم يعيشون ضمن انظمة صارمة تمنع مثلا استقبال الاصدقاء، وفي مدينة اسنيير اعفي طالب من نفقات الاقامة في دار للعجزة مقابل العمل في الدوام الليلي اسبوعا واحدا من كل شهر.
وتقول جيا سيبكيس مدير دار "هيومانيتاس" ومطلقة هذه الفكرة قبل عامين "حين يكون الشخص التسعيني مصابا في ركبته، لن يقدر الاطباء على جعلها تتحسن، لكن ما يمكن ان نفعله هو ايجاد نمط حياة يومي يمكن ان نسيه الالمه".
ينظم الطلاب عشاء يوميا في الدار، ويقيمون بعض الانشطة التي يبرعون بها، مثل جوردي الذي يعلم المسنين رسم لوحات الغرافيتي على الواح كرتونية في حديقة المأوى.
اما جوريان، فهو يعطي المسنين دروسا اسبوعية في المعلوماتية، اصبح غروت كوركامب البالغ 85 عاما قادرا بفضلها على ارسال بريد الكتروني والبحث عن المقاطع المصورة على الانرتنت واستخدام الفيسبوك.
وتقول العجوز جوانا عن جارها جوريان "انا عجوز وهو شاب، لكننا نتفق تماما".
ويقول جوريان "نقوم بأشياء صغيرة، ليست ذات اهمية كبيرة، لكنها تحسن مزاج المسنين".
وتقول الطالبة دونيز ذات الاثنين وعشرين عاما "من جهة انا لا ادفع ايجارا، ومن جهة اخرى انا احب العمل مع اشخاص مسنين".
وتضيف "نظرا لارتفاع ايجار غرف الطلاب، هذا البديل رائع"، ولا سيما ان ادراة المأوى لا تفرض اي شروط صارمة على الطلاب المقيمين فيها، اذ يمكنهم استقبال الاصدقاء وتربية حيوان، والخروج والعودة متى شاؤوا، بما لا يسبب الازعاج للآخرين.
ويقول جوريان "في احدى المرات عدت في منتصف الليل، وتسببت في ايقاظ جارتي، فلم تكن مسرورة من ذلك، لكني اعتذرت منها ووعدتها الا يتكرر مني ذلك".
أرسل تعليقك