شرم الشيخ - قنا
أشاد سعادة الدكتور محمد بن عبد الواحد الحمادي وزير التعليم والتعليم العالي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم، بأعمال المؤتمر الإقليمي للدول العربية حول التربية لما بعد 2015م والمعني بكيفية تحقيق جودة التعليم والتعليم المستدام للجميع، الذي اختتمت أعماله مساء اليوم في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
وثمن سعادة الوزير في هذا السياق الجهود العظيمة التي بذلتها الجهات المنظمة للمؤتمر والمتعلقة بالتحضير وجودة التنظيم مما هيأ أسباب نجاحه ومداولاته وتوصياته.
جاء ذلك في تصريحات لسعادته في ختام أعمال المؤتمر الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم المصرية ، بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 27 إلى 29 يناير الجاري.
وأكد سعادة وزير التعليم أن المؤتمر انعقد في مرحلة مهمة من تاريخ العمل العربي المشترك لا سيما بعد انتهاء المهلة المحددة دوليا لتحقيق أهداف التعليم للجميع والأهداف الإنمائية للألفية، "وهو فرصة للدول العربية للوقوف على الانجازات والتحديات والفرص والخيارات في منظومة التعليم العربية ، ثم وضع الأهداف والاستراتيجيات المستقبلية في مجال التربية والتعليم، خاصة وأن جدول أعمال المؤتمر كان حافلا بكل الشواغل التربوية والتعليمية".
ونوه في هذا الصدد أن المؤتمرين سواء على مستوى الخبراء أو على المستوى الوزاري قد ناقشوا جميع الشواغل التربوية والتعليمية بما في ذلك أفضل الممارسات والتجارب والاتجاهات الحديثة في التعليم من خلال ورش عمل وجلسات تركيز وموائد مستديرة، بحضور ومشاركة خبراء وتربويين من مختلف البلدان العربية والعالم.
كما أكد سعادته أن معطيات المؤتمر تمثل خارطة طريق على المستوى العربي لا سيما وأن العالم يستعد لوضع أجندة التنمية الدولية لما بعد 2015 ، والتي سيلعب التعليم فيها دور المحرك الرئيس للتنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية ، مما يحتم على الدول العربية الاهتمام بتنمية إنسانها من خلال التعليم إذا ما أرادات اللحاق بركب الدول المتقدمة.
وشدد سعادته على أهمية تبادل الخبرات والتجارب وأفضل الممارسات وضرورة انفتاح نظم التعليم العربية على التجارب العالمية الرائدة لتطوير وتحسين أدائها لاسيما في مجال السياسات والاستراتيجيات والبرامج والخطط ذات الصلة بالابتكار في التعليم، وكيفية تعزيز كفاءات القرن الحادي والعشرين تمهيداً لبناء رأس المال البشري العربي.
وبحث المجتمعون المسائل الأساسية والآفاق المستقبلية للتعليم ما بعد 2015م وتقرير مخرجات اجتماع الخبراء الفني، بما في ذلك تبادل الآراء حول التحديات والأولويات الأساسية، بالإضافة إلى الاستراتيجيات لأجل تنفيذ التعليم ما بعد 2015م.
وقد ألقى سعادة الدكتور محمد بن عبدالواحد الحمادي وزير التعليم والتعليم العالي كلمة اليوم أمام المائدة المستديرة في المؤتمر الإقليمي للدول العربية حول التربية ما بعد 2015، أكد فيها على أهمية هذا المُنتدى التربوي الهام، الذي قال "إنه يعقد خلال فترة عصيبة يمر بها التعليم في العالم بتحديات وصعوبات جسام، ممثلة في زيادة عدد الأطفال غير الملتحقين بالتعليم في العالم، وارتفاع نسبة الأميين من الكبار، وعدم المساواة في التعليم بين الجنسين في دول عديدة من العالم، وغيرها من التحديات".
وشدد سعادة الوزير في كلمته على أن دولة قطر قد خطت بتوفيق من الله عز وجل ، ثم بتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى" حفظه الله ورعاه" خطوات حثيثة تجاه تحقيق ما التزمت به مع المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو لتنفيذ إطار "داكار" لعام 2000 لتحقيق أهداف التعليم للجميع، مؤكدا أن قطر حققت مستويات عالية من الأهداف الستة للتعليم للجميع، بما يواكب رؤيتها الوطنية 2030 واستراتيجية قطاع التعليم والتدريب في الدولة.
وقال سعادة وزير التعليم والتعليم العالي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم في كلمته "إن دولة قطر قد نجحت في توفير فرص التعليم النوعي لكل طفل يقيم على أرضها من خلال تعميم الالتحاق بالتعليم والمساواة في الحصول عليه، ورفع معدلات الالتحاق، وتوفير تكافؤ الفرص بين الجنسين، وتوفير فرص التعليم للكبار ممن فاتهم الالتحاق بالتعليم المدرسي النظامي من خلال برامج تعليم الكبار، والتعليم الموازي، والتعليم المستمر".
ونوه سعادته بأن الدولة أولت اهتماما خاصا بمرحلة الطفولة المبكرة وزادت من عدد رياض الأطفال، ووفت بكافة حقوق ذوي الإعاقات، والشباب والمرأة وكبار السن .. كما حسنت نوعية التعليم من خلال رفع كفاءة المعلمين بمناهج جامعية ودورات تدريبية معتمدة، وطوّرت المناهج الدراسية وسعت إلى تنويعها لتوفير خيارات متعددة لأولياء الأمور، ونفّذّت خطة طموحة لتهيئة الأبنية المدرسية الحديثة الآمنة، وطوّرت نظام التقييم والمساءلة للمدارس، ووفرت التسهيلات والخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وتابع قائلا " لقد نجحنا حديثا في تأسيس أول لجنة متعددة الأطراف لضمان حقوق الأطفال المصابين بالسكري، ونحن على استعداد لمشاركتكم تجربتنا في هذا المجال .. كما أننا بصدد التوسع في نطاق عمل هذه اللجنة بهدف التصدي لمشكلة تؤرقنا جميعا وهي قلة الحركة بين الطلاب التي تتسبب في السمنة والسكري من النوع الثاني، وغيرها من أمراض العصر".
ولفت سعادة الوزير إلى أن دولة قطر لم تدخر جهدا في تنفيذ التزاماتها الدولية والإنسانية تجاه المجتمع الدولي من خلال نشر وتوسيع فرص التعليم للجميع في كثير من الدول الشقيقة والصديقة، مضيفا " إننا نود أن نشير هنا إلى مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، المبعوث الخاص لليونسكو للتعليم الأساسي والعالي، في دعم التعليم في مناطق عدة من العالم، مثل مبادرة ( الفاخورة ) لدعم وحماية الطلبة والمدارس في مناطق الصراعات، ومبادرة ( علِّم طفلاً ) والتي تهدف إلى توفير التعليم الأساسي لملايين الأطفال في العالم".
وأضاف سعادته " وعلى الرغم مما تحقق من إنجازات كبيرة، فإن هناك تحديات مازالت تواجه مسيرة التعليم للجميع ، من بينها قلة وعي عدد من الأسر بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة في تكوين شخصية الطالب وقدراته، وعدم توفر المعلمين المؤهلين للتدريس في رياض الأطفال مع زيادة الطلب على التعليم في هذه المرحلة، والحاجة إلى مزيد من البرامج التأهيلية والتدريبية للمعلمين لرفع كفاءتهم التدريسية، كما أن عزوف القطريين ( الذكور) عن مهنة التدريس والتوجه للمهن الأخرى يمثل تحدياً أساسياً في ما يتعلق بمحور الكوادر البشرية".
ونبه سعادة وزير التعليم والتعليم العالي إلى أن هناك بعض التحديات التي تعد قاسما مشتركا مع بقية الدول العربية ودول العالم، وهي تحسين المخرجات التعليمية والارتقاء بها وجودة التعليم وتحسين مستوى الطلبة في المهارات الأساسية ( القراءة والكتابة والحساب) وزيادة مشاركة أولياء الأمور في العملية التعليمية والتخلي عن النظرة المسبقة إلى التعليم المهني والتقني، التي أدت إلى العزوف عن الالتحاق بهذا النوع من التعليم.
ومضى قائلا " ونحن نبحث في شؤون التربية ما بعد 2015، مستعرضين إنجازاتنا الوطنية، لا يجوز أن نغفل معضلة تواجه أبناءنا التلامذة العرب، في أكثر من دولة عربية، مع الأسف، وهي ظاهرة النزوح المرتبط بالحروب الداخلية والخارجية. وفي اعتقادي أن هذه المعضلة ستستمر إلى ما بعد 2015، لذلك أكرر الدعوة إلى منهج تعليمي عربي، على غرار البكالوريا الدولية، يمكن تدريسه إلى الطلاب العرب في كل أصقاع الأرض، سواء كانوا في مدارس نظامية أو في مخيمات لجوء أو تجمعات نازحين أو مناطق نائية تفتقر إلى التعليم النظامي، وفي اعتقادي أن هذه المسألة تحتاج إلى خطة عمل جدية للبحث عن بديل عربي شامل يمكن استخدامه عند الحاجة ضمانا لمستقبل الطلاب العرب، أمل أمتنا الواعد في غد أفضل من الحاضر الذي نعيش فيه".
وأوضح أنه في إطار ما تم الاتفاق عليه في مسقط من أهداف للتعليم لما بعد 2015 وخاصة الهدف الثاني المتعلق بالالتحاق بالتعليم الأساسي المجاني والإلزامي الجيد والذي لا تقل مدته عن تسع سنوات " فإننا نوصي بضرورة التأكد من إتمام جميع الأطفال للتعليم الابتدائي الجيد بحلول عام 2025 ، وأن يكون هذا هدفا فرعيا ضمن الهدف، وذلك لأن هذه المرحلة هي الأساس لإتمام المراحل المتقدمة، واتقان مهاراتها وكفاياتها ركيزة نجاحه في المراحل التعليمية اللاحقة. كما ان العديد من الدول في منطقتنا ارتفع فيها عدد الأطفال خارج المدرسة نظرا لأوضاعها وعدم الاستقرار الأمني ".
وقال " إن بحثنا في شؤون التربية ما بعد 2015، وفق أجندتنا الإقليمية المتقاطعة مع الأولويات الدولية، يقودنا إلى التفكير في أفضل السبل لغرس مفاهيم الاعتزاز بالانتماء والاعتدال والتسامح في مواجهة الإرهاب والتطرف، والطائفية، حتى لو اضطرنا ذلك إلى إعادة النظر في مناهجنا بما يخدم مستقبل أمتنا، مع التركيز على دور الأسرة والمجتمع في دعم هذا التوجه بكافة السبل المتاحة".
وأكد على أن ما تحقق من إنجازات خلال السنوات الماضية ، يعتبر دافعا للجميع لبذل المزيد من الجهد والعمل لتجويد التعليم وتوسيع نطاقه، مما يتطلب سن القوانين والتشريعات واللوائح الخاصة بتأهيل معلمي مرحلة الطفولة المبكرة وإلزامية الالتحاق بالتعليم حتى نهاية المرحلة الإعدادية ، وتوفير إطار معايير القراءة والكتابة والحساب للشباب البالغين وربطها بالإطار الوطني للمؤهلات، والتوسع في التعليم الفني والمهني والثانوي ليشمل الجنسين، وكذلك توفير معلمين مؤهلين ومدربين لهذا النوع من التعليم، ودعم الشراكة مع القطاع الخاص، وتنوع مصادر تمويل التعليم وتعزيز مهارات العمل المؤسسي.
وأعرب سعادة الوزير في كلمته عن الشكر الجزيل لجمهورية
مصر العربية على حسن التنظيم وكرم الضيافة، كما شكر منظمة اليونسكو ومكتبها الإقليمي في بيروت متمنيا للجميع كل التوفيق والنجاح.
وضم وفد دولة قطر المشارك في أعمال المؤتمر إلى جانب سعادة الوزير، الدكتورة حمدة حسن السليطي الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم،المنسق الوطني للتعليم للجميع، وعدد من المسؤولين في المجلس الأعلى للتعليم.
أرسل تعليقك