أكدت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة مدير عام الثقافة والفنون في هيئة البحرين للثقافة والآثار أن يوم التراث في العالم الإسلامي يعكس ما لعالمنا من غنى بتراثه المادي وغير المادي والذي يبقى حيًّا تتناقله الأجيال مفتخرةً بماضٍ أثرى حاضرها، كما أكّدت أن الملتقى الثاني الوطني للتراث غير المادي الذي أقامته هيئة الثقافة الأسبوع الفائت احتفى على طريقته بهذا الإرث الإنساني الحي الذي تعمل الهيئة على المحافظة عليه والترويج لثرائه وفرادته.
وجاء ذلك في تصريحات خاصة لـ «أخبار الخليج» بمناسبة يوم التراث في العالم الإسلامي الذي يصادف 25 سبتمبر من كل عام، وأشارت الشيخة هلا إلى التحضيرات التي تقوم بها هيئة الثقافة في سبيل الاحتفال بيوم الفن الإسلامي، الذي تحضر فيه عناصر الفن الإسلامي غير المادي، في نوفمبر والذي أقرته الجمعية العامة لليونسكو يوماً عالميا للفن الإسلامي في 18 نوفمبر من كل عام، وذلك بطلب من مملكة البحرين يوم كانت المحرق عام 2018 عاصمة للثقافة الإسلامية.
وأضافت الشيخة هلا أن الثقافة تعتبر مصدرا للتنمية، لافتة إلى أهمية الاهتمام بالجوانب الثقافية التي تأثرت بشكل كبير خلال الأزمة، وبينت أن نشاط هيئة الثقافة لإقامة ملتقى كهذا يعكس مبادرة مملكة البحرين الدائمة والمستمرة في دفع الجهود الإقليمية للاهتمام أكثر بالثقافة.
ولفتت إلى نجاح مملكة البحرين بالانتقال بالتراث الثقافي غير المادي العربي والإسلامي إلى العالمية حين نجحت في تقديم مقترح يوم عالمي للفن الإسلامي إلى منظمة اليونسكو، وأكدت أن هناك توجها لإقامة احتفالية خاصة في مبنى اليونسكو في باريس حول الفن الإسلامي نوفمبر القادم، موضحة أهمية مشاركة المملكة في تقديم ملفين عربيين إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، وهما ملفا «النخلة» و«فنون الخط العربي».
وشددت الشيخة هلا آل خليفة على أن التراث الثقافي غير المادي هو التراث الحي الذي يعبّر عن الشعوب والأوطان ويمتلك عمقاً تاريخياً متجذّراً، ولا يمكن أن ينفصل هذا التراث عن البيئة الطبيعية والسياق التاريخي الذي نشأ فيه، فهو يعكس حياة المجتمعات وتقاليدها وفنّها المتوارث عبر الأجيال، ومع اختلاف الجغرافيا والأزمنة، اختلفت طرق معيشة المجتمعات وممارساتها الاحتفالية التقليدية ووسائلها في التعبير الشفهي عن واقعها وطموحاتها وأحلامها وطرق سرد ماضيها وثقافتها.
وذكرت أن المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي يعد أحد المنجزات المهمة في مسيرة مملكة البحرين في رعاية وحفظ وصون التراث الثقافي، ليس فقط في مملكة البحرين، بل في الوطن العربي أجمع. فمنذ تأسيسه عام 2010م، يعمل المركز بالتعاون مع مختلف الجهات الرسمية في مملكة البحرين ممثلة بهيئة البحرين للثقافة والآثار، وغيرها من المؤسسات الرسمية في الوطن العربي على متابعة حالة صون وحفظ مواقعها التراثية الثقافية والطبيعية، إضافة إلى دور كبير في عملية بناء قدرات الخبراء العرب ورفع التوعية المجتمعية بأهمية التراث الثقافي المادي في تحقيق التنمية المستدامة. ونشير هنا إلى أن التراث المادي يتكامل مع تراثنا غير المادي، ومن هنا تبدو أهمية هذا المركز الذي يولي أهمية قصوى للتراث المادي الموجود في العالم العربي.
ولفتت إلى أن جهود المركز في هذا المجال، ألقت الضوء بشكل عام على أهمية التراث المادي في البلدان العربية، وهو ما أسهم كذلك في لفت الانتباه، على الأصعدة المحلية والإقليمية، نحو منح التراث الثقافي غير المادي اهتماما ورعاية إضافية، كي نجسّد اتفاقيات اليونسكو على أرض الواقع ونعمل مع هذه المنظمة العالمية لحفظ إرثنا المحلّي والعربي.
وشددت على أن الملتقى الوطني الثاني للتراث الثقافي غير المادي يمثل حدثاً مهماً من عدة جوانب، فهو يأتي أولاً في سياق انشغال عالمي بشكل أساسي بالتبعات الاقتصادية للأزمة الصحية الراهنة التي سببها تفشي فيروس كورونا، مع الاهتمام بالجوانب الثقافية التي تأثرت بشكل كبير خلال الأزمة، فنشاط هيئة الثقافة لإقامة ملتقى كهذا يعكس مبادرة مملكة البحرين الدائمة والمستمرة في دفع الجهود الإقليمية للاهتمام أكثر بالثقافة كمصدر للتنمية، ويسهم في رفع مستوى الاهتمام الرسمي بها في ظل الأزمة الصحية. فيعمل هذا الملتقى بشكل أساسي على رفع الوعي المجتمعي حول أهمية عناصر التراث الثقافي غير المادي وماهية وضعها الحالي اليوم، وحصر وحفظ وصون عناصر التراث الثقافي غير المادي.
تنعكس أهم ملامح اهتمام مملكة بالبحرين بالتراث الثقافي غير المادي في توقيع المملكة على اتفاقية عام 2003 لحفظ التراث الثقافي غير المادي، وهي اتفاقية تقع تحت مظلة منظمة اليونسكو، كما أن سعي هيئة البحرين للثقافة والآثار، المؤسسة الرسمية المعنية بالشأن الثقافي في المملكة لتعزيز التراث الثقافي غير المادي يعبّر عن توجّهات البحرين نحو الارتقاء بهذا الجانب من التراث الثقافي.
ولفتت إلى أن مملكة البحرين تمكّنت من الاضطلاع بدور مهم في حفظ هذا الجزء من التراث الإنساني على المستويين المحلي والإقليمي. ومن أمثلة ذلك مشاركة المملكة في تقديم ملفين عربيين لقائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو وهما ملفا «النخلة» و«فنون الخط العربي»، كما نظّمت هيئة الثقافة الملتقى الوطني الأول للتراث الثقافي غير المادي في مملكة البحرين خلال الربع الأخير من العام الماضي، واليوم تعمل الهيئة على الانتهاء من ملف «فن الفجري» ليكون أول ملف خاص بالمملكة على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.
كما انتقلت البحرين بالتراث الثقافي غير المادي العربي والإسلامي إلى العالمية حين نجحت في تقديم مقترح يوم عالمي للفن الإسلامي لمنظمة اليونسكو حين كانت المحرق عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2018م، واعتمدته المنظمة العام الماضي ليوافق يوم 18 نوفمبر من كل عام، ونحن بصدد تنظيم احتفالية خاصة في مبنى اليونسكو في باريس حول الفن الإسلامي في نوفمبر من هذا العام.
وأكدت أن مملكة البحرين لديها المقوّمات التي تؤهّلها للحفاظ على التراث غير المادي، فالتاريخ حمل لنا الماضي بجماله وروعته وها نحن في هيئة البحرين للثقافة والآثار نقوم بما في وسعنا وبتعاون ما بين القطاع العام والقطاع الخاص بالمحافظة على إرث الماضي وخلق بنية تحتية تليق به في مناطق البحرين كافة، فللموسيقى قمنا باستعادة دار جناع ودار الرفاع وبتشييد دار المحرق ودار الرفاع والعودة الى العمل على المحافظة على المخزون الموسيقي التراثي، كما نعمل على إنشاء مصنع نسيج بني جمرة لحرفة نوليها أهمية كبيرة، بالإضافة إلى حفظ الأرشيف المحكي عبر تسجيل عدد كبير من المقابلات مع من حمل هذا التاريخ الشفهي إلينا وتوثيقه ضمن مقابلات خاصة نعرضها على مواقع الاتصال الاجتماعي التابعة للهيئة. وهنا نذكر طبعاً دور المجتمع المحلي والمؤسسات الخاصة التي تقوم بدورها المميز في الحفاظ على هذه المكتسبات التراثية، ونحن كجهة رسمية يسعدنا دائما التنسيق مع كل الجهات الخاصة والعامة لدعم هذه القطاعات بمختلف تخصصاتها.
وشددت على أن التراث جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية لمملكة البحرين والتي تضم العديد من العناصر، ونحن نسعى بكل جهدنا من أجل الإبقاء على شعلة العمل الثقافي متّقدة في ظل كافة الظروف. ولم تثنينا أزمة تفشي فيروس كورونا عن أداء واجبنا تجاه الثقافة في البحرين، فلم تكن الأزمة قد بدأت، إلا وقد وضعنا استراتيجية من أجل تخطي الصعوبات التي نشأت عن إجراءات الإغلاق ووقف التجمّعات حرصاً على سلامة جمهورنا، فانتقلنا بنشاطنا إلى الفضاء الإلكتروني مقدّمين برنامجاً مفعماً بالفعاليات ومخاطباً مختلف الفئات العمرية.
وأكدت أن الهيئة نجحت في إقامة موسم ثقافي أساسي من مواسمنا كاملاً على شبكة الإنترنت، وهو مهرجان صيف البحرين الذي جاء بشعار «أقرب عن بعد»، فكانت الأزمة فرصة لنا للاقتراب من جمهورنا بطريقة خاصة. وقد نال المهرجان دعماً منقطع النظير من مختلف الجهات، فشاركت معنا في المهرجان الذي أقيم طيلة شهر أغسطس الماضي، جهات حكومية، مؤسسات خاصة وسفارات وصل عددها إلى 16 سفارة. وها نحن اليوم نقوم بتنظيم ملتقى للتراث الثقافي غير المادي على أعلى مستوى، مستثمرين أفضل الوسائل التكنولوجية من أجل جمع الخبراء والمتخصصين من البحرين وخارجها لمناقشة وبحث سبل تعزيز التراث غير المادي في مملكة البحرين.
قد يهمك ايضاً
"الخط العربي" على طاولة الملتقى الوطني للتراث الثقافي غير المادي في البحرين
الشيخة هلا آل خليفة تؤكّد أنّ الملتقى الوطني للتراث غير المادي حدثًا هامًا
أرسل تعليقك