يصوب المهاجم ركلته بدقة ويسجل هدفا من ضربة جزاء بعد خداعه حارس المرمى الذي يقفز لصد الكرة في الاتجاه الخطأ ويصيح من الألم... مع أن هذين اللاعبين يحملان بفخر الوان باكستان، غير أنهما ليسا من لحم ودم بل روبوتان مصنعان في فرنسا.
وتحتل باكستان بلد الكريكيت موقعا متخلفا على قائمة افضل المنتخبات في العالم لكرة القدم. غير أن هذا الفريق من اللاعبين الاليين المبرمجين على يد طلاب باكستانيين يضاهي بقوته الفرق التابعة لأكبر الجامعات الدولية.
وللمرة الاولى، ارسلت الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، وهي اعرق كليات الهندسة في البلاد، فريقا من الروبوتات للمنافسة في بطولة العالم لكرة القدم الخاصة بالرجال الآليين (روبوكاب).
وأقيمت هذه المنافسة في مدينة لايبزيغ الالمانية بين 27 حزيران/يونيو و4 تموز/يوليو بمشاركة 32 جامعة.
وتألف الفريق الباكستاني من ستة روبوتات تم الحصول عليها من شركة "الديباران روبوتيكس" الفرنسية في مقابل حوالى 15 الف يورو.
وقد تأهلت الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا للسنة الثالثة لبطولة "روبوكاب" لكن بسبب نقص الموارد، لم تتمكن الجامعة من ارسال طلاب لاثبات طاقات باكستان في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويوضح رئيس قسم الروبوتات والذكاء الاصطناعي في الجامعة ياسر اياز لوكالة فرانس برس أن "حلمنا تحقق هذا العام عندما نجحت الجامعة في الحصول على 1,5 مليون روبية (13 الف يورو) كي يتوجه فريقنا الى المانيا".
ويعتبر اياز أن "هذا المبلغ لا يسمح في ارسال سوى ثلاثة الى عشرة طلاب مشاركين في المشروع، غير أن الجامعة لا تزال تأمل في الحصول على اموال اضافية، مضيفا "لسنا خائبين. هذا افضل من لا شيء".
- الآلة 1 - الرجل 0-
وقد اطلق الدوري الاول لكرة القدم للروبوتات سنة 1993 من جانب مجموعة من الباحثين اليابانيين.
ونظرا الى الاهتمام الذي اثارته المنافسة، تم توسيع المنافسة في وقت لاحق على الصعيد الدولي: فقد حصلت اول منافسة "روبوكاب" في اوساكا سنة 1996.
وثمة هدف طموح للغاية: "فبحلول اواسط القرن الحادي والعشرين، سيفوز فريق مؤلف بالكامل من اللاعبين الاليين المستقلي الحركة بشكل تام بمباراة في كرة القدم عن طريق اتباع القواعد الرسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم ضد الفائز في احدث منافسات كأس العالم".
لكن لا يزال هذا الهدف بعيد المنال. فحتى الساعة، لا تزال هذه الروبوتات تحرك بواسطة اجهزة كمبيوتر محمولة موضوعة في قاعة للمعلوماتية: اذ يبرمج الطلاب ابطالهم.
ولكل روبوت بارتفاع 58 سنتيمترا التا تصوير مثبتان على الوجه تقودان تحركاته.
ويوضح اياز أن "الكاميرتان ترسلان صورا لاجهزة الكمبيوتر الموضوعة في الداخل، ما يساعدها على اختيار الحركة الواجب القيام بها والتعرف على تحركات اللاعبين الآخرين".
وتتنقل الروبوتات على ملعب بطول ثلاثة امتار وعرض مترين كما تعدل وضعية قدميها بما يشبه لاعبي الغولف قبل تسديد ركلة قوية تؤدي الى دوران الكرة البلاستيكية البرتقالية.
وتقدم المباراة مناظر غريبة اذ انها مليئة بالاحتكاكات غير المتوقعة وبالشقلبات.
- "الروبوتات كأطفالي" -
ويسمح للبشر التدخل على نحو هامشي غير أن الروبوتات تتنقل بدفع ذاتي كامل وأداؤها يعتمد على الدقة التي تتم برمجتها فيها لانجاز مهمتها.
هذا العمل يتم انجازه بعناية كبيرة على يد الفريق الباكستاني.
ويوضح زين مرتضى قائد الفريق الحاصل على شهادة عليا والساعي لنيل شهادة دكتوراه أنه "عالم جديد بالكامل (...) اريد تعليم علم الروبوتات للطلاب وإظهار جمال التفاعل مع الروبوتات".
ويقول مبتسما "انها اطفالي".
ويعكس التقدم المسجل في باكستان على صعيد الذكاء الاصطناعي قدرات هذا البلد في مجال تكنولوجيا المعلومات: فهو يصدر خدماته خصوصا في مجال تطوير البرمجيات.
وكان لوجود يد عاملة رخيصة وطبقة وسطى متعلمة وناطقة بالانكليزية على اتصال جيد بالسوق الاميركي الشمالي، دور في السماح لهذا القطاع بالنمو مع 2,2 مليار دولار من الصادرات سنة 2014.
كذلك يمثل مجال الذكاء الاصطناعي الذي يشهد نموا كبيرا على المستوى العالمي، أحد الميادين الذي تشق النساء الباكستانيات فيه طريقا لهن على رغم حضورهن الضعيف عادة في قطاع الهندسة والتكنولوجيا المتطورة.
وتعتبر اسما اشفق احدى الفتيات الاربع اللواتي يضمهن الفريق المؤلف من عشرة مبرمجين للروبوتات اللاعبة لكرة القدم أن "ثمة الكثير من الفرص امامنا للابداع في قطاع الروبوتات اذا ما تابعنا دراساتنا العليا في هذا المجال".
أرسل تعليقك