في عام 2010 بدأت شركتا «مايكروسوفت» و«أبل» الأميركيتان محاولاتهما الرامية لتلمّس طريق جديد بعالم الحوسبة المحمولة والمتنقلة، من خلال الوصول إلى إطار واضح للعلاقة بين الحاسبات المحمولة الواسعة الانتشار، والحاسبات اللوحية البازغة التي تتسم بالخفة والعمل باللمس، وتتوافق أكثر مع متطلبات السرعة والعمل أثناء التنقل، حيث سارت تلك المحاولات في طريقين، الأول استهدف إكساب الحاسبات المحمولة خصائص اللوحية، فيما سعى الآخر إلى تحويل الحاسبات اللوحية الى أداة إنتاجية كاملة القدرات كـ«المحمولة» تماماً.
لكن بدا واضحاً، أخيراً، أن الشركتين انتصرتا للطريق الثاني كخيار مستقبلي طويل الأجل، يصل في النهاية الى حاسبات لوحية عالية القدرات، تقترب ثم تتساوى ومن ثم تتفوق على الحاسبات المحمولة وتحل محلها. وكانت الخطوة التنفيذية الأولى بهذا الاتجاه، طرح «أبل» جهاز «آي باد برو» اللوحي الذي يعمل بنظام تشغيل جديد مستقل هو «آي باد أو إس»، وطرح «مايكروسوفت» جهاز «سيرفس برو 6» اللوحي الذي يعمل بنسخة كاملة المواصفات من نظم تشغيل «ويندوز 10» على معالجات «كوالكوم سناب دراغون» و«إيه آر إم».
مراجعات مقارنة
هذه النتيجة خلص إليها محللون في مؤسسة «غارتنر» الدولية للبحوث والاستشارات في تقنية المعلومات، ومحللو شبكة «زد دي نت» المتخصصة في التقنية، بعد مراجعات مقارنة لمواصفات وقدرات كل من جهازي «آي باد برو» و«سيرفس برو 6» من جهة، وحاسبات «أبل» المحمولة، وفي مقدمتها «ماك برو» وبعض طرز الحاسبات المحمولة العاملة بنظم تشغيل «ويندوز»، سواء من فئة «سيرفس» أو المنتجة بمعرفة شركات أخرى من جهة ثانية.
وانتهت مراجعات المقارنة تلك إلى أن كلاً من «أبل» و«مايكروسوفت» قررتا المضي قدماً نحو تحويل الحاسبات اللوحية الى أجهزة إنتاجية أساسية كاملة القدرات.
«علامة الحسم»
اقرأ ايضاً :
"جاجوار لاند روڤر" تطور تكنولوجيا ذكية قادرة علي قراءة تعابير الوجه لتحسين مزاج السائق
ووفقاً للمحللين، فإن موقف الشركتين من الإصدارات الجديدة لنظم التشغيل تمثل «علامة الحسم» في اختيار الاتجاه الجديد، حيث إنه بالنسبة لـ«أبل» تجلى ذلك واضحاً في نظام التشغيل الجديد الذي كشفت عنه خلال مؤتمرها الأخير للمطورين، الأسبوع الماضي، والذي أطلقت عليه «آي باد أو إس»، والذي جاء نظاماً مستقلاً مخصصاً لأجهزة «آي باد» فقط، بعيداً تماماً عن المحاكاة أو الاندماج مع نظام تشغيل «ماك أو إس» المستخدم مع الحاسبات المحمولة، وأيضاً نظام تشغيل «آي أو إس» المستخدم مع هواتف «آي فون»، وكان مستخدماً من قبل مع أجهزة «آي باد».
وتضمن نظام التشغيل الجديد إضافات وتغييرات جوهرية، تتمحور جميعها حول رفع قدرات «آي باد» كحاسب لوحي، وجعله قادراً على العمل كأداة إنتاجية كاملة، ومنها العمل مع الفأرة أو أداة تحريك سهم الإشارة، بما يتيح للمستخدم خياراً إضافياً في التعامل مع الجهاز بدلاً من الاقتصار على خيار التمرير والمسح واللمس على الشاشة، وكذلك إضافة خاصية التعامل مع وحدات التخزين الخارجية، وإضافة مجموعة موسعة من أدوات إدارة الملفات المحلية، وفي مقدمتها خاصية البحث عن الملفات، مع خاصية دعم التطبيقات المصغّرة على الشاشة الرئيسة، فضلاً عن القدرة على فصل بيانات العمل عن البيانات الشخصية.
«إيه آر إم»
أما جهاز «سيرفس برو 6» من «مايكروسوفت»، فجرى تزويده بنسخة من نظام تشغيل «ويندوز 10» آخر تحديث، ليعمل بكامل طاقته على معالجات من خارج معالجات «إنتل» و«إيه إم دي» التقليدية، المستندة للبنية الهيكلية المعمارية المعتاد العمل عليها في الحاسبات المكتبية والمحمولة خلال العقود الخمسة الماضية، والمعروفة ببنية «إكس 86».
وبات يعمل كاملاً على المعالجات المبنية على البنية الهيكلية المعيارية المعروفة باسم «إيه آر إم»، التي تنتجها شركة «كوالكوم» بصفة أساسية، ومخصصة بالأساس للأجهزة المتنقلة. وأهم ميزة حققتها هذه النسخة من «ويندوز» أنها تسمح بتشغيل تطبيقات «ويندوز» الأساسية التاريخية، وأبرزها حزمة «أوفيس المكتبية» بكامل مكوناتها.
وإلى جانب أنظمة التشغيل، تشارك «آي باد برو» و«سيرفس برو 6» في كونهما يستخدمان شاشات بمقاسات متقاربة تدور حول 12 و13 بوصة، ولوحات مفاتيح ذكية افتراضية من النوع الذي يعمل بالغطاء الذكي، وبالتالي تم الاستغناء عن التصميم الراسخ والواسع الانتشار للحاسبات المحمولة، القائم على فكرة الغطاء الذي يتم فتحه وإغلاقه كالصدفة، ليصبح الحاسب قطعة واحدة ملساء تقوم بكل وظائف الشاشة والحاسب معاً.
سبب التوجّه
أوضحت مؤسسة «غارتنر» للبحوث والاستشارات في تقنية المعلومات، وشبكة «زد دي نت» المتخصصة في التقنية، أن السبب الذي دعا كل من شركتي «مايكروسوفت» و«أبل» للأخذ بخيار تحويل الحاسبات اللوحية إلى حاسبات بقدرات الحاسبات المحمولة، يتمثل في أن الجهد المطلوب لجعل الحاسبات المحمولة تكتسب خصائص الحاسبات اللوحية، أكبر كثيراً جداً من الجهد المطلوب لرفع قدرات الحاسبات اللوحية والوصول بها إلى مستوى الحاسبات المحمولة، خصوصاً في ما يتعلق بالجهد المطلوب لتحويل أنظمة التشغيل والتطبيقات التي يحتاج الكثير منها لإعادة كتابة من الصفر.
وفي النهاية فإن «آي باد برو» و«سيرفس برو 6» يعتبران خطوة نحو انتقال كامل إلى الحاسبات اللوحية كمستقبل للحوسبة المتنقلة، ليس فقط لدى «أبل» و«مايكروسوفت»، بل ولدى الشركات المصنعة الأخرى التي ستحذو حذوهما في نهاية المطاف.
قد يهمك ايضاً :
"غوغل"تضع قواعد جديدة لمطوري إضافات كروم لمنع الحصول على بياناتك
جامعة "تسينغهوا الوطنية" الصينية تمنح ولي عهد أبوظبي شهادة "بروفيسور فخرية"
أرسل تعليقك