دمشق ـ وكالات
يسعى مثقفون سوريون فى أحدث إصدارات مجلة (دمشق) لوضع ملامح لمستقبل بلدهم الذى يشهد انتفاضة منذ 28 شهرا ضد نظام الرئيس بشار الأسد، محذرين من إعادة إنتاج تحالف للدكتاتورية العسكرية الدينية.
فيقول المفكر صادق جلال العظم فى العدد الجديد من المجلة إن "أسوأ ما يمكن أن يحدث لسوريا الجديدة أن تقع مرة أخرى فريسة لدكتاتورية عسكرية مغلفة بالتعصب الدينى" مسجلا وجود "حالة إنكار ظاهرى للبعد الطائفى فى الثورة السورية" ولكنه يرجح عودة سوريا بعد رحيل الأسد إلى "مزاج التدين الشعبى العفوى والتلقائى والسمح" الذى يرى أنه كان من ميزات سوريا المعاصرة.
ويضيف فى دراسة عنوانها (الربيع العربى والإسلام السياسى) أن من إنجازات الربيع العربى عودة الناس إلى السياسة وعودة السياسة إلى الناس بعد طول اغتراب إضافة إلى "الهزيمة الكاملة والنهائية لفكرة إنشاء سلالات حاكمة" فى كل من مصر واليمن وليبيا التى شهدت انتفاضات شعبية عام 2011.
ويصف فترة حكم الرئيس المصرى المعزول محمد مرسى بأنها "مفهوم ناقص ومشوه للديمقراطية" استندت إلى ما يصفه مراقبون بعدم كفاية صندوق الانتخابات فى حد ذاته. ويصف العظم المظاهرات الحاشدة ضد حكم مرسى فى 30 يونيه بأنها "هبة بينت للعالم كله أن مصر اليوم ليست مجرد إخوان وسلفيين وجهاديين بل هى مجتمع مدنى ديناميكى متحرك وفاعل وصاحب موقف أرى فى مصر اليوم محاولة لإعادة تأهيل إسلام الدولة الرسمى مجددا ومعدلا".
ويقول الشاعر نورى الجراح رئيس تحرير المجلة إن "الثورة المصرية تصحح مسارها وميادين مصر تعيد إلى النشيد الأول لحنه العميق ويلتحم جيش مصر بشعبها" الذى يراه تواقا إلى الحرية رافضا الدخول فى حرب أهلية داعيا الثورة السورية "فى ظل هذا المشهد المصرى الجديد إلى أن تتفكر بذاتها كثيرا بلحظتها الدامية وبالمستقبل الذى تنشده لسوريا والسوريين بعيدا عن أوهام الدولة الدينية".
أما إبراهيم الجبين مدير تحرير المجلة فيكتب تحت عنوان "مصر تخلى سبيل الإخوان"، قائلا إن "مصر الكبيرة التى صدرت للعالم قيما ثقافية وحضارية خالدة" خرجت من تجربة حكم الإخوان قوية فى حين تعرض الإخوان إلى "نكبة" تثبت أن التجمعات التى تعتمد "على أطر مغلقة لا بد وأن تصل إلى طرق مغلقة مسدودة فى نهاية الأمر"، مشددا على أن ما يسميه زمن الحرية لم يعد يسمح بتنميط المجتمع.
ومجلة "دمشق" شهرية أدبية فكرية وتصدرها مؤسسة دمشق للدراسات والنشر فى لندن وتحمل شعار (أرض الحرية وسماء الخيال) ويعلو اسمها شطرة من بيت لأمير الشعراء أحمد شوقى يقول فيها "وعز الشرق أوله دمشق"، والعدد الجديد المزدوج (الرابع والخامس) يقع فى 424 صفحة كبيرة القطع يصدر غدا الاثنين فى القاهرة.
وتخصص المجلة ملفا عنوانه "الفلسطينيون السوريون والثورة السورية" يسجل الجراج فى مقدمته مساندة الفلسطينيين السوريين للانتفاضة السورية، وأنهم "انخرطوا فيها بوصفها انتفاضتهم ضد نظام جائر استغل قضيتهم الوطنية على مدى 40 عاما أبشع استغلال"، مضيفا أن الملف الفلسطينى فى الثورة السورية ظل مسكوتا عنه طوال الفترة الماضية.
والملف الذى أعده الباحث الفلسطينى يوسف فخر الدين يضم مقالات وشهادات وتقارير وشارك فيه اللبنانى زياد ماجد والفلسطينيون ماجد كيالى وأنيس محسن وسلامة كيلة وإياد عاطف حياتله وراشد عيسى وسعيد أبو السعود ويوسف زيدان وفايز أبو عون والسوريون مفيد نجم وحسام شحادة وعلاء عبود وحسام موصلى وبراء موسى ووجد شعلان وغازى دحمان وأحمد عيساوى وحسان شمس ومحمد على الأتاسى وراتب شعبو وصبحى حديدى وفرج بيرقدار.
ويقول الفلسطينى مهند عبد الحميد فى مقال عنوانه (نظام الأسد والانتهاك المتواصل للقضية الفلسطينية) إن النظام السورى الذى رفض "بشكل سافر التحول إلى نظام ديمقراطى" ينتهج استراتيجية الممانعة أو اللا سلم واللا حرب وخطاب العداء لإسرائيل "لدغدغة مشاعر الشعب الفلسطينى"، منتقدا مواقف بعض قوى اليسار الفلسطينى التى تبرر مواقف السلطة فى دمشق.
ويتساءل "أى يسار هذا الذى يلتحق ببرجوازية تابعة ومسعورة ودموية؟ إنه اليسار الذى أجبرته الثورة السورية على إعلان إفلاسه الأخلاقى والسياسى والاجتماعى".
وفى الملف نفسه يكتب الفلسطينى معن البيارى تحت عنوان (أرشيف المرارات الفلسطينيون ينتصرون للشعب السورى) فى انتفاضته ضد الأسد، قائلا إن مواقف الفلسطينيين الرافضة للنظام السورى تنطلق مما يراه بديهية "لنصرة الشعب السورى العظيم فى أشواقه إلى التحرر من النظام الذى يحتل بلده".
ويقول البيارى إن من بين ضحايا نظام الأسد خلال الانتفاضة 851 فلسطينيا "سقطوا برصاص النظام الذى يغتصب السلطة فى الشام" منهم 422 فى دمشق و179 فى ريفها و31 فى حمص و37 فى حلب و93 فى درعا داعيا إلى حماية "اسم كل شهيد من هؤلاء".
ويسجل السورى أنور بدر أن فى بلاده 13 مخيما للاجئين الفلسطينيين تعترف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعشرة منها فقط وعدد اللاجئين المعترف بهم 600 ألف لاجئ، فى حين لا تعترف الأونروا بثلاثة مخيمات هى مخيم حندرات فى حلب ومخيم الرمل الشمالى فى اللاذقية ومخيم اليرموك فى دمشق "أكبر تجمع سكانى لفلسطينيى سوريا" ويعيش فيه أكثر من 145 ألف لاجئ.
ويسجل أيضا أن "أول الشهداء الفلسطينيين" سقط يوم 23 مارس 2011 فى درعا الجنوبية مهد الانتفاضة "برصاص قوات النظام حين كان يساهم بنقل اثنين من الجرحى السوريين" إلى المستشفى.
أرسل تعليقك