البحر الأحمر - أحمد عبد الرحمن
احتفلت الطرق الصوفية ومحبو ورواد أبي الحسن الشاذلي بالليلة الختامية لمولده بمشاركة الآلاف من المنتمين للطرق الصوفية والشاذلية، ومن المصريين والعرب وقبائل العبابدة والبشارية في الصحراء الشرقية بالقرب من ضريحه ومسجده المقام في صحراء وادي حميثرة في قرية أبي الحسن الشاذلي (150 كيلو جنوب غربي مدينة مرسى علم في محافظة البحر الأحمر)، واصطفت المئات من السيارات التي تحمل الزائرين من الرجال والسيدات والأطفال من مختلف الأعمار، ومعهم أطعمة ومياه تكفيهم خلال مدة الزيارة، وحملت السيارات مكبّرات الصوت لإذاعة الابتهالات والأناشيد الدينية، وتَعتبر إحدى الطرق الصوفية أن الرحلة فى المقام الأول دينية يغسل بها الصوفيون أنفسهم من دنس الدنيا وهمومها.
وقامت الأجهزة الأمنية والتنفيذية باتخاذ الإجراءات كافة لتأمين الاحتفال بتشكيل غرفة عمليات لمتابعة الاحتفالات، وتوفير الخدمات كافة اللازمة للزوار من مياه ورعاية طبية وخدمات مختلفة.
وشهدت بوابات الدخول إجراءات أمنية مشدّدة، وشهدت منطقة الاحتفال وأماكن وجود الزائرين إقامة مئات من الخيام وساحات الذكر والمواعظ الدينية والدروس الدينية والابتهالات، وتجهيز مناطق ذبح الأضاحي لتوزيعها على المقيمين في التجمعات البدوية القريبة من منطقة الاحتفال واطعام الفقرا.
ويوجد 45 ساحة في محيط مسجد أبي السحن الشاذلي أشهرها الشيخ ابو الحسن الشاذلي والشيخ سالم والحاجة ذكية.
وفي الليلة الأخيرة للمولد توافدت الطرق الصوفية حاملة الأعلام الخاصة بها، منها لطريقة الرفاعية وطريقة عبدالقادر الجيلاني واحمد البدوي وابراهيم الدسوقي والطريقة السعدية والطريقة الرفاعية، وكل طريقة منهم لها طقوس مخلفة في الاحتفال.
وتضمن الاحتفال المبيت بالقرب من المقام والصعود لأعلى جبل حميثرة، والثلاثاء، ادى مريدو الشاذلي صلاة العيد وذبحوا الاضاحي، وبدأ الالاف في المغادرة بعد القاء التحية الى القطب الصوفي لحين عودتهم اليه مرة اخرى العام المقبل ان كان في العمر بقية.
وأكد احد مشايخ الصوفية أن الاحتفال في هذا التوقيت من أجل القطب الصوفي أبي الحسن الشاذلي الذي كان متوجهًا للحج في العام 656 هجرية عبر طريق الحجاج القديم عبر صحراء "عيذاب" في جبل "حميثرة"، مشيرًا إلى أن القطب الصوفي مرض فجمع مرافقيه ومنهم تلميذه أبو العباس المرسي القطب السكندري، وترك لهم وصيته، وتوفي صباح اليوم السادس من شوال، وهي الذكرى التي يحييها الملايين من عشاقه ومحبيه بالسفر إلى صحراء البحر الأحمر في رحلة شاقة سنويًا، مصطحبين أضحيتهم من الخرفان والماعز.
وانتهت الاحتفالات مع تكبيرات صلاة عيد الأضحى المبارك، ووسط طقوس شعبية يغلب عليها الطابع الديني والفلكلوري، الذي اعتاد عليه المصريون في احتفالهم بموالد أوليائهم وقديسيهم.
وتقوم سيارات كبيرة بنقل عشرات الأسر التي تضم الرجال والنساء والأطفال يفترشون أسطحها ومعهم هديهم وطعامهم، ويعلو كابينة القيادة مكبّر صوت يُردّد التواشيح والأغاني الدينية في شكل مهرجان ديني كبير.
تعلم أبو الحسن على يد شيخه عبد السلام بن مشبش (635ه/1228م) في المغرب، وولد أبو الحسن الشاذلي في أواخر القرن السادس الهجري ( 593ه/1196م) في غماره بالقرب من مدينة سبتة في المغرب، وتلقى تعليمه الأوليّ وحفظ القرآن في غمارة، ثم أراد أن يستزيد من العلم فرحل إلى تونس، وفيها بدأ الدراسة العلمية وسلك طريق التصوف، إلى أن أذن له شيخه وأستاذه عبدالسلام بن مشبش في أن يرشد غيره، فاتجه إلى شاذلة وهي قرية في تونس، ومنها وفد إلى مصر التي أحسنت استقباله، واحرز فيها درجة في المقامات والأحوال، واعتُبر من أهم أقطاب الصوفية في مصر.
وفي طريقه إلى الحج مع مريديه تُوفي الشاذلي، ودُفن في وادي حميثرة في البحر الأحمر، ومن يومها أصبح ضريحه مزارًا و ملجأً، للمتصوفة والباحثين عن الهدوء والتأمل ووسيلة يجد فيها المتشوقون للحج ما يعينهم على الصبر حتى يأذن الله لهم بساعة يطوفون فيها حول بيته الحرام، ويزورون قبر الرسول عليه الصلاة والسلام.
أرسل تعليقك