يحتفل "الفيروزيون" أو كما يحلو لعشاق الفنّانة اللبنانية الكبيرة فيروز على امتداد العالم العربي تسمية أنفسهم، بعيد ميلادها الـ85، وأشعلوا "تويتر" حبا بتغريداتهم تحت وسم "عيد الدني"، احتفاء بمولد السيدة التي أفاضت الدفء على صباحاتهم، وكانت، وما زالت شريكة ذكرياتهم بحلوها ومرّها، وأكثر ما استعادوه، اقتباساً من أغنياتها بهذه المناسبة؛ "من يومها صار القمر أكبر"، و"سألونا وين كنتو؟ وليش ماكبرتو انتو! بنقلون نسينا.."، و"كل سنة بحبك أكتر من سنة".
وعلى الحساب الرسمي لفيروز على "تويتر"، هنّأتها ابنتها ريما الرحباني بعيد ميلادها، قائلةَ: "معقولة الحُب يضَلْ بهَالحُبْ!! منّي ومن زياد وليال وهلي وأبي.. لأمّي ووَطَني كل الحُبْ... عَ كل هالحُب وعَ الضِحكة من قلبِك! يخليلنا قلبِك.."
ولطالما اعتبرت "السيدة فيروز"، رمزاً لوحدة لبنان، الذي أنشدت حبها له بـ"شماله وجنوبه وسهله وجبله"، "جبلاً للغيم للأزرق"، و"وطناً للحرية"، لم تنحز يوما لأي من الفرقاء السياسيين، وطالما نأت بنفسها عن حروبهم، لتكون سفيرة اللبنانيين إلى النجوم، حملت صوتهم وحنينهم لوطنٍ مشتهى، وجمعت شملهم لأجيال على امتداد أصقاع الأرض، حتى آخر صلاة أطلقتها لمناسبة عيد الفصح الفائت وسط قيود التباعد الاجتماعي التي فرضتها أزمة كورونا.
ووصفت الفنانة نبيلة عبيد، الفنانة اللبنانية فيروز في عيد ميلادها الـ85، بأنَّها سيدة الأغنية، وذلك في تدوينة لها عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي هنأت فيها جارة القمر بعيد ميلادها، وكتبت، عبر حسابها على موقع إنستغرام، رسالة تهنئة للفنانة اللبنانية جارة القمر فيروز، قائلة: "الشمس تشرق مع أغانيكِ، والقمر ساكن في عينيكِ"، واستطردت "لقلبك الحب والفرح، كل عام وأنتِ سيدة الأغنية، كل سنة وأنتِ فيروز الفرح والعطاء".
معلومات عن حياتها
بدأت فيروز مسيرتها الفنيّة مبكراً في عام 1935م، عندما عملت كمغنيّة كورس في الإذاعة اللبنانيّة، واكتشف صوتها الموسيقار محمد فليفل، وضمها إلى فريق الإنشاد الوطني، وكان حليم الرومي مدير الإذاعة هو من ألف أغانيها، وانطلقت مسيرتها الفنيّة بشكل جدي عام 1952م عندما غنت بألحان الموسيقار عاصي الرحباني الذي تزوجها فيما بعد، وشكلت هذه الفترة مرحلة موسيقيّة جديدة في الموسيقى العربيّة عندما عملت مع الأخوين رحباني، ومزجت في هذه المرحلة بين النمط الغربي والشرقي والألوان اللبنانية.
وقدمت فيروز، أغانيَ قصيرة حينما كانت الأغاني الطويلة هي النمط الدارج، وتنوعت المواضيع التي غنت لها إذ غنت للحب، وللأطفال، وللقدس، وللحزن، والفرح، والأم وللوطن، كما غنت للعديد من الشعراء، والملحنين، والملوك، والرؤساء، والعديد من المهرجانات الكبيرة في العالم العربي، وأطلق عليها الجمهور أكثر من لقب ومن بينها لقب "سفيرتنا إلى النجوم" الذي أطلقه عليها الشاعر سعيد عقل إشارة إلى رقي صوتها وتميّزه، و"جارة القمر"، و"عصفور الشرق"، وغيرها من الألقاب، ومن أهم أعمالها المسرحية: "جسر القمر، والليل والقنديل، وبياع الخواتم، وأيام فخر الدين، وهالة والملك"، ومن أجمل ما غنت بالقصائد: "خذني بعينيك، والآن الآن وليس غداً، وزهرة المدائن، وأعطني الناي وغني، وأحب من الأسماء، ولما بدا يتثنى"، ومن الأغاني الوطنيّة: "بحبك يا لبنان، ويا حريّة، وأنا لا أنساك فلسطينُ، والقدس العتيقة، ويا هوى بيروت".
وقالت فيروز في تصريحات تليفزيونية إنها قليلة الكلام وتعبر عن حبها لكل شىء بفنها لأنها لا تستطيع التعبير عنه بعواطفها، وتابعت في تصريحات تليفزيونية، أن زوجها عاصي الرحباني إنسان كبير وعظيم وفنان قدير والكلام عنه لن يوفيه حقه "مش هقدر أعدد صفاته".
وأوضحت فيروز، في لقاء تليفزيوني: "توظفت في الإذاعة، وكانت فترتي قصيرة فيها، وكنت إنسانة فقيرة في بدايتي الفنية، وأنا أبسط الناس ومش بهتم بنفسي أكتر ما بهتم بالناس"، وقالت فيروز، في لقاء نادر لها، إن الإيمان ساعدها كثيرا في مشوارها الفني، وكان الملجأ الوحيد لها ورفيق كل الأوقات سواء الصعبة أو الحلوة، مؤكدة أنها إنسانة شديدة الإيمان بالله.
وأضافت فيروز أنه لم يضايقها أي ألقاب خرجت عنها، مشيرة إلى أن كل الألقاب التي سمعتها حلوة وخاصة ونابعة عن حب الناس لها، وأشارت فيروز في تصريحات تليفزيونية، سبب عدم تركها لبنان والرحيل لبلد آخر: "مش بقدر على ترك لبنان، لأن عمري ما حسيت بده، وعمري ما فكرت في الرحيل، لأننا مش مضطرين نعيش الخوف".
موهبة طاغية
موهبة فيروز الطاغية، ساعدتها فى أن تدخل عالم الغناء، فى سن السادسة، ولفتت أنظار حليم الرومى، الذى أطلق عليها اسم فيروز، ولحن لها بعض الأغنيات بعد أن رأى فيها موهبة كبيرة، وتعددت مواهبها فلم تقتصر على الغناء فقط، بل شاركت فى عدد من المسرحيات الناجحة، منها: جسر القمر، الليل والقنديل، المحطة، صح النوم، هالة والملك، كما شاركت فى أفلام: بنت الحارس، سفر برلك، بياع الخواتم.
وكانت انطلاقة فيروز الجدية، إلى عالم الشهرة فى عام 1952، عندما بدأت الغناء بألحان الموسيقار عاصي الرحباني، الذي تزوجت منه بعد هذا التاريخ بـ3 سنوات، وأنجبت منه 4 أطفال.
صراعات آل الرحباني
تعاون فيروز مع آل الرحباني "عاصي ومنصور" شكل حالة فنية فريدة، أحدثت، ثورة في الموسيقى العربية، حيث تميزت أغنياتها بقصر المدة، وقوة المعنى، بخلاف الأغاني العربية السائدة في ذلك الحين التي كانت طولية في الوقت، إلا أن هذا التعاون لم يستمر طويلًا، ونشبت بينهما خلافات أدت إلى غضب كبير بين محبي الفنانة على مستوى العالم العربي، بعدما حاول "آل الرحباني" منع فيروز من الغناء، ومن إعادة مسرحية "يعيش يعيش".
وتفاقمت الأمور، مع نشوب خصومة شديدة مع ابن الفنانة "زياد الرحباني" عقب تعاون مشترك بينهما استمر 4 عقود، وأثمر عن تأليف 40 أغنية وتلحين أكثر من 55 أخرى، وتعود ذروة الخلافات ما بين زياد ووالدته وشقيقته ريما إلى عام 2013، عندما قال زياد في تصريحات صحافية إن والدته معجبة بتصرفات حسن نصر الله، أمين عام حزب الله اللبناني، ليحدث حالة من الجدل الشديد داخل المجتمع اللبناني، الأمر الذي أغضب والدته منه، وأدى إلى حدوث قطيعة بينهما لسنوات.
فيروز والأوطان
حرصت فيروز على تقديم الأغنيات الوطنية، وخصوصًا للبنان، التي تعتز بالانتماء إليه، وظهر ذلك جليًا في الأزمة الأخيرة التي عاشها لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت، وأكدت مقابلتها مع الرئيس الفرنسي ماكرون خلال الأشهر الماضية ذلك.
وحظيت القضية الفلسطينية باهتمام بالغ في قلب فيروز، فقدمت 8 أغنيات في ألبوم "القدس في البال" الذي نجح في الانتشار بشكل واسع في العالم العربي وحظي بإشادة كبيرة آنذاك.
قد يهمك أيضًا
فنانون يرفضون الخوض في أسرارهم الخاصة ويعتبرونها "خط أحمر"
طرح أغنية جديدة تجمع آمال ماهر وعمرودياب في الفترة المقبلة
أرسل تعليقك