القدس المحتلة -البحرين اليوم
وجّه مسؤولون دوليون ودبلوماسيون رفيعو المستوى عبر العالم رسائل تضمّنت «تحذيرات أخيرة» لإسرائيل، بشأن خطورة مضيها في عمليات ضمّ أراضٍ فلسطينية محتلة في القدس والضفة الغربية، في «انتهاك هو الأخطر للقانون الدولي»، وفقاً لما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش. فيما رأى وزراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن الخطوة تشكل «تهديداً وجودياً» لحلّ الدولتين. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن البديل عنه سيكون «حلّ الدولة الواحدة» بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ووردت هذه التحذيرات خلال الجلسة الشهرية التي عقدها مجلس الأمن عبر الفيديو، الأربعاء، تحت بند «الحالة في الشرق الأوسط، بما فيها المسألة الفلسطينية»، وتقررت هذا الشهر أن تكون رفيعة، على المستوى الوزاري، بطلب من المجموعة العربية، بغية مناقشة مخططات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضمّ الأراضي، اعتباراً من الأول من يوليو (تموز) المقبل استناداً إلى خطة السلام الأميركية، التي «يرفضها العرب، ويعتبرها كثيرون مخالفة بشكل صارخ لقرار مجلس الأمن رقم 2334»، وفقاً لما قاله دبلوماسي عربي في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أنه «على رغم أنه لن تنتج عن الجلسة أي قرارات، فإنها ستوجه رسالة تحذير أخيرة من كل هذه القيادات رفيعة المستوى، أي من 14 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس، مقابل دولة واحدة هي الولايات المتحدة، بشأن الآثار المدمرة لعملية الضمّ على حلّ الدولتين وعلى فرص تحقيق السلام في المنطقة».
وفي بداية الجلسة، التي انعقدت عبر الفيديو، قال غوتيريش: «أخاطبكم اليوم مع إحساس بقلق بالغ من الوضع المتطور في إسرائيل وفلسطين»، معتبراً أنه هذه «لحظة فاصلة». وأوضح أن «تهديد إسرائيل بضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة أثار قلق الفلسطينيين، وكثير من الإسرائيليين، والمجتمع الدولي الأوسع»، محذراً من أنه «إذا نفذ، فإن الضمّ يشكل انتهاكاً هو الأخطر للقانون الدولي، ويضرّ بشدة بآفاق حلّ الدولتين ويقوض احتمالات تجديد المفاوضات». ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى «التخلي عن خطط الضم». واعتبر أن «القرار الفلسطيني الأخير بالتوقف عن قبول عائدات المقاصة التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية، يخاطر بزيادة معاناة الشعب الفلسطيني». وأكد أنه سيواصل اتخاذ مواقف «ضد أي خطوات أحادية من شأنها أن تقوض السلام وفرص حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، من خلال مفاوضات هادفة». وشجّع الأطراف الإقليمية والدولية المؤيدة لحل الدولتين على «المساعدة»، داعياً أعضاء اللجنة الرباعية إلى «تولي دور الوساطة» من أجل «إيجاد إطار مقبول للطرفين لإعادة انخراط الطرفين، من دون شروط مسبقة، معنا ومع دول رئيسية أخرى».
وكرّر المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، التحذيرات التي أوردها الأمين العام في أحدث تقرير له عن القرار 2334. فقال إن اعتزام الحكومة الإسرائيلية ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة «يثير قلقي الشديد»، لأنه «سينسف حل الدولتين، ويهدد المساعي الهادفة إلى إحراز تقدم على درب السلام في المنطقة». وإذ طالب إسرائيل بـ«التخلي عن خططها للضم» لأن «من شأنها أن تسد الطريق فعلياً أمام استئناف المفاوضات، وتنسف فرصة قيام دولة فلسطينية لها مقومات البقاء»، كرّر أن المستوطنات «ليست لها أي شرعية بحكم القانون، وهي تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي». وعبّر عن «بالغ القلق إزاء استمرار أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية»، مطالباً إسرائيل بـ«ضمان سلامة وأمن السكان الفلسطينيين، والتحقيق مع مرتكبي الهجمات ومحاسبتهم».
واستهل الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، كلمته، بالتذكير بأنه «منذ عام 1993، اختار الفلسطينيون طريق السلام والتعايش»، إذ وقّعوا اتفاقات موقتة مع إسرائيل «أملاً في أن تمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط عام 1967 و عاصمتها القدس الشرقية». غير أن إسرائيل اعتمدت «توسيع النشاط الاستيطاني»، و«ترسيخ منطق الاحتلال الدائم والمصادرة». وقال: «إذا نفذت، فإن خطط الضم الإسرائيلية لن تضر فقط بعملية السلام اليوم، ولكنها ستدمر أيضاً أي احتمالات للسلام في المستقبل». وحذّر من أنه «إذا أزيل حل الدولتين عن الطاولة، فسيحل مكانه حل الدولة الواحدة».
وتكلم وزير الدولة البريطاني لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، جيمس كلافرلي، الذي عبر عن «القلق والإحباط بسبب عدم إحراز تقدم نحو حل الدولتين»، مذكراً بأنه «في عام 1947، مع نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين، أكدت الجمعية العامة وجهة نظر المجتمع الدولي بشأن الحاجة إلى التقسيم لدولتين». وقال إنه «في عام 1993، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، وقبلت بخطوط 1967 أساساً للحدود المستقبلية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية»، مضيفاً أن «خطط إسرائيل لضمّ أجزاء من الضفة الغربية تشكل تهديداً كبيراً ووجودياً لعملية السلام». ورأى أن «الضم يشير إلى رفض إسرائيل للحل ذاته الذي وافقت عليه إسرائيل والمجتمع الدولي عام 1947»، محذراً من أن «مثل هذه الخطوة تنطوي على إمكان إثارة عدم الاستقرار الإقليمي، ما يهدد أمن إسرائيل نفسها».
واعتبرت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، أن الرئيس دونالد ترمب «كرّس كثيراً من الوقت والطاقة لتطوير رؤية السلام»، قائلة إن هذه الرؤية «مصممة لقيادة الجانبين إلى حلّ واقعي قائم على دولتين».
وعبّرت عن اعتقادها أن «التفكير الجريء فقط في هذا المنعطف - على النحو المبين في رؤية السلام - سيكون في نهاية المطاف لصالح الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني»، طالبة من المجتمع الدولي والقيادة الفلسطينية «عدم استبعاد رؤيتنا بشكل مباشر والعودة إلى التصريحات والحجج السابقة التي لم تؤدِ إلى سلام حقيقي». وتساءلت: «هل الرجوع إلى نقاط الحديث القديمة هو أفضل ما يمكننا القيام به كمجتمع دولي؟».
إلى ذلك, أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الأربعاء، أن قرار ضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة «يرجع للإسرائيليين»، ملمحاً بذلك إلى أن الولايات المتحدة تمنح الضوء الأخضر لإسرائيل للشروع بالضم.
قد يهمك ايضا
فلسطين ترحب بموقف الجنائية الدولية من قرار إسرائيل ضم أراض في الضفة الغربية
بيني غانتس وأشكنازي يتحفظان على ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيلي
أرسل تعليقك