حددت وكالة "أسوشييتيد برس" الحوادث التي يتعرض لها عمال السينما على جانبي الكاميرا منذ عام 1990 حيث لقي ما لا يقل عن 43 شخصًا حتفهم في الولايات المتحدة بينما وجد أن 150 شخص عانوا من إصابات مستديمة لتظل معهم طوال حياتهم، وتم تحصيل هذه الأرقام من خلال تمشيط البيانات من مكان العمل ومعدلات تحقيق السلامة في الطيران وسجلات المحاكم والأخبار، وهذه الأرقام لم تروي القصص كاملة: وقد عثرت الوكالة على عدة حالات بها حوادث كبرى لم تنعكس في سجلات التحقيقات ولم تظهر في قاعدة بيانات إدارة السلامة والصحة المهنية لمعظم الحوادث الخطيرة التي وقعت، بالإضافة إلى المفقودين من قاعدة البيانات بعد وقوع عدة جوادث مميتة في الولايات المتحدة خارج مراكز الإنتاج التقليدية في كاليفورنيا ونيويورك.
وتعد الحادثة الأكثر وضوحًا في عام 1993 هي وفاة الممثل براندون إثر إطلاق النار عليه أثناء تصوير فيلم "الغراب" وغفل المسؤولون في ولاية كارولينا الشمالية رغم وجود نحو 1500 صفحة من التحقيقات بشأن وفاته وحمّل المتحدث باسم الوكالة اللوم على أنه خطأ كتابي.
وأوضحت الوكالة أنه مع تمرير المئات من الأسماء على الشاشة بعد رواد السينما "المنتقمون" في عام 2012 والذين بقوا في مقاعدهم لتذوق العلاج القادم في الكون الخارق لمارفل الذي لم يعرف أي من الأسامي المفقودة وان جون ساتل وهو سائق الشاحنة الذي مات ومساعدته في جلب 1.5 مليار دولار إلى المسارح، وكل عام يتم تشويه العمال على جانبي الكاميرا أو يتعرضون لحرق أو كسر في العظام أم حتى الموت سعيًا وراء تقديم وسائل الترفيه على شاشات السينما او التليفزيون، ولا تأتي الإصابات فقط من المخاطر الواضحة مثل الأعمال المثيرة والمتفجرات لكن من الوقوع من أعلى السلالم والإطاحة بالمعدات والآلات دون حراس الأمن وحتى الآن في مجال الصناعة حيث كل شيء مدون تقريبًا ويتم إخفاء الحوادث إلى حد كبير وعادة ما وصلت العواقب إلى مجرد دفع الآلاف من الدولارات كغرامات من ضمن ميزانيات تتكلف الملايين من الدولارات.
ولقي نحو 37 شخص حتفهم في حوادث التصوير منذ عام 2000 بما في ذلك مقتل عامل في 26 أغسطس في بودابست أثناء تصوير "بلايد رانر" وغرق نحو شخصين في الهند في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وأصيب المزيد بإصابات خطيرة ولا توجد بيانات مجمعة بشأن حوادث التصوير الدولية لذلك اعتمدت وكالة "أسوشييتيد برس" على التقارير الإخبارية والدعاوى القضائية، أما الإصابات المرتبطة بالممثلين مثل إصابة ديلان أوبراين بارتجاج في المخ وإصابات بوجهه في شهر أبريل/نيسانش في كندا أثناء تصوير سلسلة أفلام "ميز رانر" والتي جذبت أنظار الجمهور وإصابة أخرى لهاريسون فورد بكسر في القدم في لندن أثناء تصوير حرب النجوم" عام 2014 والتي نوقشت بشكل عام أثناء الحملة التسويقية للفيلم، ولكن هذا ليس الحال عندما يتأذى العمال خلف الكاميرات حيث يقول الناقد السينمائي والصحافي ستيفن فاربر "دائمًا ما أعتقد أن كل شيء قد تم اجتياحه تحت البساط" وكان ستيفين قد أرخ إثر حادث تحطم طائرة في عام 1982 أثناء تصوير "توايلايت زون" والتي أودت بحياة الممثل فيك مورو واثنين من الممثلين الأطفال.
وتقع معظم الحوادث في أماكن العمل سواء وقعت لمجموعة الفيلم أو مصنع أو مزرعة فإن إدارة السلامة والصحة المهنية هي جهة التحقيق، وحظيت وفاة براندون لي والذي كان يؤدي فنون الدفاع عن النفس مثل والده بروس لي باهتمام شديد في جمبع أنحاء العالم ودفعت لتغييرات في كيفية التعامل مع الأسلحة النارية في مواقع التصوير ويدل ذلك حتى الآن أن الشركات تخصص مبالغ تافهة لتواجه مرحلة ما بعد الحوادث الخطيرة، وغرّمت إدارة السلامة والصحة المهنية الشركة المنتجة لفيلم "الغراب" مبلغًا قدره 84 ألف دولار وهي أعلى غرامة مفروضة منذ عام 1990 لكن الغرامة قد انخفضت بعد ذلك لتصبح 55 ألف دولار في حين حقق فيلم "الغراب" أكثر من 50 مليون دولار.
وفرضت إدراة السلامة مبلغًا قدره 21 ألف دولار على شركة بارامونت بيكتشرز بعد مقتل عامل في عام 2011 أثناء عمله على منصة جوية في ولاية لويزيانا خلال إنتاج فيلم "جي آي جو" وذلك بعد وفاة العامل بـ 5 سنوات ولا يزال هناك خلاف بشأن هذه العقوبة حيث حقق الفيلم أكثر من 122 مليون دولار في أميركا الشمالية وحدها وغالبًا ما يتم تحديد الغرامة في الاستوديوهات أو شركات الإنتاج ونادرًا ما يتم السعي وراء الملاحقات القضائية ويحظر على العمال أن يقاضوا الشركة من الناحية القانونية وذلك لعدم وجود شهود خشية نقلهم من العمل لأنهم غير صالحين في مجال صناعة الترفيه فائق التنافسية، ووجدت وكالة "أسوشييتيد برس" أثناء مراجعاتها أن هناك ما يقرب من نصف الحالات التي قامت إدارة السلامة بتغريمها سواء استوديوهات أو شركات إنتاج بعد حادث خطير بأن العقوبة قد انخفضت وحسب تقييم الوكالة فإن مجموع الغرامات لنحو 15 حادثة مميتة وصل تقريبًا لـ 404 ألف دولار ومع تخفيض العقوبة وصل المبلغ إلى 236 ألف دولار.
أما فيما يتعلق بشركات أخرى كبيرة فقد فرضت إدارة السلامة غرامات على كمية صناعة الفيلم فكما يقول تشارلز جيفريس وهو مسؤول كبير سابق في الوكالة "لم تذكرها في تقاريرها المالية " ويقول حسن عدن وهو المدير الإقليمي لإدراة السلامة في كاليفورنيا بأنه تم تحديد التسويات على أساس كل حالة على حده كما أنها تهدف لتصحيح الأوضاع الخطرة معلقًا "نحاول أن نخطئ على جانب السلامة، ويقول البعض من داخل مجال الصناعة إنه جنبًا إلى جنب مع المخاوف بشأن العمال فإن العوامل المتعلفة بالتكلفة تشكل حافزًا أكبر للسلامة في المواقع ويقول ريتشارد تشارنلي وهو محام الترفيه المخضرم الذي تولى العديد من الحالات المصابة "لا يريد المنتجون أبدًا أن يكون هناك أي حادث أثناء التصوير لأن هذا مكلف جدًا" ويضيف "إنهم أناس لهم قيمة وفي بعض الأحيان تُدفع مئات الآلاف يوميًا أثناء التصوير".
وقال جيه جيه أبرامز والذي أنتج وأخرج العديد من الأفلام الرائجة بما في ذلك "ستار تريك" و"حرب النجوم" إنه لا يوجد شيء أهم من سلامة طاقم العمل "سواء على سفينة الفضاء أو مجموعة الفيلم" وأضاف "تقع الحوادث وهناك المزيد من الحوادث التي سوف تقع، وأعتقد أن طواقم الفيلم تضطلع بعمل رائع لمنع وقوع هذه الحوادث".
وكان جون ساتل قد تسلق مؤخرة شاحنة في 6 مايو/آيار من عام 2011 في استوديوهات يونيفرسال لفحص الحمولة في فيلم "المنتقمون" والذي تم تصويره في نيو ميكسيكو وأثناء تسلقه سقط وأصيب بكسر في الجمجمة توفي على إثره في اليوم التالي وكان ساتل لم يحظ بالقدر الكافي من النوم قبل أن يتم استدعاؤه في الاستوديو لالتقاط تحميل "مارفل" وقالت ابنته لانيت ليون إنه كان يعمل على الفيلم منذ أسابيع حتى أنه احتفل بعيد مولده الـ 65 قبل شهر من ميعاده ليجعل تسليم الفيلم أمرًا سريًا لتعزيزه على شباك التذاكر في فصل الصيف.
وكانت عائلة جوليو فيلاماريونا وهو حارس الأمن الذي قتل في لوس أنجلوس إثر إطلاق نار في مسلسل "إن سي آي إس" قادرة على رفع دعوى قضائية ضد شبكة سي بي إي لأنه كان يعمل لصالح شركة خاصة وليس في استوديو التصوير وحصلوا على حكم وغرامة قدرها 10.45 مليون دولار كما أقام الاستوديو جنازة له ونشر وفاته أثناء العرض وكان جوليو قد قتل في فبراير من عام 2011 وهو مثل كثير من المهاجرين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة هربًا من الخطر وترك وراءه حياته المهنية في القطاع المالي والأعمال في السلفادور ليصاب أثناء تصوير المسلسل، وقبل وقت قصير من وفاته كان جوليو قد حصل على مسكن دائم وتم تعيينه من خلال أحد البنوك وقالت عائلته أنه يجب توفير المزيد من الأمن في مواقع التصوير.
وكشف تحقيق آخر في عام 2010 إثر وقوع حادث تسبب في إصابة خطيرة بسبب إطلاق نار أثناء تصوير سلسلة أفلام "ترانسفورمرز" وهي خير مثال على التفاوت، حيث كانت غابرييلا سيديلو تقود سيارتها على أحد الطرق السريعة في الهند بينما قطع كابل المكابح وارتطمت رأسها وهو ما تسبب بإصابات هائلة ووصل محقق إدارة السلامة الهندية إلى مكان الحادث بعد 3 أيام وكان في استقباله ضابط سلامة الاستوديو ومحام واعتمادًا على إفادات الشهود التي جمعتها الشرطة مع وجود تأكيدات أن أجهزة السحب الجديدة ستكون مصممة لمنع وقوع مثل هذا الحادث تم إغلاق التحقيق في القضية بعد 3 أسابيع دون إجراء أية مقابلات مع الشهود أو الكتابة بشأن الحادث والتي تعد "مضيعة للوقت"، وحصلت عائلة سيديلو على تسوية قدرها 18 مليون دولار من شركة بارامونت.
أرسل تعليقك