بغداد – عمر السويدي
يُعدّ العراق بيئة خطرة للعمل الإعلامي، خصوصًا بعد ارتفاع عدد الصحافيين، الذين قتلوا مؤخرًا في المعارك الجارية غربي الموصل، حيث أعلنت مديرية الإعلام الحربي التابعة لوزارة الدفاع العراقية، الأسبوع الماضي مقتل الصحافي حيدر المياحي، إثر انفجار عبوة ناسفة جنوب الموصل شمالي البلاد، وقال مسؤول في وزارة الدفاع "إن المياحي قتل بتفجير عبوة ناسفة أثناء مشاركته، في مهمة صحافية برفقة القوات العراقية في قضاء الحضر، الذي استعادته من تنظيم داعش في وقت سابق".
ويُعتبر المياحي من كبار مراسلي خلية الإعلام الحربي التابعة للجيش العراقي، وهي معنية بنقل الأحداث والأخبار الميدانية، من المعارك اليومية بين القوات العراقية ومسلحي "داعش"، ولا تقتصر المخاطر التي يتعرض لها الصحافيون على قتلهم أو خطفهم من تنظيم "داعش"، فقط، بل البيئة العراقية والمليشيات المسلحة تشكل خطرًا كبيرًا عليهم، حيث رفع محافظ كربلاء عقيل الطريحي، مؤخرًا دعوى قضائية بحق أحد الصحافيين العاملين في المحافظة، يطالب فيها بتعويض بمبلغ قيمته مليار دينار عراقي" مليون دولار"، من أحد الصحافيين بحجة الإساءة له على منشور في "فيسبوك".
وشهدت الآونة الأخيرة، تضييقًا على الصحافيين، حيث رُفعت عشرات الدعاوى على عاملين في مجال الإعلام، بسبب انتقادهم لملفات الفساد الإداري والمالي التي يُتهم بها السياسيون، أو قادة الأحزاب في البلاد، وتتعدد أشكال المخاطر التي يتعرض الصحافيون داخل العراق، ففي مدينة الموصل حيث تدور المعارك مع تنظيم "داعش"، يكون الصحافيون العراقيون أو الأجانب عرضة للقتل أو الإصابة، خصوصًا وأن أغلب المراسلين الحربيين، لم يتلقوا تدريبات مختصة حول تغطيات المعارك.
من جانبه طالب مرصد الحريات الصحافية في بيان ورد لـ"صوت الإمارات"، السلطات التشريعية والتنفيذية، في محافظة كربلاء بـ"الكف عن ملاحقة الصحافيين وترهيبهم بدعاوي قضائية، أو ملاحقتهم قانونيًا والتلويح بتهديدات ووعيد غير مبررة إطلاقًا، خصوصًا وأن تلك الحالة ليست هي الأولى، ودعا المرصد رئيس مجلس محافظة كربلاء، إلى "سحب شكواه التي رفعها أمام المحكمة، في محافظة كربلاء ضد الصحفي طارق الكناني، على خلفية نشْر الأخير منشوراً على فيسبوك، يقول رئيس المجلس في شكواه، إنه تضمن إساءات له".
ويقول مدير المرصد الحريات الصحافية هادي جلو مرعي " إن البيئة العراقية غير ملائمة للعمل الصحافي، سواءً على المستوى الأمني أو الاقتصادي أو السياسي، أما تنظيم داعش فهو شكل من أشكال تهديد الصحفيين، مثلما فعل كذلك تنظيم القاعدة، فضلًا عن الإجراءات الأمنية غير المناسبة والمشدّدة، أو الاعتداءات المتكررة على الصفحيين من بعض المنتسبين في الأجهزة الأمنية".
وأضاف لـ"صوت الإمارات" إن كثيرًا من الشخصيات النافذة في المجتمع، رفعت مؤخرًا دعاوى قضائية عدة، بحجج مختلفة لتكميم الأفواه ومحاولة الاستيلاء على الساحة، وإبعاد أي شخص يمكن أن يكشف ملفات الفساد، التي يتهمون بها، وأن المرصد العراقي في تقريره الذي سيصدر في الثالث من مايو/أيار، والمصادف عيد الصحافة العالمية وثق مقتل 20 صحافيًا في عموم البلاد، سواءً على يد تنيظم داعش أو للأسباب تتعلق بالوضع المرتبك".
وتعد القضايا التي ترفع ضد الصحافيين أو المنتقدين للسلوك السياسي، بشكل عام من المظاهر التي تظهر معاناة، واقع العمل الصحافي في العراق، حيث سجلت محكمة النشر والإعلام "1327"، دعوى قضائية تحقيقية جنائية ومدنية ضد صحافيين عراقيين، خلال العام الماضي، كما أغلقت مكاتب عدد من وسائل الإعلام العاملة، في البلاد بسبب انتقادها للسلطة خصوصًا ملف الفساد والمليشيات المسلحة، التي تمثل واقعًا حياتيًا للمواطنين كافة، لا سيما وأنها قامت باعتقال عدد من الناشطين والصحافيين، أبرزهم الإعلامية أفرح شوقي التي استمر اختطافها أسابيع عدة.
من جهته اعتبر المستشار الإعلامي والأكاديمي واثق عباس العراق من أكثر البلدان خطورة بالنسبة للصحافيين، حيث تم اختطاف أكبر عدد ممكن منهم، وقتل الكثير واعتقال آخرين، بسبب الفراغ السياسي في البلاد وانتشار وباء التنظيمات الإرهابية، والجماعات المسلحة والميليشيات، وإن البيئة العراقية المرتبكة أثّرت في ازدياد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون، والتي لم ينجح أحد أو مؤسسة دولية أو جهة رسمية في إيقافها أو تحجيم أخطارها المستمرة، وتشير الأرقام المتداولة إلى أن العراق هو الأكثر خطورة و قتلًا للصحافيين" .
أرسل تعليقك