بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ مِنَ النَّاسِ مَنْ تسْمُو بهِم نفوسُهُم إلى الوقوفِ على أسرارِ النجاحِ فيتمسكُونَ بأسبابِها إلى أن تَعْرُجَ بهِم إلى الأُفقِ الأعْلى، هؤلاء همُ الذين تَسْتضيءُ الأممُ بأنوارِ عقولِهِم ويكونُ لهم طَيّبُ الحياةِ في العَاجلِ والآجل.
وإنَ موضِعَ أمالِ أي أُمةٍ، ومصدرَ فخْرِها وعِزّها هم شبابُها أصحاب الهِمةِ.
مَنْ لَدَيهِم سِعَةُ الدِّرايةِ ليصلوا إلى سبيلِ السيادةِ والريادةِ بحزمٍ وعزم.
} أعزائي أولياء الأمور الكرام، أبنائي وبناتي الخريجين والخريجات أبناء مدارسِ المعارف الحديثة. أهلا ومرحبًا بكم جميعا أحَييكُم تحيّةً خالصةً صادرةً من قلبٍ يكِنُّ لكُم الحبَ والتقدير هذا هو يومُكم المميز الذي ينتظرُهُ الجميعُ.
يوم جَني ثِمارِ المثابرةِ وحصادِ سنوات الجهدِ والتعب، يومُ التخرج. اليوم الذي تتطلعُ أعيُننَا فيه إلى السماءِ لنرى براعِمَنا اليانعةَ وهي تبدأ شَقَّ طريقِها ومشوارِ حياتِها الفعلي والعملي.
اليومُ الذي يقِفُ شاهدًا على كل ما قدّمتمُوهُ مِنْ جُهدٍ وعمل متواصلٍ في ظلِ ما واجهتمُوهُ من صعابٍ وتحديات مَررنا بها جميعا هذا العام. وفي ظل جائحة فيروس كورونا ذلك الوباءُ الذي يَكْسِرُ العزمَ. فلقد كان حائلا بيننا وبينكِم لنحتفلَ سويًّا بأجملِ لحظةٍ انتظرهَا الجميعُ وهي لحظة تخرجِكُم فغابت أيادينا عن مصافحَتِكُم فأرسلنا قلوبَنا تُعانقَكُم وتهنئَكُم بهذا النجاح الكبير. ونسألُ اللهَ عز وجل أن يَحْفظَ بلادَنَا والعالمَ أجمع من هذا الوباء، وأن تعودَ حياتُنا لطبيعتِها بإذن الله تعالى.
} وبالرغم من كل هذه التحديات فإن رؤيتَنَا ورسالتَنا التعليمية قد تجسَّدت فيكم واخترقتُم الحاجزَ الزجاجي الذي فرضتُهُ هذه الأزمة علينا جميعا بل وشمَّرتُم عن سواعدِ الجِدِّ والمثابرةِ وتحديتُم كلَّ الصعابِ لتحققوا هذا النجاح ولم تدَّخرْ مدارسُ المعارفِ الحديثة جُهْدًا في دَعمِ ومساندة أبنائِها فَعَكَفَتْ على توظيفِ ثقافتِها التكنولوجية التي هي إحدى الركائز الأساسية للتعليم في عصرِنا الحالي وجعلتهَا مُسَخّرةً لخدمةِ أبنائنا الأعزاء.
فجاءَتْ خُطةُ التعلمِ عن بعدٍ والتي كانت السبيلَ الأجدى لمواصلةِ تعلُّم أبنائِنا، حيثُ تواصلَ المعلمونَ مع طلابهِم في شتى المراحلِ الدراسيةِ مما أتاح لنا إنْهاءَ المناهجِ الدراسيةِ في موعدِها المحدد كما لو كنا حاضرين بالمدرسة.
فجاءت هذه الفترةُ أصدقَ شاهدٍ وخيرَ دليلٍ على تعاونِ الهيئةِ التعليمية من جِهةٍ وأبنائِنا الطلابِ وأولياء الأمور الكرام من جهةٍ أخرى، لإدارة هذه الأزمة بثقةٍ ومسؤوليةٍ ونجاح.
} وأتقدمُ هنا بأسمى آياتِ الشكرِ لأولياء الأمور الأفاضل الذين قدَّمُوا كُلَّ الدعمِ لأبنائِهم في هذه الفترة، فكُنتُم الرُكْنَ الركينَ والمَلْجَأَ الحَصينَ لأبنائِكم، كما أشكر المدرسين والمدرسات على جهودهم في اجتياز هذه المرحلة بنجاح.
} كما أرفع باسمي وباسم أعضاء الهيئة التعليمية والإدارية وطلبة مدارس المعارفِ الحديثةِ، أسمى آياتِ الشكرِ والامتنان لسيدي حضرة صاحبِ الجلالةِ الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلادِ المفدَّى حفظه الله ورعاه على جهودِه الوطنية النبيلة للتصدي لجائحة فيروس كورونا وعلى مضمونِ رسالتِه السامية التي بعثها لكل العاملين في مجالِ التربيةِ والتعليم وأبنائِه الطلاب عبر تليفزيون البحرين، تلك الكلماتُ التي جاءَتْ مِنْ قلبِ أبٍ حانٍ حريص كل الحرصِ على أبناءِ وطنِه فكانت رسالة جلالته السامية نبراسًا ودليلاً لأبنائِنا لينْهَلُوا من مضمونِهَا كيف يتجاوزون الأحداثَ العِظام ويتخطَّوْنَ الصِعابَ ليرسُموا لأنفسِهِم أُفقًا أرْحَبَ تَنْعَمُ فيه نفوسُهُم بجمالِ السِّعةِ وبُعْد المَدَى.
فكلمة صادقة خارجة من قلبٍ محبٍ صادقٍ تُغير حياةَ الإنسانِ، وهكذا جلالتكم بكلماتِكم السامية أثلجْتُم صدورَنا جميعًا ووضعْتُم مؤسساتِنا التعليمية على خارطةِ النجاحِ.
فمهما نَطَقَتْ الألسُن، وخَطَّتْ الأيدي، من عباراتٍ للشكرِ، ستَظَلْ عاجزةً أمامَ روعةِ وعُلوِّ هِمَةِ ما قدَّمْتموهُ لأبنائِنا الطلاب، حَفِظَكُم اللهُ تعالى، وسدَّدَ خُطاكُم.
} أيُها الشبابُ الواعدُ: خُذوا العِبرةَ والعِظةَ من هذه الفترة العصيبة. ولا تفقدوا أملَكُم في المستقبلِ، انظروا إلى مُتطلباتِ العصرِ وتحدياتِه. وانتبهوا لاختياراتِكم وتحديدِ مجالِ تخصصِكُم، وخاصةً المجال الذي يحتاجُ إليهِ وطنُكُم، ويحتاجُه العالمُ الآن، لنضمنَ أننا جميعًا ساهمنَا وقدّمْنَا أسمى إنجاز نُهْديهِ لوطنِنا الغالي.
}
أبنائي الأعزاء أنتم قوةُ التحويلِ في تاريخِ الإنسانية، ومَوضعُ آمالِ الأوطانِ. اعْتَمِدُوا على صِدقِ وطنيتِكُم، ومَتانةِ تاريخِكُم، لتغيرُوا العَالمَ. انْهَلُوا من نبضِ تُراثِكُم، كونوا أصحاب هِمّةٍ نافذةٍ، وصبرٍ ثابتٍ، لترسُموا بأناملِكُم وَجْهَ مُستقبلِكُم المشرقِ الواعد بإذن الله.
دُمْتُم جميعًا في أمانِ اللهِ وحِفظِهِ، والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته أبنائي الطلبة وأولياء أمورهم.
أعزائي الطلبة وأولياء أمورهم:
ومما توّجَ احتفالَنَا وزادَهُ بريقًا ورونقًا تَكَرُّم سمو الشيخ ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، مستشار الأمن الوطني، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، بتوجيه كلمة تحفيزية للخريجين.
وهذا عَهدُنا بسموّكُم دائما فلا يغيب عن فِطْنةِ كل ذي عقلٍ نقاءُ سريرتكم ودعمكم الدائم للشباب في كل وقت وحين.
فأنتم حقا تمتلكون العزيمةَ والتحدي وهما حِلْيَةُ الأبطالِ، وتجمعون بين القلبِ النابضِ والعقلِ الواعي المستنير وتمتلكون روحًا مشرقةً يقتبسُ أبناؤنا من نورِها نقاءَ الذوقِ وتوقدَ الذهنِ، وتَشَعُّبَ الفكرِ والثقافة.
دعْني سموكم أقولَها اليومَ مُدوَّيةً: طالما هناك نجومٌ مثلُكم في سماءِ أوطاننا يجدون سعادتهم ولذتَهم في سعادة ولذة الآخرين وطالما (فينا خير) وطالما يغذي قلوبَنا الحبُ والإخلاصُ وطالما نحوَّل الأقوالَ لأفعالٍ، سيكون المجدُ والعِزُّ لوطنِنا الحبيب، وستظل رايتُنا خفّاقةً وسنرتقي في مراقي الإنسانية بفضل وعطاء أبناء هذا الوطن الغالي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقد يهمك أيضا" :
أرسل تعليقك