أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة أن الاختلافات الطفيفة في أنماط المناخ والطقس ستؤثر على الرفاه الاقتصادي البيئي والاجتماعي للدولة، في حال عدم التعامل معها بفعالية.
وأشارت صحيفة"البيان" إلى أن التأثيرات المحتملة للتغير المناخي ستتمثل في ارتفاع متوسط درجات الحرارة ومستوى سطح البحر، والإجهاد المائي واشتداد هبوب الغبار والعواصف الرملية، إلى جانب التصحر.
وأوضحت الوزارة أن القيادة الرشيدة أولت قضايا التغير المناخي اهتماماً خاصاً منذ قيام الدولة، حيث انضمت إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعملت على تشكيل لجان وفرق ووزارات للحد من آثار التغير المناخي، كما أطلقت مؤخراً خطة وطنية للتغير المناخي هدفها استكمال منظومة العمل القائمة في الدولة، من خلال البناء على ما تم إنجازه في إطار سياسات النمو الأخضر والتنمية المستدامة.
ولعل أبرز ملامح هذا التوجه تتمثل في إمكانية استنساخ مجموعة واسعة من المبادرات القائمة للتخفيف من تداعيات التغير المناخي والتكيف معه في إطار الأجندة الخضراء 2015-2030 أو على الأقل تطبيقها على نطاق أوسع.
ارتفاع الحرارة
وأوضحت الوزارة أن القطاعات الأكثر تأثراً بالتغير المناخي هي النظم البيئية والساحلية والبحرية، بالإضافة إلى النظم البيئية للأراضي الجافة والبنية التحتية والزراعية والأمن الغذائي والصحة العامة، حيث تشير التحليلات والتوقعات المستقبلية إلى ارتفاع المعدل السنوي لدرجة الحرارة في الدولة بواقع درجة مئوية واحدة تقريباً بحلول 2020، ودرجة ونصف إلى درجتين بحلول 2040.
ومن المرجح أن يكون تأثير التغير المناخي أشد وطأة على المناطق الساحلية، حيث ستعاني الموائل البحرية من ارتفاع درجة حرارة المياه والملوحة، في حين ستتأثر البنية التحتية بسبب اشتداد هبوب العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر.
وأكدت الدراسات والبحوث التي أعدتها الوزارة بالتعاون مع الجهات المختصة احتمالية تأثر أهداف التنمية المستدامة في الدولة بالتغير المناخي، إذ يمكن أن تؤثر الأحداث المناخية المتطرفة بالإضافة إلى الظواهر البطيئة مثل ارتفاع مستوى سطح البحر على الأداء اليومي لمنظومة النقل والمواصلات والبنية التحتية وعلى الأصول البيئية وتضر بصناعة وحركة السياحة.
خطة وطنية
وتمثل الخطة الوطنية للتغير المناخي الإطار الوطني الشامل لإدارة أسباب تغير المناخ وآثاره، وتخطط لانتقال الدولة إلى اقتصاد أخضر قادر على التكيف مع تغير المناخ ويرفع من جودة الحياة، وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذه الخطة بإدارة انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى الدولة مع الحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام.
وتقليل المخاطر وتحسين القدرة على التكيف مع التغير المناخي وتعزيز التنوع الاقتصادي على مستوى الدولة من خلال حلول مبتكرة بالتعاون مع القطاع الخاص.
وأشارت الوزارة إلى أنه خلال السنوات الماضية عملت الدولة على العديد من المشاريع لتقليل آثار التغير المناخي من خلال التقدم في مسيرتها نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر بفضل الانتشار الواسع للطاقة المتجددة في الدولة.
ويتجلى ذلك في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وهو مشروع ضخم للطاقة يستهدف الوصول بقدرته الإنتاجية إلى 5.000 ميجاوات بحلول عام 2030، باستثمارات إجمالية تصل إلى 50 مليار درهم، وبمجرد اكتماله، يتوقع أن يصبح المجمع أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم في موقع واحد.
وفي هذا السياق تدير إمارة أبوظبي «محطة شمس 1» وهو مشروع طموح لتوليد الطاقة الشمسية المركزة بقدرة إنتاجية تصل إلى 100 ميجاواط من الكهرباء، ما يكفي لاحتياجات نحو 20.000 منزل.
طاقة نظيفة
وأوضحت وزارة التغير المناخي والبيئة أن الدولة قطعت شوطاً كبيراً في مجال تحسين كفاءة الطاقة، حيث شرعت إمارة دبي في تطبيق استراتيجيتها للطاقة النظيفة 2050، التي تهدف لخفض استهلاك الكهرباء والمياه بنسبة 20% بحلول عام 2020 و30% بحلول عام 2030.
وتتمحور المبادرات الرئيسية في مجال كفاءة الطاقة حول تنظيم المباني الخضراء، وإعادة تأهيلها وتبريد المناطق، وإعادة استخدام المياه العادمة، والمعايير والملصقات الخاصة بالأجهزة وأنظمة الإضاءة.
وأشارت الوزارة إلى أن من ضمن جهود الدولة في مواجهة التقليل من آثار التغير المناخي تشييد مدن مستدامة، تضم «مدينة مصدر» في أبوظبي و«المدينة المستدامة» في دبي.
والتي اعتمد في بنائها على تدابير الكفاءة في تصميم المباني وهندسة المناظر الطبيعية، وإعطاء الأفضلية للتقنيات الذكية على تلك التقليدية في عمليات تقديم العطاءات، وهو ما يعد ضمن الإشارات القوية للأهمية التي تحظى بها «الكفاءة» على صعيد السياسات، ويعزز هذا التوجه أجندة التنويع الاقتصادي في البلاد، حيث يخلق المزيد من الطلب على المنتجات والخدمات والتكنولوجيا الخضراء.
تعرفة الاستهلاك
كما أفادت الوزارة أنه من ضمن المبادرات التي قطعتها الدولة تعديل تعرفة الطاقة الكهربائية، إذ تقوم هيئات المياه والكهرباء في أنحاء الدولة بإجراء إصلاحات تتعلق بتعرفة استهلاك الطاقة.
وإطلاق أبوظبي أول دليل للمعايير والمواصفات الخاصة بالإنارة العامة في منطقة الشرق الأوسط يستهدف حسب التقديرات توفير 67% من الطاقة المستخدمة و80% من انبعاثات الكربون مقارنة بالممارسات والتقنيات الحالية، واستبدال العدادات التقليدية بأخرى ذكية.
وإلى جانب ذلك تعد الإمارات أول دولة في المنطقة تتجه نحو تحقيق سياسة الحرق الصفري للغاز، وهي تنص على أن تراعي العمليات سياسة الحرق الصفري للغاز، وأن الحرق غير مسموح به إلا في الظروف القهرية، إضافة إلى ذلك تعد الإمارات من أوائل الدول التي أطلقت مشروع التقاط الكربون وتخزينه.
والمتمثل في مشروعي مجمع حصيان للطاقة بتقنية الفحم النظيف بدبي، والمقرر الانتهاء منه بحلول عام 2023، والريادة الذي تعمل على إنشائه شركة أبوظبي لالتقاط الكربون ليكون أول منشأة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه في قطاع صناعة الحديد الصلب، حيث ستسهم في التقاط ما يصل إلى 800 ألف طن متري من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
مبادرات تحويلية
كما عملت الدولة على إطلاق مبادرة «استدامة»، وهي المبادرة الأولى من نوعها في المنطقة العربية، وتعد واحدة من أكثر المبادرات التحولية تأثيراً حتى الآن في تحسين كفاءة أداء المباني الجديدة في أبوظبي، حيث تسهم في تعزيز تصنيف الاستدامة في مراحل التصميم، والتخطيط، والبناء لكل مشاريع التطوير الحضري الجديدة.
كما أطلقت معايير البناء الأخضر كتلك التي حددتها إمارة دبي كلائحة إلزامية تحدد الشروط والمواصفات والمعايير الواجب مراعاتها فيما يتعلق بكفاءة استخدام الطاقة في جميع المباني وكذلك كفاءة الموارد كالمياه والمواد والنفايات، وقد شيدت المباني الاتحادية وفقاً لمعايير المباني الخضراء المطبقة في جميع أنحاء البلاد.
وإلى جانب ذلك تعمل الدولة على إعادة تأهيل المباني وتبريد المناطق، وبناء القدرات بهدف تحديث 30 ألف مبنى بحلول عام 2030، وذلك عبر شركات خدمات الطاقة، ورفع نسبة الاعتماد على المواصلات العامة، وذلك من خلال تطوير البنية التحتية التي تحقق ذلك، وزيادة المركبات الخضراء،.
حيث من المتوقع أن ينمو أسطولي دبي من سيارات الأجرة الهجينة الفاخرة ليصل إلى نصف سيارات الأجرة العاملة في الإمارة بحلول عام 2021، وهو عدد يقدر بنحو 4750 سيارة أجرة، وعلاوة على ذلك، فقد انتهت «هيئة كهرباء ومياه دبي» من تركيب 100 محطة شحن كهربائية في مواقع مختلفة مثل محطات الوقود ومواقف السيارات والمباني الإدارية.
تحويل النفايات
كما يأتي من ضمن الجهود التي قطعت الدولة فيها شوطاً كبيراً إطلاق مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، حيث يوجد حالياً عدد من مرافق تحويل النفايات إلى طاقة في مرحلة الإنشاء وأخرى بانتظار الموافقات في الدولة، ومن المتوقع أن تعالج هذه المنشآت سنوياً ما يصل إلى 2 مليون طن من النفايات الصلبة البلدية بحلول عام 2020.
وكذلك مشاريع إعادة تدوير النفايات حيث تقود إمارة الشارقة المسيرة الطموحة لتحويل النفايات بعيداً عن المكبات بشكل كامل، حيث تعالج شركة الشارقة للبيئة (بيئة) حوالي 100 طن من النفايات يومياً، ويعاد تدوير 67% منها.
ولفتت الوزارة أنه إلى جانب هذه المشاريع يجري حالياً إنشاء شبكة ضخمة للصرف الصحي في أبوظبي، وستبلغ القدرة الاستيعابية لبرنامج تطوير النفق الاستراتيجي بالإمارة 1.7 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2030، وسيتم استخدام مياه الصرف المعالجة لأغراض الري في المدينة.
مراعاة البيئة
أما على صعيد عمليات التصنيع ومراعاة البيئة، فأكدت الوزارة أن إمارة دبي تمكنت من خفض كثافة الغازات الدفيئة في الإنتاج بنسبة 12% خلال خمس سنوات، ومن أهم العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا النجاح جهود شركة الإمارات العالمية للألمنيوم في تحقيق الكفاءة الحرارية بنسبة 46 - 48% بفضل اعتماد التوليد المشترك للكهرباء وإعدادات الدورة المركبة لمحطات توليد الطاقة.
كما نجح منتجو الأسمنت في الدولة باستخدام مواد صديقة للبيئة في تصنيع الخرسانة، وهو توجه تتجاوز منافعه الفوائد البيئية لتشمل تقليل التكلفة وإطالة عمر المنشآت.
وفي إطار المساعي الرامية لدمج مبدأ الاستدامة في الاستراتيجيات السياحية، تبنت إماراتي أبوظبي ودبي إطاراً للسياحة المستدامة، وطورتا أدلة إرشادية للفنادق الخضراء.
كما أقرتا أيضاً جوائز لها، وفي الوقت الذي تمضي فيه البلاد نحو التحول إلى وجهة رئيسية لقطاعي الترفيه والأعمال، فإن تنويع خيارات السياحة البيئية بوجهات مثل «جزيرة صير بني ياس» و«محمية دبي الصحراوية» و«متنزه القرم الوطني بأبوظبي» يسهم في رفع الوعي العام والتقدير للنظم البيئية الثمينة التي تمتلكها الدولة.
زراعة مائية
أما في مجال الزراعة فقد تبنت الدولة الزراعة المائية كنمط للتكيف مع المناخ الصحراوي الجاف، وذلك من خلال تعزيز كفاءة استخدام المياه وتحسين نوعية المحاصيل، وتتيح الزراعة المائية نمو المحاصيل في محاليل غنية بالمغذيات بدلاً من التربة، وهناك بالفعل 87 مزرعة تجارية في دولة الإمارات تستفيد من هذه الطريقة، لتكمل بذلك الجهود في مسيرة الزراعة العضوية.
منبر دولي
تتولى دولة الإمارات توجيه دفة النقاش الدولي حول قضايا النمو الأخضر والتغير المناخي من خلال استضافة مؤتمرات رفيعة المستوى تجمع كبار صناع القرار والقادة حول العالم، وتشمل هذه المؤتمرات، على سبيل المثال لا الحصر، القمة العالمية للحكومات، وأسبوع أبوظبي للاستدامة، والقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، والمؤتمر العالمي للشراكة من أجل الاقتصاد الأخضر.
طاقة متجددة
لم تكتفِ الدولة بإطلاق المشاريع النظيفة بل حرصت على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.
حيث يستثمر جزء من صندوق مبادلة في مجموعة واسعة من شركات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة لتمكينها من تحقيق كامل إمكاناتها بما يتماشى مع رسالة الشركة وأهداف التنمية الشاملة لدولة الإمارات، كما يدعم صندوق دبي الأخضر تنفيذ البرامج والمشروعات القابلة للتطبيق لتعزيز الاقتصاد الأخضر بقيمة إجمالية تبلغ 100 مليار درهم.
أرسل تعليقك