أثبت المجتمع البحريني مدى رقيه وتكاتفه وتعاونه في الأزمات، من خلال الحملات والدعوات التي أطلقت خلال الأيام الماضية من اجل تنظيف شوارع ومناطق المملكة في أعقاب انخفاض عدد عمال النظافة بسبب فيروس كورونا.ففور تعرض بعض مناطق المملكة لتكدس أكياس القمامة التي شهدتها مؤخرا، انتفضت مؤسسات المجتمع المدني والجهات الحكومية لدعوة المواطنين والمقيمين إلى التعاون على جمع وإلقاء أكياس القمامة في أماكنها المخصصة.وأشاد عدد من النواب والبلديين في تصريحات لـ«أخبار الخليج» بردة فعل المواطنين والمقيمين وتعاملهم مع تلك الأزمة، مطالبين بضرورة استغلال هذا التحرك الإيجابي والعمل على استمرار مثل هذه الدعوات وألا ترتبط فقط بأزمة كورونا.وأكدوا أهمية أن نبدأ في تغيير ثقافة المجتمع وتطوير سلوكه، وخاصة إذا كان العائد من هذا التغيير كبيرا سواء من الناحية البيئية أو حتى المالية، لافتين إلى أن المجتمع البحريني من أعرق وأقدم المجتمعات في المنطقة ودائما يحرص على النظافة وحماية بيئته بنفسه، من دون الاعتماد على الآخرين.
وأشاد النائب حمد الكوهجي رئيس لجنة المرافق بمجلس النواب بتحرك المجتمع البحريني ملبيا الدعوات المطالبة بالتعاون من أجل إلقاء أكياس القمامة في أماكنها المخصصة، مضيفا أنه آن الأوان أن نغير من سلوكياتنا وأن نقوم بعمل هذا الإجراء البسيط في ظاهره ولكنه كبير في مردوده.وقال إننا نرى العديد من دول العالم المتقدمة ليس لديهم مثل آلية النظافة المتبعة لدينا وان كل شخص يعتمد على نفسه في جمع مخلفات منزله وإلقائها في أماكنها المخصصة، لافتا إلى أن قيامنا كمواطنين ومقيمين بهذا الأمر لا ينتقص من قدرنا بالمرة، بل هو دليل على وعينا ورقينا وتحضرنا.
استغلال التحرك المجتمعي
وطالب الكوهجي بأهمية استغلال هذا التحرك الإيجابي الذي أظهره المجتمع البحريني وان نستمر في هذا الإجراء ولا نترك الأمر للرجوع إلى الخلف مرة أخرى والاعتماد على أن عامل النظافة هو الذي يأتي إلى المنزل لحمل أكياس القمامة.وكانت وزارة البلديات قد أهابت بالمواطنين والمقيمين ضرورة التعاون مع الإجراءات التنظيمية والتعاون بما يضمن سير عملية النظافة بشكل طبيعي، ووضع المخلفات داخل حاويات القمامة لمنع أي تجمعات للقمامة في مناطقهم وعدم ترك أكياس القمامة أمام المنازل أو الطرقات من دون وضعها في الحاويات في ظل الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المتخذة لاحتواء ومنع انتشار فيروس كورونا (COVID-19) وفي ظل إجراءات الفحص المتعلقة بالعمال في مناطق سكن العمال.
تخفيض الميزانيات
وأشار النائب عادل العسومي إلى أن بعض سلوكيات أفراد المجتمع مازالت تسهم في تفاقم مشكلة تكدس النفايات، لافتا إلى أن البعض يلقي النفايات من دون مراعاة الطريقة الصحيحة في التخلص من المخلفات، مما يؤدي إلى انتشارها وتكدسها داخل الشوارع الجانبية ويصعب أيضا من آلية التعامل مع تلك النفايات من قبل عمال النظافة.وأكد العسومي أن سلوكيات المجتمع مهمة وتغيير تلك السلوكيات الخاطئة هو أمر ضروري للحفاظ على البيئة وتقليل الحاجة إلى عمال جمع القمامة مما ينعكس على تخفيض الميزانيات التي تخصص للنظافة، مضيفا أن تعرض البحرين للأزمة الأخيرة من نقص عمال النظافة بسبب إجراء فحوصات كورونا لهم مثل درسا للجميع بضرورة الاعتماد على النفس، وما حدث من المواطنين من ردة فعل مميزة والمساهمة في حل المشكلة أثبت أن المجتمع البحريني قادر على مواجهة أي تحدّ بتلك الجهود عبر الشراكة المجتمعية، فما المانع أن نستمر في هذا العمل ونغير من سلوكياتنا من أجل تحقيق المصلحة العامة التي ننشدها، وخاصة في ظل ما تمر به الدولة من تحديات.
وأشاد العسومي بمدى التعاون الذي قامت به أمانة العاصمة خلال الفترة السابقة والمساهمة في حل مشكلة تكدس أكياس القمامة في محافظة العاصمة عبر تقديم كافة التسهيلات الممكنة التي سهلت مهمة المواطنين في إزالة القمامة، وعدم تضرر شوارع العاصمة من هذه المشكلة لمدد طويلة، متمنيا استمرار هذا التعاون خلال الفترات القادمة لترسيخ الفكرة في أذهان الجميع سواء المواطنون أو المقيمون.
تغيير السلوكيات
بدوره أكد النائب محمد بوحمود أنه يرحب باستمرار الدعوات التي تنادي بتغيير ثقافة وسلوك المجتمع البحريني تجاه التعامل مع النفايات المنزلية، ولكنه في الوقت نفسه لا يريد أن تكون تلك الدعوات مرتبطة فقط بأزمة كورونا وتكدس أكياس القمامة، وبمجرد انتهاء الأزمة تعود المشكلة كما كانت.وقال بوحمود إنه يدرك جيدا أن تغيير سلوك الفرد أمر ليس بالسهل، ولكن يجب أن نستغل حالة التكاتف والتعاضد القائمة بين المجتمع البحريني في ظل أزمة كورونا ونستغلها أفضل استغلال، مؤكدا أننا يجب أن نحول المحنة إلى منحة، وخاصة أن الشعب البحريني شعب عريق ومن أقدم شعوب المنطقة وأننا في الماضي لم يكن لدينا أي شركات للنظافة ولم يكن لدينا أي تكدس في النفايات، كما هو الحال حاليا، وكان الجميع يحرص على نظافة بيته وشارعه ومنطقته.ولفت إلى أن هناك جهات كثيرة عليها دور كبير في استمرار هذا العمل ونشر الثقافة بين فئات المجتمع البحريني، ولكن أهم تلك الجهات من وجهة نظر النائب بوحمود هم رجال الدين، مشيرا إلى أن مختلف الأديان تنادي بالنظافة وتحرص عليها، ولذلك على رجال الدين نشر تلك الثقافة عبر منابرهم وحث الناس على تغيير سلوكهم من اجل حسن التعامل مع مخلفات المنازل، والتخلص منها بالطرق السلمية ووضعها في أماكنها المخصصة.
من ناحيته قال النائب إبراهيم النفيعي إن شعب البحرين مبادر دائما بالأعمال التوعوية والوطنية، وأن ما قام به المواطنون من تفاعل مع حملات النظافة هو أمر غير جديد عليهم في مساعدة الوطن في هذه الظروف الاستثنائية، لافتا إلى أن أزمة كورونا أظهرت الشعب البحريني على حقيقته ومعدنه الأصيل، وقام بالدور الذي كانت تقوم به وزارة البلديات وهذا أمر مقدر.وأوضح أنه من الضروري أن نستمر في مواصلة هذا العمل وجمع القمامة في مكانها السليم والحفاظ على نظافة البحرين، والعمل على تقليل المصروفات التشغيلية لتلك الخدمات وخاصة أن قانون النظافة الجديد يعزز من الاستمرار في وضع القمامة إلى مكانها الصحيح وهذا يصب في صالح الحفاظ على البيئة والمال.
مساهمة كبار السن
وذكر النفيعي أنه على أعضاء المجالس البلدية ووزارة البلديات استغلال هذه الحملة وتكريم من قام بهذا العمل من أجل تشجيع الباقين على القيام بمثل هذا العمل الوطني، وخاصة بعد أن رأينا الكثير من كبار السن مشاركين في حملات النظافة.بدوره أكد غازي المرباطي رئيس مجلس بلدي المحرق أن مساهمة المواطنين والمقيمين في جمع أكياس القمامة والحرص على إلقائها في الأماكن المخصصة لذلك من حاويات وصناديق القمامة هي أمر ضروري ولا بد منه، مضيفا أن ما حدث من أزمة في الأيام الماضية يجب أن يكون درسا للجميع نتعلم منه لتغيير الثقافة التي كانت موجودة لدينا وأن يزيد عندنا الوعي والحرص على المحافظة على بيئتنا وان يكون جمع القمامة في حاويات القمامة جزءا من ثقافتنا اليومية.
وأوضح المرباطي أن تغيير ثقافتنا في آلية التعامل مع أكياس القمامة سيكون له عدة فوائد وسنكون كما يقول المثل كمن ضرب عصفورين بحجر واحد عبر الحفاظ على البيئة وإلقاء القمامة في مكانها المخصص وأيضا نستطيع عبر هذا الإجراء البسيط توفير مبالغ بمئات الدنانير، مشيرا إلى أن إلقاء المواطنين للقمامة بشكل يومي من منزلهم إلى الحاويات المخصصة لها مباشرة سيجعلهم في غير حاجة إلى استعمال أكياس القمامة التي توزعها الدولة عليهم وبإمكانهم في هذه الحالة استخدام الأكياس التي تتواجد في المنازل مثل الأكياس التي نشتري فيها السلع المنزلية، وبالتالي على سبيل المثال ستوفر بلدية المحرق 160 ألف دينار سنويا على أكياس القمامة.
عقود شركات النظافة
وتابع بقوله: إن انتشار تلك الثقافة بين المجتمع البحريني سيتيح الفرصة أمام وزارة البلديات لتخفيض قيمة عقد النظافة مع شركات النظافة، فنرى الآن أن عقد النظافة يكلف قرابة 90 مليون دينار كل أربع سنوات، وهذا العقد يشمل عدد العمال والآليات وأدوات النظافة، وبالتالي إذا أصبح المجتمع البحريني طرفا مساعدا في جمع القمامة كما حدث خلال الأيام الماضية فيمكن أن تقل بنود وأعداد العمالة والأدوات في عقود النظافة مما يعود بتخفيض قيمة العقد وبالتالي يمكن أن نوفر ملايين، ونستفيد من تلك الفروقات في مشاريع أخرى وخاصة في ظل أزمة كورونا وتداعياتها على اقتصاد الدولة وحاجة المملكة إلى تقليص النفقات. وطالب المرباطي بضرورة استمرار وزارة البلديات في تحركها الذي بدأته الأسبوع الماضي من خلال توعية المواطنين والمقيمين واستكمال المسيرة لتغيير سلوك الجميع وعدم العودة مرة أخرى إلى الاعتماد بشكل كلي على شركات النظافة وخاصة أننا مررنا بأسبوع صعب لم نمر به من قبل بعد أن تكدست أكياس القمامة أمام البيوت وفي الشوارع، معتبرا أن هذه الأزمة كانت أبلغ رسالة بأن المواطنين والمقيمين يجب أن يكونوا شركاء في الحفاظ على بيئتنا نظيفة، وأنه عبر نشر الوعي من خلال وسائل الإعلام سنجد تجاوبا كبيرا من الجميع مواطنين ومقيمين.
قانون النظافة
ولفت رئيس بلدي المحرق إلى أن قانون النظافة أصبح طرفا رئيسيا في حل تلك المشكلة، مشيرا إلى أن القانون يعاقب كل من لا يضع المخلفات في أماكنها المخصصة بغرامات لا تقل عن 300 دينار، وبالتالي يمكن نشر تلك المبادرة من خلال عدة طرق تشجع المجتمع على رمي النفايات في الأماكن المحددة لها، مضيفا انه لا يقلل من أي شخص بالمرة أن يحمل مخلفات منزله ويضعها في مكانها المخصص, مبينا أن هناك فئات من الناس تحتاج إلى توعية بشكل مستمر، مشيرا إلى أن حملات التوعية تقع على عاتق الإعلام والمحافظات ومديريات الأمن وأيضا المجالس البلدية ووزارة البلديات باعتبارهم شريكا أساسيا في هذا الأمر بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني. بدوره بين رئيس مجلس أمانة العاصمة المهندس صالح طرادة أن قانون النظافة الجديد ينص على وضع القمامة في أماكنها المخصصة، وبذلك يكون هذا السلوك معززا بقانون، مضيفا أنه عند مقارنة البحرين مع دول أخرى سنجد أن لدينا اهتماما كبيرا مقارنة ببلدان أخرى لا تقوم بجمع النفايات بشكل يومي. وأشار إلى أن إدارة النفايات وتغيير السلوك أمر أصبح ضروريا وما مررنا به جعل الناس تتعاون وتهتم بالموضوع.
تنويع وسائل التوعية
وطالب طرادة بضرورة أن تكون حملات التوعية بأكثر من لغة وخاصة أن المجتمع البحريني يتكون من العديد من الثقافات والجاليات، مشيرا إلى أن وزارة البلديات تركز في توعيتها على اللغة العربية وفي بعض الأوقات اللغة الإنجليزية ولكن في بعض المناطق السكنية هناك عدة جنسيات بعدة لغات فيجب مخاطبتهم بلغتهم. وأشار إلى أن مجلس أمانة العاصمة لديهم قائمة بالجمعيات الأهلية الموجودة في المجمعات الموجودة في محافظة العاصمة وتم التواصل مع الأهالي وتوجيه الشكر لهم على تعاونهم الكبير في تلك، مؤكدا أن تلك الأزمة الأخيرة يجب أن تكون دافعا لتغيير ثقافتنا وزيادة وعينا.
وقد يهمك أيضا" :
تخصيص 215 مليون دينار لدفع رواتب البحرينيين
إجلاء مواطني البحرين من إيران يبدأ من الاثنين وينتهي في 28 آيار المقبل
أرسل تعليقك