المنامة-البحرين اليوم
أقر مجلس النواب في جلسته الأخيرة مشروع قانون العدالة الاصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، واعتبر النائب سيد فلاح هاشم هذا التشريع تطورات نوعيا للمنظومة التشريعية ويحقق مصلحة الطفل الفضلى.لم يتسن للنائب سيد فلاح تقديم مرافعته كاملة بالجلسة المنعقدة عن بُعد، وآثر تزويد صحيفة البلاد بها، لنشرها، وذلك من أجل تسجيل موقفه من هذا التشريع. وفيما يأتي نص المرافعة:جوهر هذا القانون يمثل بحق تطوراً نوعياً لمنظومتنا التشريعية في هذا المجال، حيث يستند في مبادئه على تحقيق مفهوم العدالـة الإصلاحية للأطفال، وهو من التشريعات التي ما فتأت المعاهدات والتشريعات الدولية التأكيد على الأخذ بها، مما يساهم في تحقيق العدالة بمفهومها الشامل: القضائي والاجتماعي والاقتصادي، وفي سبيل تحقيق مصلحة الطفل الفضلى التي نص عليها قانون الطفل رقم (37) لسنة 2012 في مادته الثالثة حيث جاء فيها: "تكون لحماية الطفل ومصالحه الفضلى الأولوية في جميع القرارات أو الإجراءات المتعلقة بالطفولة أياً كانت الجهة التي تصدرها أو تباشرها".
وهذا يتوافق مع ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادة (10 ) الفقرة 3 والتي تنص على "وجوب اتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين".لا يختلف اثنان على حاجة الأطفال في تحقيق العدالة في أي مجتمع، وينبع ذلك من كونهم يمثلون رجالات مستقبل أي مجتمع يأمل فيهم كل الخير، وبهم يضمن تقدمه وضمان استقراره، وتمتد مسؤولية حماية هذه الفئة ليس فقط على الأسرة والمؤسسات الحكومية، بل إلى مؤسسات المجتمع كافةً، وتقتضي هذه الحماية إيجاد آليات ناجعة وتشريعات متطورة للنهوض بها وللحفاظ على كرامة هذه الشريحة من المجتمع.
وحسنا ما نص عليه هذا المشروع وآلية إصداره مستقلاً وبمواصفات تحقق مصلحة الطفل الفضلى بحيث يحقق الغاية المشار إليها و يخرج الطفل من إطار القانون العقابي وإجراءاته الجنائية إلى مفاهيم قوامها الوقاية والحماية والإصلاح.ويفسح المجال أمام الطفل للعودة إلى الحياة الطبيعية في المجتمع، وتأمين الظروف التي تساعده على التكيف مع متطلباتها، بما يتضمن من تدابير تهدف إلى حماية هذا الطفل وإصلاحه و تأديبه.ولذلك إننا نرى أهمية هذا القانون ودوره يكمن في تطوير منظومتنا التشريعية المعنية بتحقيق العدالة وبذلك كان لنا مداخلة في المادة الثانية من مواد الإصدار حول مضمونها التي تنص على أن يقتصر سريان أحكام هذا القانون "على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به".
ومع تقديرنا واحترامنا لما أبداه وزير العدل من مبادئ يجب احترامها بخصوص ما استقرت عليه الأحكام السابقة، وكذلك ما تم معالجته في هذا الشأن من خلال المادة (87) في هذا القانون، والتي تنص على "تشكيل لجنة قضائية من رئيس محكمة العدالة الإصلاحية الكبرى للطفل، ورئيس محكمة العدالة الإصلاحية الصغرى للطفل، وقاضي تنفيذ العقاب، وعضو من النيابة العامة تختص بتلقي طلبات استبدال العقوبات المقضي بها قبل نفاذ هذا القانون" إلا أنني أرى أنه لا ضير في أن يشمل هذا القانون وتسري أحكامه على ما قد تم الفصل فيه من الدعاوى، وما قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به، حيث إننا نجد الآن أن هناك الكثير من القُصَّر الذين صنفهم هذا القانون من فئة الاطفال والذين ينفذون عقوبة بموجب المرسوم الملغي بالمادة الثانية من قانون العدالة الإصلاحية، ونقصد المرسوم رقم 17 لسنة 76 وتحديداً الباب السابع الصادر بالقانون رقم 37 لسنة 2012 والمعني بشأن الطفل، في الوقت ذاته ستصدر أحكام بموجب قانون العدالة الأصلاحية للأطفال الذي تم إقراره بجلسة 28 أبريل بمجلس النواب.
ولاشك أن هذا التباين في تقرير العقوبة سيخلق تشويشاً وإرباكاً في الحفاظ على الغاية التي نطمح جميعنا إلى تحقيقها، ألا وهي تحقيق القدر الأكبر من العدالة الاجتماعية.المشرع حين يقرر مواد العقوبة في القانون يفردها بكافة العناصر الشخصية، ويحتاط لكل العوامل الموضوعية ضمانا لتناسب العقوبة مع قدر الجرم المنسوب للمتهم، فإذا كان هذا المتهم قاصرا أضاف هذا عبئاً إضافياً، يجعل من المشرع أن يحتاط في تقريره للعقوبة بدل المرة مئات المرات.ولتقريب الفكرة أكثر فإننا نخشى أن يقضي قاصران عقوبة مختلفة عن ذات الفعل المجرم، والأولى أشد قساوة من الثانية؛ لأن القضاء قرر فيها بموجب القانون الملغى، بينما الثانية تمت في ظل قانون العدالة الإصلاحية، ونال فيها القاصر المتهم كافة الضمانات والإجراءات المقررة في قانون العدالة، على خلاف الأول، وسيوحي ذلك بوجود قصورٍ في العدالة وتطبيق القانون، وتصبح بموجبها العقوبة كاشفة عن قسوتها، وتؤدي غرض متناقضاً للغاية المرجوة من تشريعها، وبهذا تنفصل جنائيا عن مقوماتها والغرض النهائي من تقريرها.
وتسليما بالفقه القانوني الذي يرى أن العدالة توزيعية من خلال التشريع وتقويمية ترتد من خلال الحلول القضائية، فإن للمشرع أن يجانب الخلل الذي قد يطال المحكومين بموجب القانون السابق بأن يشمل في المادة الثانية من قانون العدالة الإصلاحية مجال تطبيق القانون بفصيح القول أولائك القُصَّر الذين صدرت عليهم أحكام، ولم ينفذو العقوبة أو من لازالو قيد تنفيذ العقوبة ليعاد النظر في الأحكام التي سبق وأن صدرت لتتوائم مع العقوبة بموجب القانون الجديد.خاصة أن الطفل الذي ينحرف أو يجرم في السنوات الأولى من عمره غالباً ما يكون ضحية لظروف اجتماعية غير ملائمة تحيط به هي التي دفعته إلى طريق الإجرام أو الانحراف". فالإنسان لا يولد مجرماً، ويجب أن نتعامل معه وفق رؤية أخرى، وكما يقول القاضي الأمريكي جوليان ماك ( الطفل الذي ينتهك القانون، ينبغي أن يعامل معاملة الأب الحكيم لابنه العاق).
وقد يهمك أيضا" :
فوزية زينل تستنكر الإجراء اللامسؤول في قطر تجاه المسافرين البحرينيين
أرسل تعليقك