القراءة فعل حب لا يمكن أن يولد هذا الحب في القلب لو لم يسقَ الطفل منذ بداياته به، وهنا تكمن مسؤولية الوالدين في تشريب أبنائهم بهذا الحب، ولكن أيضا يمكن أن يكتسب هذا الشعور بمرور الوقت عندما يقرر الفرد الارتقاء بنفسه، فالقراءة كهوية وكنمط حياة قرار فردي نابع من الإحساس العالي بقيمة هذا الفعل؛ كونه أول أمر رباني نزل على سيدنا محمد "اقرأ".عصرنا الحالي عصر السرعة والتكنولوجيا باتت الثقافة والقراءة في مملكة البحرين بخطر بسبب أن الغالبية العظمى تعيش في عالم افتراضي "وردي" يجعلهم ينسون رسالتهم الحقيقية على هذه
الأرض والتي لا يمكن أن تتحقق لولا القراءة أولا، فالغالبية الآن تغريهم الثقافة السريعة التي يتلقونها من وسائل التواصل الاجتماعي والتي لا تغني العقل ولا تطور الشخصية، فهي ثقافة ضحلة لا تحقق الأثر المطلوب، ولكنها للأسف الاتجاه السائد بين الشباب.قال الإعلامي محمود خليفة البنخليل، إذا تحدثنا عن الجمهور البحريني، فهو ينقسم إلى أقسام متنوعة، فمنهم أطفال بنات وصبيان وشباب وشابات ورجال ونساء، فكل فئة تختلف في تعاملها مع الثقافة وطريقة تفاعلها، لكن من خلال متابعتي كوني إعلاميا مازالت هناك نسبة متواضعة من الرجال والنساء
مازالوا يتمسكون بالثقافة والقراءة. أما فئة الشباب، فهي تعتبر الأقل تفاعلا مع الثقافة الأدبية والقراءات الأدبية؛ كون انشغالهم الأكثر في الدراسة، وأما بخصوص الأطفال، فأصبحوا بعيدين كل البعد عن الثقافة الأدبية والقراءات الادبية؛ لانشغالهم بأجهزة الهواتف وبرامجها المختلفة ومواقع بث الفيديوهات، حيث أصبح هذا الجيل مرتبطا بثقافات خارجية لا تضيف أي إضافة لعقولهم، بل ربما تبعدهم أكثر عن الثقافة المحلية والقراءات التي كانت تمثل القصص والحكايات ومختلف العلوم.وأضاف البنخليل أيضاً أن هناك أسبابا مختلفة لعزوف المجتمع أو الجماهير
البحرينية عن الثقافة الأدبية أو القراءات، فمثل هذه الأمور تحتاج هذا اليوم إلى إيجاد بيئة مناسبة تتناسب مع هذا الجيل وذلك من خلال تطوير المكتبات العامة وعمل الأنشطة والفعاليات الأدبية وتشجيع الجميع لإثراء الثقافة من خلال تدشين الكتب والكتيبات وإيجاد دورات وورش تعليمية لكسب مهارات الكتابة لمختلف المجالات الأدبية، كما من المهم التنوع الثقافي والتخصص الأدبي وذلك بالسماح بفتح العديد من المراكز والأندية الثقافية وجعل النوادي الرياضية متنفسا لذلك.قالت الكاتبة البحرينية بيان عيد، ترى أنه يرجع لأسباب عدة منها: من وضع
اللبنة الأساسية في بناء الفرد هنا، قائم على اقتصار الثقافة في المناهج التعليمية، ووضع المجال الأدبي والقراءة كركن ثانوي وتحويله لمجرد هواية بدلاً من وضعها ضمن الركائز الرئيسة، إضافة لتغير هرم الأولويات لدى الناس، فهناك عدة اهتمامات وليدة العصر أبعدت المجتمع عن القراءة والثقافة الأدبية بشكل عام، كما يعود لنظرة فئة كبيرة من الجمهور باقتصار الثقافة على اللغة الأجنبية والبعد عن الأدب واللغة العربية.وأضافت بيان أيضا من جهة أخرى هناك مسببات خارجة عن إطار الفئة العازفة، وهي عدم مجاراة منتجات ومخرجات الثقافة الأدبية
للعصر وما يلفت الجمهور والشباب خاصة، مما يجعلهم ينظرون للثقافة الأدبية من زاوية مملة.قال الروائي علي إسماعيل، من وجهة نظري لا أعتقد بأن هناك عزوفا في القراءات الأدبية في البحرين، فأعداد القراء في ازدياد سنوي، ولكن الملاحظ بأن هناك تخبطا بين فئة الشباب في اختياراتهم القرائية، وأعتقد بأن هذا راجع للكم المهول من الأعمال (الأدبية) غير الجيدة المنشورة سنويا، فلا أخفيك سرا إن قلت لكِ إن أغلب ما يعرض من أعمال أدبية هي سيئة من الناحية الأدبية سواء بسبب السرد السيئ أو الطرح المكرر والمبتذل أو بسبب لغة السرد
المشوهة أو غياب الهدف من العمل الأدبي المطروح.وأوضح الروائي أن هناك حركة أدبية خجولة (وبالخصوص فيما يخص كتابة الرواية المعاصرة) بدأت تظهر للسطح في البحرين، والغريب بأن أفضل الكتاب البحرينيين في مجال كتابة الرواية (من أمثال الأستاذ جعفر سلمان) هم مشهورون في دول الخليج أكثر مما هم معروفون في البحرين، وهذا تناقض غريب.الكاتب جابر خمدن قال إن المجتمع البحريني شريحة كبيرة فيه من المثقفين، وحتى الأفراد غير المشتغلين بالثقافة هم مثقفون بدرجة ما، وكثير من الفعاليات الثقافية تقام وعليها إقبال، ربما الجيل
الجديد، خصوصا الذكور هم عازفون عن الأدب، ولكن الإناث ليسوا كذلك، أيضا مشاغل الحياة في هذا الزمن، الدوام الطويل والانشغال بلقمة العيش لها تأثير، ولكن أنا أرى بالنسبة لمجتمعنا الصغير مازال الأدب قراءة وكتابة، وهناك إقبال وليس إدبار، ولدينا مواهب كثيرة تقرأ وتكتب قالت الكاتبة ندى نسيم وهي عضو في أسرة الأدباء، أعتقد بأن المشهد الثقافي البحريني يشهد صحوة جميلة في السنوات الأخيرة من خلال توجه الشباب لطرق أبواب الثقافة من خلال الكتابة الإبداعية وتفعيل الحركات الثقافية في مملكة البحرين، فقد شهدنا في الآونة
الأخيرة ازديادا في عدد الكتاب الروائيين بشكل ملفت ويبعث الفخر في نفوس المحبين للقراءة كما شهدنا ظهور بعض الحركات الثقافية مثل "كلنا نقرأ" هذا التجمع الشبابي الذي يسعى لصقل الجانب الثقافي بكل ألوانه، كما ظهر هناك دور للمؤسسات الثقافية؛ الأمر الذي ساهم في فتح أبواب للشباب من خلال البرامج الشبابية وظهور الشباب في الحوارات والندوات والمشاركات.وأضافت أيضا الكاتبة ندى، لقد لعبت وزارة الثقافة دور كبير في هذا الجانب من خلال طرحها المتنوع للبرامج الثقافية التي تفتح أفاق الشباب وتصقل مهاراتهم الإبداعية في
الفن والكتابة والمسرح وكذلك من أبرز المؤسسات التي عكست هذا الجانب "أسرة الأدباء والكتاب""مركز عبدالرحمن كانو الثقافي"، وغيرهم من النوادي والمؤسسات الثقافية.
قد يهمك ايضاً
هيئة الثقافة البحرينية تُعلن تدشين كتاب "الثقافة والدبلوماسية"
"جداريات ديسمبر" تنطلق بمنطقة الجسرة مع الفنانة مريم السندي
أرسل تعليقك