تونس _ حياة الغانمي
أكّد رئيس المركز الدولي لحوار الحضارات والتعايش السلمي، الشيخ لطفي الشندرلي، أن وظيفة المركز هي المساهمة في دعم ثقافة الحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين معتنقي القيم الدينية ومد جسور التعاون والتفاهم بين الحضارات والأديان والحوار البناء بين اتباع الأديان من أجل فهم أفضل المبادئ والتعاليم الدينية لتسخيرها لخدمة الانسانية وتعزيز ثقافة التعايش السلمي وقبول الآخر وتفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية، بجانب نشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال ونشر الفكر الإصلاحي والخطاب المستنير، ومقاومة التطرّف.
وأوضح لطفي الشندرلي، في مقابلة خاصّة مع "صوت الإمارات"، أنّ "حلقة من حلقات الإصلاح تغرس الفهم الصحيح والتربية الصحيحة لدى شعب تونس وباقي الشعوب لبناء حوار عاقل وعادل، لتعزيز القيم المشتركة مع الآخر ونبذ العنف و الانغلاق والجهل وضيق الأفق للمساهمة في إرساء المفاهيم الصحيحة وإبراز آفاق رسالة الإسلام الخيرة دون عداوة أو استعداء"، مضيفًا أنّ المركز الدولي هو مركز ثقافي علمي يدعو إلى الثقافة والعلم والخلق والإبداع وقد وضعوا استراتيجية وأهداف واضحة، ومبيّنًا أنهم يقدّمون محاضرات ومنتديات ودروس متنوعة "دور العلم في رقي المجتمعات"، "الفكر الإصلاحي والخطاب المستنير"، "مفهوم التعايش السلمي الحاضر والمستقبل"، "خطر الإرهاب على الأرض والمجتمع"، "الإصلاح والمصلحين وحاجتنا إليهم"، "رفع الوعي لدى الشباب بمخاطر الإرهاب”.
واعتبر الشيخ لطفي الشندرلي، أن "ظاهرة التطرّف التي بين أيدينا ظاهرة مركبة، معقدة، وأسبابها كثيرة ومتنوعة، ومتداخلة، فمن هذه الأسباب ما هو ديني، ومنها ما هو سياسي، منها ما هو اجتماعي، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو نفسي، ومنها ما هو فكري، ومنها ما هو خليط من هذا كله أو بعضه، إن العوامل التي تؤدي للتطرّف متداخلة منها، ضعف البصيرة بحقيقة الدين، حيث أنّ ادّعاء العلم وظهور أنصاف المتعلمين، الذي يظن صاحبه به أنه أعلم الخلق، وهو يجهل الكثير والكثير، فهو يعرف بما لا يعرف، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يقبض الله العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا “وأضلوا” "الحديث في الصحيحين من رواية عبد الله عمرو رضي الله ”.
وأضاف الشندرلي، أنّ "غياب العلم الشرعي المعتدل، قاد إلى غياب الوعي الديني والفهم العميق للنصوص الشرعية، وتلقي العلم من غير المتخصصين، أدى إلى الخلط والفوضى في المفاهيم، وبالتالي انعدم الوسط الثقافي الديني السليم في المجتمع، كل ذلك أدى إلى خلق وسط بديل للشباب، يشبعون فيه أهواءهم ونزواتهم ناهيك عن الإحباط والتهميش والفقر كل ذلك أدى بهم إلى الارتماء نحو الغلو والتشدد فاستقطبتهم الأيادي الخبيثة المجرمة فاستحوذوا على عقولهم بشتى أنواع الوسائل الحديثة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ واعتبر أن كل من يدعو لقتل النفس البشرية بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا كما قال الله تعالى في كتابه العزيز فتلك أمانيهم القتل والذبح والخراب وهذا حرام شرعا في كل الديانات السمحاء"، وكشفت التقارير أن هؤلاء مرتبطون بشبكات تدعوا حسب زعمهم إلى الجهاد في سبيل الله والله منهم براء فالإسلام دين رحمة وسلم وسلام.
وأكّد الشندرلي، أن "غسل الدماغ وعمليات الاستقطاب التي يقوم بها هؤلاء عبر خطبهم وكلامهم العاطفي يقع فيها السذج وبسطاء التفكير بدعوى الجنة وحور العين ورضاء الله كلام يؤثر فيهم طبعا لحماقتهم فالأصل هو يخادعهم بما يقول ومن وراء ذلك حثهم للذهاب للمحارق والموت المقيت باسم الجنة التي عرضها السماوات والأرض أعدت لهم وهو لا يدري أنه تجارة تلاعبت به سماسرة الموت"، مشيرًا إلى أنّه "لهذا يجب أن يتم تكوين الخطباء والوعاظ والمرشدين تكوينا دقيقا لإيصال خطابهم للشباب، ويجب اعادة النظر في أئمة الجمعة لا بد من إعادة النظر فيهم حيث أن 6% جامعيين و94% سنة سادسة ابتدائي و الآخرون يحملون شهادة البكالوريا دون اختصاص، لا بد من إعادة جامع الزيتونة ودوره الفعال في نشر العلم و روح الوسطية الاعتدال".
وعن برنامج المركز الدولي في شهر رمضان، بيّن أنّ "له برنامج توأمة مع جامعة الدول العربية، ومحاضرات، منتديات، مسامرات، قافلة الفكر الإصلاحي لأربع ولايات، بنزرت، باجة، سوسة والمنستير، يلتقي فيه الشباب والشابات في مسامرات رمضانية ومحاورات عن مواضيع ثقافية علمية"، وفيما يتعلق بمسالة الصوم في رمضان الكريم وما يمكن أن يمنع المرء من الصيام، أشار الشيخ الشندرلي إلى أن هناك بعض الأمراض التي تمنع المريض من الصيام، لأنه يمكن أن يكون هناك خطر على صحته، ومن أهم هذه الأمراض، قرحة المعدة، التي غالبًا ما تكون مضاعفاتها خطيرة خلال الصيام، وقرحة المعدة هي عبارة عن ثقب أو فقدان لمكان ما داخل غشاء المعدة، وهذا الفقدان، سببه كثرة الإفرازات الحموضية للمعدة، فخلال الايام العادية يكون هناك توازن ما بين الإفرازات الحموضية وما بين المفعول الذي يهدئ هذه الافرازات والذي يكون على شكل طعام ،فتواجه البروتينات هذه الافرازات الحموضية وبالتالي يكون هناك توازن لا يؤثر على المعدة، وبالنسبة إلى الشخص المصاب بقرحة المعدة خلال الأيام العادية يشعر بآلام في المعدة قبل الغداء وقبل العشاء، وغالبًا بالليل خلال النوم، فيستيقظ ليبحث عن شيء يأكله، ليهدأ من آلام المعدة، وفي شهر الصيام يفتقد ذلك التوازن، لأن المعدة تكون فارغة، فتكثر الإفرازات الحموضية وتتمركز في مكان معين، فتصيب الغشاء الداخلي للمعدة، وكلما انعدم التوازن كلما زادت نسبة الحموضة، وبالتالي تزيد نسبة تآكل الغشاء الداخلي للمعدة، ويمكن أن يصل الأمر لا قدر الله إلى إحداث ثقب في المعدة، أما بالنسبة الى الأمراض الأخرى التي تمنع صاحبها من الصيام، هناك الالتهابات القولونية الحادة، لأنه يمكن أن تظهر أعراض خطيرة كآلام حادة أو نزيف دموي حاد، وهناك أيضا الأورام الخبيثة التي تصيب الجهاز الهضمي، إما المعدة أو الأمعاء، وفي هذه الحالة يمنع الصيام، لأن الاورام الخبيثة تضعف الجسم وتفقده المناعة وبالتالي فإن الصيام يشكل خطرًا على حياة المصاب، الأمراض المسالة الأخرى التي تمنع صاحبها من الصيام هي أمراض الكبد والتي فيها مراحل، ففي حالة تشمع الكبد وخاصة إذا كانت المضاعفات الجانبية على شكل ماء في البطن أو نزيف دموي أو على شكل فشل عضوي للكبد، هنا يمنع على المريض الصيام لأن ذلك سيؤثر عليه، أما إذا كان مرض الكبد لازال في بدايته وليس هناك أعراض مهمة، فلا مانع من الصيام، وهناك أيضا أمراض الكبد الفيروسية، فكما نعرف، التهاب الكبد الفيروسي سي او باء، تصيب فئة معينة من الناس، فإذا كان المريض يخضع لعلاج طبي إما على شكل حقن أو عقاقير، تأخذ خلال 6 أشهر أو سنة، هنا لا يمكن للمريض أن يصوم، لأنه إذا صام يكون هناك خلل في أخذ الأدوية وفي المدة الزمنية للعلاج وهذا يؤدي الى مشاكل، وأمراض القلب كذلك، وأمراض السكري، تمنع صاحبها من الصيام، لأن الصيام يؤدي الى مضاعفات عديدة، كأن يجف الجسم من الماء، كما أنه يمكن أن تظهر بعض الاضطرابات خصوصا وأن مريض القلب ملزم بأخذ الأدوية في أوقاتها المنتظمة، ومرضى السكري يجب ألا يصوموا، لأن الصيام يمكن أن يؤدي في حالات كثيرة إلى هبوط السكري في الدم، وهي أخطر من الارتفاع السكري".
وختم الشندرلي أنّ "السفر إذا كانت المسافة أكثر من 81 كم، فيجوز له الإفطار إن كانت هناك مشقة وإن لم تكن مشقة فالصوم أولى، شهر الصيام هو شهر الرحمة والإخاء والجود والكرم والعطاء فيه ليلة خير من ألف شهر إنه شهر العبادة والإخاء والتكافل الاجتماعي وروح العطاء وشهر الكد والعمل والتشييد والبناء فلا مجال للغضب والتباغض والحقد والبطالة والتقاعس باسم رمضان فالأخلاق فيه فضيلة ورفعة للدر جات عند المولى جلّ وعلى"
أرسل تعليقك