شكّل القرار الأخير لوزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيطي العمراني عصام خلف بشأن تأجيل تحصيل كلفة البنية التحتية الخاصة بخدمتي الطرق والصرف الصحي البالغة 5.5 دينار للمتر المربع من مساحة البناء إذا كانتا غير متوفرتين في مناطق التعمير القائمة، مسعى لافتًا في سياق مراجعة الآليات القانونية المتعلقة بتحصيل كلفة هذه الخدمات.
وفي ردّ سابق للوزير على سؤال برلماني أكد فيه أن إيرادات الحكومة من رسوم البنية التحتية منذ تطبيقها في منتصف العام 2017 وحتى سبتمبر 2019 بلغت 14.5 مليون دينار، أي ما يعادل 7 ملايين دينار في السنة، ما يعني أن حصيلة الإيرادات حتى العام الجاري لا تقل عن 20 مليون دينار في حال استمرار عمليات التعمير بنفس الوتيرة.
رغم ما تم تحصيله من إيرادات إلا أن الشكوى من تأخر توصيل مناطق التعمير الجديدة بشبكات الصرف الصحي ورصف الطرق فيها مازالت على حالها، وهو ما أجمع عليه أعضاء المجالس البلدية ومجلس أمانة العاصمة في هذا الاستطلاع.
ويأتي قرار الوزير بإرجاء تحصيل كلفة الطرق والصرف الصحي حتى توفرهما ليؤكد الواقع الذي تعاني منه أغلب المناطق من تأخر توصيل هذه الخدمات، كما يفتح باب السؤال عن مصير المبالغ المحصلة عن كثير من المناطق القائمة التي تم تحميل سكانها كلفة هذه الخدمات.
حركة التعمير
من جهته، رأى رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة بمجلس بلدي الشمالية شبر الوداعي أن الحديث في واقع تطورات متطلبات إنشاء البنى التحتية ينبغي أن يأخذ في الاعتبار حركة التعمير المتصاعدة، والبحث عن الإجابة على سؤال نعيش واقعه ويغفله كثيرون وهو: أين يكمن مربط الفرس في محيط واقع دراسة جوهر المشكلة؟.
ولفت إلى أن شبكة الصرف الصحي من المتطلبات الحيوية للسكان، والدولة تحرص على وضعها ضمن أولويات خططها التنفيذية للمشاريع التنموية، ومن الملاحظ أن المراحل السابقة مع الوفرة المالية والمستوى المنخفض للتوسع العمراني والسكاني ساهم في إنجاز مشاريع شبكة الصرف الصحي بأريحية، بيد أنه مع تصاعد وتيرة الحركة العمرانية والتوسع السكاني تغير واقع الطلب ومتطلبات تمديد شبكة الصرف الصحي.
وأكد أن الحقيقة التي ينبغي إدراكها هي أن إجراءات العمل لتمديد شبكة الصرف الصحي يبدأ التخطيط لها بعد أن يبلغ نسبة السكن في المنطقة 70 %، حيث يبدأ حينها العمل على دراسة الخطط الفنية وإعداد تصاميم شبكة الصرف الصحي، وبعد إنجاز التصاميم يجري دراسة تحديد الكلفة التقديرية للمشروع، وتخصيص ميزانية المشروع وإقرار الميزانية وتحديد المناقصة لترسيه المشروع وذلك يتطلب جهدًا ووقتًا، وفي ذلك تكمن الأسباب فيما هو حاصل من تأخير في عملية مد شبكة الصرف الصحي وإنجاز البنية التحتية.
وذكر أن تأخر إنشاء شبكة الصرف الصحي بلا شك يترك آثاره على الحياة المعيشية للمجتمع، وذلك ما هو مشهود في مشكلة فيضان خزانات الصرف الصحي في العديد من المجمعات، بسبب محدودية توفر صهاريج شفط خزانات الصرف الصحي وبالأخص في موسم الأمطار.
وأشار إلى أنه رغم القصور في توصيل المناطق بشبكة الصرف الصحي بسبب الظروف التي تفرضها المتطلبات المالية والإجرائية والفنية وإجراءات التخطيط في بعض المناطق، يظل هناك حرص من قبل الجهات المختصة في إيجاد حلول فعلية لتغطية القصور، ومعالجة الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى التأخير في مد شبكة الصرف وإنجاز البنى التحتية.
حق إنساني
من جانبه، أكد عضو مجلس أمانة العاصمة عبدالواحد النكال أن الحصول على خدمة الصرف الصحي هو حق إنساني يقع ضمن الحق في السكن الملائم والمستوى المعيشي المناسب.
وأوضح أن أسباب مشكلة تأخر توصيل المناطق بشبكات الصرف الصحي في البحرين متعددة ويمكن أن تتمثل في التزايد السكاني والكثافة السكانية المضطردة، والإعمار المتزايد والمتسارع، وضعف الميزانية المخصصة للمشاريع، وطول وتعدد مراحل المشروع بدءًا من الدراسة وإعداد التصاميم مرورًا بتخصيص الميزانية وانتهاءً بطرح المناقصة، إضافة إلى تهالك وقدم الشبكات القديمة وحاجتها للصيانة أو الاستبدال.
وأشار إلى أن من بين تلك الأسباب أيضًا انخفاض الطاقة الاستيعابية في محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، وارتفاع كلفة البنية التحتية اللازمة لإنشاء الشبكات خاصة في المناطق التي تشهد كثافة سكانية عالية أو المشاريع الاستثمارية والإعمار.
ولفت إلى أن تأخر إنشاء شبكات الصرف الصحي له تداعيات سلبية متعددة منها التأخر في رصف الطرق والشوارع، وبالتالي انعكاسها سلبًا على التنقل وصعوبة الوصول إلى المساكن خاصة في موسم الأمطار، وزيادة في الأعباء المالية على البلديات من خلال تخصيص ميزانيات لمناقصات شفط مياه الصرف الصحي من البيوت السكنية، إلى جانب الضرر البيئي الناتج عن عمليات شفط المياه من البيوت، وتنقل سيارات الشفط في المناطق السكنية، أو الناتجة عن تسربات من غرف تجميع المياه في تلك المنازل.
وذكر أن الحل المقترح في ظل استمرار تحصيل كلفة البنية التحتية يتمثل في الخصخصة، التي من شأنها أن تسرّع من وتيرة إنشاء الشبكات، وتقلل من فترة الانتظار، بل يمكن من خلال الخصخصة أن تتوافر خدمات البنية التحتية قبل الشروع في عملية البناء وذلك من خلال الاستفادة من تحصيل الكلفة.
ولفت إلى أنه ومنذ البدء في تحصيل رسوم كلفة البنية التحتية لم يطرأ أي تغيير على سرعة إنجاز مشاريع الصرف الصحي، بل تسبب هذا الأمر في ضغوطات أكبر على قطاع الصرف الصحي.
ورأى أن إيقاف تحصيل هذه الكلفة في الوقت الراهن أفضل ويمكن تحصيلها في الوقت الذي يتم فيه طلب إيصال شبكة مياه الصرف الصحي بالعقار، وهو ما ذهب إليه القرار الوزاري الأخير.
قانون النظافة
إلى ذلك، قال رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة بمجلس بلدي المحرق فاضل العود إن العمل في شبكات الصرف الصحي يعتبر بدائيًّا إلى حد ما، وذلك يشمل المناطق القديمة والجديدة على حد سواء.
وتابع، وعلى الرغم من جهود وزارة الأشغال في هذا الشأن إلا أن الجهود لا تكتمل سوى بإنجاز البنية التحتية المتكاملة، وهو أمر مرتبط بالصحة والبيئة والنظافة وتوفير سبل الراحة، وهو ما تدعو له الحكومة وتحرص عليه.
وأردف، اليوم تشهد المملكة طفرة عمرانية كبيرة، حيث تبنى المدن والمناطق الإسكانية في فترة زمنية قصيرة، وبعد ذلك تدرج مشاريع الصرف الصحي على مدى سنوات قد تطول وتتعب الأهالي والمستثمرين وتكلفهم خسائر جسيمة.
ولفت إلى أن الحل المطروح عبر صهاريج شفط المياه العادمة لا يعدو أكثر من حل مؤقت له تبعاته غير المرغوبة لدى السكان، حيث إن لآليات الشفط إمكانيات وسعة محدودة، وقد تتأخر أو تتعطل لأسباب فنية أو مالية مما يسبب مشكلة كبيرة في المنطقة.
وقال العود إن ذلك يأتي في ظل مساعي تطبيق قانون النظافة، فكيف تطبق العقوبات على المواطنين في المناطق المفتقرة للصرف الصحي عندما تفيض مجاريهم ويضطرون لتنظيفها للتخلص من أذاها، متسائلاً عن جدوى مبالغ رسوم تحصيل البنية التحتية التي تم تحصيلها خلال الأعوام الماضية والتي كان يؤمل أنها تسرّع من عملية ربط المناطق بشبكة الصرف الصحي.
جيوب المواطنين
من جانبه، قال رئيس لجنة الخدمات والمرافق العامة خالد جناحي إن مشكلة عدم وجود شبكة صرف صحي في بعض المناطق بالجنوبية يشكل عائقاً وحملاً ثقيلاً على كاهل السكان.
ولفت إلى أن مجموعة من المواطنين باتوا يضطرون للجوء إلى الصرف من جيوبهم الخاصة لتغطية حاجتهم من عمليات شفط مياه المجاري لمرة أو مرتين خلال الشهر، وذلك حيث تشترط الوزارة اكتمال 70 % من المنطقة للبدء في مد السكان بخدمات الصرف الصحي.
وذكر أن الوزارة على علم بمناطق المحافظة الجنوبية التي تشهد نموًّا عمرانيًّا وسكانيًّا متسارعًا، وهي بحاجة إلى مواكبة هذا النمو بتوصيل منازلها بشبكة الصرف الصحي، الذي سيخفف التكلفة على الوزارة من خلال تجزئة المشروع إلى مراحل ضمن موازنات متعددة.
وبيّن أن الآلية المتبعة لدى الوزارة في توصيل المناطق بالشبكة تسببت في تأخر توصيل بعض المناطق لمدد تتراوح بين 10 و15 سنة، مما يشكل عبئًا على كاهل المواطنين.
واختتم بأن المجالس البلدية تستقبل بشكل شبه يومي طلبات من المواطنين بهذا الشأن، الذين يشكون من عدم العدالة في تنفيذ مشاريع الصرف الصحي بين المناطق
قد يهمك أيضا:
وفاة 3 من عمال الصرف الصحي في البحرين
وزير الأشغال البحريني يتفقد مشروع تطوير محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي
أرسل تعليقك