تسبب تخفيض العملة الصينية باهتزاز كبير الاربعاء في الاسواق المالية العالمية القلقة من رؤية مؤشرات جدية تؤكد على وهن احد محركات الاقتصاد العالمي.
ففي واحد من الاسابيع التي بدت من الاكثر هدوءا هذا العام وفي عز فصل الصيف، كان لقرار بكين الثلاثاء خفض القيمة المرجعية لليوان بهدف اعادة اطلاق نشاطها المتباطىء، وقع المفاجأة غير السارة على الاسواق.
المستثمرون لم يكن لديهم متسع من الوقت لهضم الخبر فيما الحكومة الصينية تقدم على مزيد من تخفيض عملتها بعد ان اكدت الامس ان الامر مجرد "خطوة فريدة".
وفي الاسواق العالمية الاربعاء كانت النتيجة واضحة وانعكس القرار الصيني سلبا على البورصات الاسيوية لتقفل طوكيو على تراجع بنسبة 1,6 بالمئة وهونغ كونغ على 2,38 بالمئة وشنغهاي على 1,06 بالمئة. ثم تلحق بها البورصات الاوروبية بعد تلقيها الضربة امس.
في حوالى الساعة 12,00 (10,00 تغ) خسرت بورصة باريس 2,76% وفرانكفورت 2,30% ولندن 1,34% ومدريد 2% وميلانو 2,30%.
وبدورها سجلت العملة الروسية تدهورا ليتجاوز الدولار الاميركي العتبة الرمزية ل65 للمرة الاولى منذ نحو ستة اشهر. وبذلك تقترب العملة الروسية من ادنى مستوياتها هذا العام.
وهذا التدهور الذي يزيد عن 20% مقابل الدولار في اقل من شهرين، يثير التخوف من حصول اضطراب مالي جديد بعد ثمانية اشهر من ازمة كانون الاول/ديسمبر بسبب تراجع اسعار النفط والعقوبات الغربية المرتبطة بالازمة الاوكرانية.
وفي بداية الجلسة ارتفع الدولار واليورو في بورصة موسكو الى اعلى مستوياتهما منذ شباط/فبراير ليسجلا على التوالي 65,25 روبلا و72,48 روبلا.
ولخص الكسندر باراديز المحلل في المؤسسة المالية "اي جي فرانس" الوضع العام بقوله "ان الصين تؤثر بشكل كبير على الاسواق منذ 48 ساعة". وقال "ان السوق اعتبرت سابقا ان السلطات ستبقى هادئة خلال بضعة ايام بعد التخفيض الاول لكن (التخفيض) الثاني فاجأها لانه جاء بعد وقت قريب جدا".
كذلك عمت حالة ارتباك وسط المستثمرين بسبب التباطؤ الكبير في الانتاج الصناعي المسجل في الصين في شهر تموز/يوليو، مع ارتفاع بنسبة 6% على مدى عام، وهو رقم اقل بكثير من توقعات المحللين ويؤكد مرة اخرى حالة الوهن الذي يمر بها ثاني اقتصاد عالمي.
ولفت باراديز الى ان هذا الرقم "لم يطمئن الاسواق" ما يغذي الفكرة القائلة بان الصين تخفض عملتها من اجل "الحد من التباطوء الاقتصادي الذي سيكون له وقع على اوروبا والولايات المتحدة".
في المقابل تشهد سوق الديون السيادية التي تعتبر ملجأ تقليديا في حال الاضطراب، تدفقا للمستثمرين بحثا عن واحة آمان.
ففي حوالى الساعة 12,00 (10,00 تغ) تحسنت معدلات الفائدة على القروض على مدى عشر سنوات في المانيا الى 0,615% مقابل 0,632% امس. وسلكت فرنسا الطريق نفسها ليصل المعدل الى 0,920% (مقابل 0,929%). ومعدل الفائدة في الولايات المتحدة بلغ 2,008% مقابل 2,141%.
وفي سوق سندات الخزينة بات اكثر من سهم مطلوبا اذ انه كلما ارتفع سعره كلما انخفض معدل فائدته.
ومن المفاعيل الجانبية لقرار تخفيض العملة الصينية تراجعت اسعار المواد الاولية وفي مقدمها النفط الذي تعد الصين من كبار مستهلكي الذهب الاسود.
كذلك سوق الصرف لم تبق في منأى عن تبعات القرار الصيني الذي يضغط على عملات الدول الناشئة على غرار العملة الروسية التي سجلت تدهورا صباح الاربعاء. وقد ارتفع اليورو مقابل الدولار. ففي الساعة 11,30 (9,30 ت غ) تم تبادل العملة الاوروبية الموحدة ب1,1131 دولارا مقابل 1,1042 دولارا الثلاثاء حوالى الساعة 21,00 ت غ.
وعلق كريس بوشان الاخصائي في اسواق الصرف لدى شركة اي جي ان على ذلك بقوله "يبدو ان الصين اكتشفت شغف التدخلات في الاسواق"، مضيفا "ان كان شبح حرب العملات مثيرا للقلق الثلاثاء فهو يبدو جليا" الاربعاء.
ولفت المحللون لدى شركة الاستثمار "اوريل بي جي سي" من جهتهم الى "ان تقدم الدولار عزز تلقائيا اليوان مقابل العملات الاخرى فيما استمرت الاجور في الارتفاع في الصين، ما يقلص القدرة التنافسية للبلاد".
والتساؤل الذي يطرح نفسه بات براي هؤلاء المحللين "التالي: هل يمكن ان يدخل اليوان في دوامة تخفيض دائمة؟"، لكنهم اعتبروا مع ذلك "ان بكين لن تريد على الارجح اعطاء الانطباع بان تخفيض اليوان انطلق ليبقى، ما يمكن ان يؤدي الى تسريع هروب رؤوس الاموال".
أرسل تعليقك