القاهرة - صوت الامارات
شهد قطاع السيارات المصري في الأعوام الثلاثة الماضية تغيرات كبيرة، إثر قرار مجلس الوزراء بتحرير أسعار النقد الأجنبي في مقابل الجنيه المصري، والذي جاء ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي.
كانت حكومة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق كشفت في 3 من نوفمبر 2016 عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي اشتمل تحرير أسعار النقد الأجنبي وإعادة النظر في قيم فواتير الدعم الحكومي للمشتقات البترولية والكهرباء وغيرها.
وفي اليوم التالي لقرار تعويم الدولار؛ أصاب سوق السيارات حالة من التخبط، إذ ارتفعت الأسعار بين ليلة وضحاها إلى نحو 100%، ما أدى إلى إحجام الآلاف من العملاء عن الشراء، الأمر الذي دفع مستثمرين بالقطاع لتغيير بعض خططهم المستقبلية.
ومع ارتفاع قيمة العملة الأجنبية في 3 نوفمبر 2016 إلى نحو 15.28 جنيه، فقدت الشركات قدرتها على ضبط الأسعار، وحيث أن القطاع قائم بشكل شبه كامل على الاستيراد سواء السيارات أو مكونات الإنتاج الخاصة بالتجميع المحلي. كان الركود نتيجة حتمية.
وبالرغم من إحجام الكثيرين عن الشراء؛ إلا أن السوق في 2016 أغلق على إجمالي مبيعات وصل إلى 199.600 سيارة بزيادة بنسبة ارتفاع قدرها 5% عن عام 2015، مدفوعًا بمبيعات الأشهر العشر الأول التي سبقت قرار التعويم.
خيم تحرير أسعار النقد بظلاله على مبيعات الربع الأول من 2017، إذ كان قطاع السيارات الأكثر تأثرًا بارتفاع معدلات التضخم، حيث فقد السوق خلال تلك الفترة أكثر من 35% من قوته الشرائية، ما دفع عدد من الشركات ووكلاء العلامات التجارية إلى خفض الرسائل الاستيرادية والاكتفاء بالمعروض في السوق لمجابهة ضغوط الركود.
وبنهاية عام 2017 كان سوق السيارات المحلي قد فقد 31.6% من إجمالي مبيعاته ذلك بحسب بيانات مجلس معلومات سوق السيارات "أميك" حيث توقفت المبيعات عند 136.600 وحدة ليفقد السوق 62.600 عملية بيع مسجله في 2016.
أما عام 2018 فقد كان شاهدا على استعادة القطاع جزءًا كبيرًا من قوته الشرائية، إذ بلغ إجمالي المبيعات بنهاية ديسمبر 193.800 وحدة بمعدل نمو بلغ 42.9% مقارنة بمبيعات 2017.
وقال خالد حسني، المتحدث الرسمي باسم "أميك" في تصريحات سابقة لـ"مصراوي" إن ما حدث في 2017 كان استثنائيًا بسبب تحرير العملات الأجنبية، موضحًا أن استقرار سوق النقد الأجنبي في 2018 أسهم بشكل كبير في استعادة السوق لعافيته.
وفي 2019 يواجه قطاع السيارات تحدٍ آخر بعيدًا عن الجنيه المصري الذي تحسن كثيرًا أمام النقد الأجنبي، ففي الأول من يناير الماضي دخلت الإعفاء الكلي للسيارات الواردة من دول الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية حيز النفاذ تنفيذًا لبنود اتفاقية التجارة الحرة بين مصر ودول أوروبا.
ومع إعفاء السيارات الأوروبية من الجمارك أصيب السوق بحالة من الارتباك بسبب التباين في الأسعار، الأمر الذي دفع شريحة من المستهلكين للمطالبة بمقاطعة الشراء لحين استقرار الأوضاع ومراجعة الوكلاء المحليين للأسعار.
وفي ظل حالة الارتباك المستمرة منذ بداية العام، فقد القطاع وفقًا للبيانات الصادرة عن مجلس معلومات سوق السيارات "أميك" نحو 6% من المبيعات المسجلة خلال نفس الفترة من 2018، ذلك بالرغم من تحسن مبيعات قطاعي الحافلات والشاحنات التجارية.
إلا أن خبراء بقطاع السيارات يتوقعون أن يغلق السوق بنهاية العام الجاري عند المعدلات التي تم تحقيقها في 2018، وفي أقل تقدير تكون نسبة التراجع ما بين 3 و4%.
على الصعيد الرسمي تواصل الحكومة المصرية جهودها لدعم القطاع من خلال وضع أطر قانونية لتنظيم صناعة السيارات، فضلًا عن تقديم خطط استثمارية متعددة لجذب المزيد من رؤوس الأموال والتي أثمرت عن عدد من العلامات التجارية إلى مصر أبرز عودة مرسيدس بنز لتجميع سياراتها في مصر بعد انقطاع دام أكثر من 4 سنوات، إضافة إلى علامة برتون الماليزية.
كما تدفع الحكومة المصرية بقوة لتحويل المنطقة الاقتصادية "شرق بورسيعد" إلى منطقة لوجستية يعتمد عليها الكيانات العالمية المتخصصة في صناعة السيارات لتكون منصة لها للانطلاق من وإلى أفريقيا، فضلًا عن اقتحام ملف توطين صناعة السيارات الكهربائية.