القاهرة ـ ندى أبو شادي
تُعد مدينة جايبور عاصمة ولاية راجستان الهندية، مكانًا رائعًا لمشاهدة واكتشاف روائع الفن الهندي. يكفي أن تسير في شوارعها الواسعة والمخطط لها جيدًا وتستمتع بمشاهدة قصورها الشامخة، ومعابدها المنحوتة، ولونها الوردي، والقرود التي تقفز فوق المباني والمنازل، لتشعر كأنك دخلت عالماً ساحرًا وغنيًا.
تعد جايبور إحدى أهم الوجهات السياحية في الهند، حيث تجمع بين المعالم التاريخية، والقصور الكبرى، بالإضافة إلى الحدائق والمتنزهات، إلى جانب شهرتها كمركز تجاري مهم. الأجمل في جايبور أن كل هذه المعالم والآثار التاريخية فيها تروي حكايات وقصصاً مدهشة عن المدينة، وفصولاً متنوعة من الحضارة الهندية.
يعود بناء مدينة جايبور إلى نحو ثلاثة قرون مضت، حيث أنشأها المهراجا ساواى جاي سينغ عام 1727، وأكثر ما يميزها أنها أول مدينة مخطط لها في الهند، حيث تمتاز بالشوارع الواسعة والمفصولة والمنظمة. أما لونها الوردي فتعود بدايته إلى عام 1876، حين أُعيد طلاء العديد من المباني بهذا اللون لاستقبال الأمير ألبرت زوج الملكة فيكتوريا للمدينة.
ستجد بين القلاع والحصون والقصور التاريخية والحدائق المفتوحة العديد من الخيارات أمامك، ولكن في البداية يجب أن تحدد جدولك بدقة، فإذا كانت رحلتك لجايبور قصيرة، يجب أن تركز على أفضل الأماكن التي لا يمكن أن تفوتك:
أمبر فورت: أو كما تُعرف في اللغة العربية بقلعة العنبر أو الكهرمان، وهي واحدة من أشهر القلاع الهندية التي تشهد إقبالاً كبيراً من السياح من جميع أنحاء العالم. بُنيت فوق قمة تل يطل على بحيرة اصطناعية تسمى مواتا، ويعود تاريخها لقرون مضت. ففي العام 1592 أمر الإمبراطور "رجا مان سينغ" ببناء القلعة من الحجر الرملي الأحمر والرخام، ورغم مرور قرون على بنائها، لا تزال محتفظة برونقها, بجوار القلعة يوجد عدد من القصور والمعابد والحدائق التي تشهد على روعة الهندسة المعمارية في العصور القديمة في الهند.
تتكون القلعة من أربعة أجزاء، وكل جزء له مدخل خاص, فهناك بوابة الشمس التي تُفتح على الفناء الرئيسي، ثم بوابة تشوك التي تُفتح على واحدة من الساحات الأربع التي توصّل إلى القصور، ثم الجزء الخاص بالمعابد، و الجزء الخاص بالحدائق والمنحوتات الجدارية.
لا تكتمل زيارة القلعة من دون الاستمتاع بجولة الأفيال. فهي تجربة لا مثيل لها، وهي جولة تُكلف 1000 روبية نحو 15 دولارًا أميركيًا
تفتح القلعة أبوابها للزائرين والسائحين يوميًا من الثامنة صباحاً حتى الخامسة والنصف مساءً، ويبلغ سعر تذكرة الدخول شاملة التصوير 150 روبية (نحو دولارين ونصف).
هوا محل (Hawa Mahal): يحتل "هوا محل" أو كما يُعرف بقصر الرياح، مكانةً على قائمة أكثر الأماكن السياحية شعبية. هو عبارة عن قصر مكون من خمسة طوابق، المثير في الأمر أنه يقف من دون أي أساسات أو قواعد تحته بفضل شكله الهرمي، فهو منحنى بميل بزاوية قدرها 87 درجة.
يعود بناء القصر لقرنين من الزمان، حيث بُني في عهد المهراجا "سواي براناب سينغ" عام 1799، ويوجد بداخله عدد من المعابد، كما يضم نحو 900 غرفة. أما أهم ما يميزه فنوافذه، التي تقدَّر بـ953 نافذة تعمل كممرات هوائية.
ويقول المرشد السياحي تيواري بريش"تعود إلى العائلة الملكية التي كانت تستخدمه خلال العطلات الصيفية، وقد صُمم بهذا الشكل بحيث يمكن لسيدات الأسرة المالكة رؤية ما يحدث في الخارج من تفاصيل الحياة اليومية أو الاحتفالات العامة من دون أن يراهن أحد.
قصر المدينة (City Palace): يقع في قلب مدينة جايبور ولا يزال موطنًا للعائلة المالكة السابقة. وهو ليس قصراً واحداً، بل مجموعة من الأبنية والقصور شُيدت في الفترة من 1927 - 1932 من قبل الإمبراطور "جاي سينغ الثاني"، تتميز كلها بالحدائق الخلابة. وقد تحول جزء من هذا البناء إلى متحف تاريخي يعرض القطع الأثرية المختلفة التي تنتمي إلى الحكام الذين عاشوا في هذا المكان، مثل الأزياء الملكية والأسلحة الخاصة بهم وما شابه من أمور.
يرتبط قصر المدينة بالعديد من القصص الأسطورية والدرامية، حيث شهد مقتل ابن الإمبراطور جاي سينغ مسمومًا من قبل أعدائه في ساحة القصر، كما شهد مذبحة 27 من زوجاته.
مانتار جانتار (Jantar Mantar): ليس ببعيد عن قصر المدينة، وهو عبارة عن مرصد فلكي بناه المهراجا "ساواي جاي سينغ الثاني"، الذي كان يهوى علم الفلك والتنجيم، و أصبح حاليًا واحدًا من أهم المزارات السياحية في الهند بعد أن ضمته "اليونيسكو" لقائمة التراث العالمية. يتكون من 14 جهازًا هندسيًا لقياس الوقت، يتتبع موقع النجوم، وحركة الأرض حول الشمس.
Gal Mahal أو «قصر المياه»، الذي يعد من أجمل القصور في الهند بأكملها، فهو يقع في وسط بحيرة اصطناعية تُعرف باسم "مان ساغار"، ويتكون من أربعة طوابق تحت سطح مياه البحيرة. على سطح الطابق الخامس توجد حديقة تسهم في جعله لوحة فنية متكاملة تعبر عن مزيج من الثقافات والحضارات الهندية المختلفة.
حصن النمور (Nahargarh Fort): لا تكتمل زيارة جايبور من دون زيارة حصن النمور، بالطبع لن تجد أي نمور هناك، ولكنه بُني في الأساس لتصوير أفلام هندية عديدة، نذكر منها الفيلم الشهير "رانغ دي باسانتي».
أعتبر أفضل وقت لزيارة الحصن في فترة غروب الشمس، حتى تستمتع بمشاهد بانورامية فريدة تبلغ قمة روعتها بالليل بعد أن تضاء أنوارها.
وإذا كان لديك مزيد من الوقت، فلا تنسَ زيارة متحف ألبرت هول الذي يعرض المقتنيات الأثرية لملوك راجستان الهندوس، وقاعة سينما "راغ ماندير" التي تشعر فيها بأنك عدت إلى أجواء صالات السينما الأميركية في فترة الخمسينات، إضافة إلى الحدائق الواسعة التي توفر ملاذات للسكينة والراحة، والابتعاد عن الصخب.
- التسوق في جايبور
يشكل التسوق جزءً أساسيًا من السفر، ولا تخرج جايبور عن هذه القاعدة، فالتسوق فيها تجربة لذيذة، ليس فقط بفضل منتجاتها المتنوعة، ولكن لأن الأجواء في أسواقها تُشعرك بالبهجة.
تشتهر جايبور بشكل أساسي بالمجوهرات ذات النقوش الهندية، وتتمركز في "جوهاري بازار"، وهو مجمع مليء بالمحلات المتخصصة في المجوهرات، إضافة إلى «بابو بازار» وهو عبارة عن شارع طويل فيه كل ما يخطر على البال من السجاد اليدوي إلى الأزياء والإكسسوارات التقليدية والأحذية المصنوعة من جلود الجمال والحقائب التقليدية وغيرها. لكن تذكر دائماً أن المفاصلة مع البائع حول السعر شيء مهم جداً، بسبب مبالغة البائعين في الأسعار.
- أين تقيم؟
تصنف مدينة جايبور كواحدة من المدن السياحية العالمية، يوجد بها أكثر من ألف فندق. فمهما كانت الميزانية هناك فندق مناسب، علماً بأن بعض فنادق جايبور كانت في الأصل قصورًا تاريخية، ثم تحولت إلى فنادق مثل فندق "سامود هافيلي" الذي بُني قبل 175 عاماً، وكان ضمن قصور العائلة المالكة، إضافة إلى فنادق محلية صغيرة وأخرى تحمل أسماء عالمية مثل: هيلتون جايبور، جايبور ماريوت، راديسون بلو جايبور.
- طرق الوصول
ويكون للوصول إلى مدينة جايبور، أمامك خيارات عدة, فهي لا تبعد كثيرًا عن العاصمة نيودلهي، وتقع على بعد 260 كم منها، و240 كم من مدينة أغرا التي يوجد بها تاج محل. إذا أردت السفر بالطائرة، فهناك مطار جايبور الدولي على بُعد 10 كم من وسط المدينة، كما يعتبر القطار من الوسائل الجيدة للوصول إليها، حيث تربط شبكة متطورة بين جايبور والمدن المجاورة مثل نيودلهي وأغرا وجودبورا وغيرها من المدن. أما إذا أردت السفر بالطريق البري، فإن خدمات الحافلات متوفرة وتتميز بالأمان.