القاهرة - شيماء مكاوي
هي مدينة عريقة زارها بعض من مشاهير العصور القديمة، وشهدت على فترات صعبة في حياة البشر مثل الحربين العالمييتين الأولى والثانية، بل وشاركت في علاج الجنود المصابة وإعادة تأهيلهم بواسطة منتجعات المياه الساخنة الموجودة بها والمشهورة في جميع أنحاء أوروبا منذ القدم.
نتكلم عن مدينة تبليتسه Teplice في جمهورية التشيك، وهي ثانى أكبر مدينة تحتوى على منتجعات صحية في التشيك بعد كارلوفي فارى، وكانت مقراً رئيسياً لأمراء الامبراطورية النمساوية المجرية، وفي عام 1793 شب في المدينة حريق كبير، وبعده أعيد بناء أجزاء كبيرة من المدينة.
تشتهر تبليسته بالسياحة العلاجية وتوفر المنتجعات والفنادق الصحية والسبا، وكانت المنتجعات الصحية الموجودة بها مكان شهير لتجمع الطبقة الثرية ومشاهير أوربا مثل الشاعر يوهان جوتفريد الذي تُوفي أثناء فترة إقامته فيها عام 1810، والموسيقار لودفيج فان بيتهوفن الذي اجتمع فيها مع جوته عام 1812، وكذلك للعديد من ملوك أوروبا.
تأسست تبليسته في وقت مبكر في القرن الثامن الميلادي، وتحديداً عام 762م، حيث ارتبط اكتشاف الينابيع الساخنة بالسياحة العلاجية في أوروبا، ولذلك تعتبر تبليتسه من أقدم المنتجعات الصحية في القارة. وفي عام 1990 تم الانتهاء من إجراء تجديدات شاملة للمنتجعات الصحية، كما أضيفت بعض المرافق الجديدة تقدم الآن مجموعة متنوعةة من الخدمات على مستوى عالٍ، وتتواصل في المدينة بناء مرافق ومنتجعات جديدة. أما عن أشهر المنتجعات والفنادق الصحية الموجودة في تبليتسه:
سادوفا سبا The Sadové Spa
هو بيت من طابقين بُني عام 1823 في الشارع الرئيسي سابقاً، شارع روزفلت اليوم، ويعتبر واحد من أفضل الفنادق الصحية في المدينة، وتوجد فيه قاعة كبيرة تسمى القاعة الألمانية موجودة بجوار الفندق. وفي منتصف القرن التاسع عشر اشترى الأمير كولورد مينسفيلد الفندق بأكمله، ولذلك كان غالباً ما يطلق عليه “كولورد بالاس” Collored pallace، واشتراه في وقت لاحق الأمير إدموند كلاري، وأنشأ به خدمات التدليك والاستحمام وكل أنشطة الاندية الصحية وهو ما استمر حتى الوقت الحاضر.
مصحة بيتهوفن The Beethoven Sanatorium
بالإضافة إلى كون مصحة بيتهوفن منتجع صحي، إلا أنه يشتمل على العديد من المبانى التاريخية حول المنتجع، وكذلك بعض المبانى الجديدة لخدمات للتدليك ويوجد في مقابلها مجموعة من منازل المدينة التاريخية تستخدم لإيواء الضيوف وراحتهم.
المنتجع الصحي العسكري The Military Spa
عبارة عن مبنى له أربعة أجنحة ويحتوى على ساحة داخلية، وشُيد المبنى على مراحل بين عامى 1804 – 1807، وكان صاحب فكرة إنشاؤه الملازم “يان فون” وتم التفكير في بناء هذا المنتجع لعلاج الجنود الجرحى والمرضى، حيث أثبتت هذه المنتجعات الصحية نجاحاً كبيراً في علاج الجروح الناجمة عن الحروب، وفي إعادة التاهيل والاستشفاء. وقام المنتجع بهذه المهمة خلال الحربين العالميتين ويؤدى هذا الدور حتى اليوم.
المنتجعات الامبراطورية The Imperial Spas
شُيد هذا المبنى في عام 1845 واستخدم في البداية كطاحونة، وبين عاميّ 1870 – 1872 تم بناء منتجعات المياه وأعيد بناء بعض أجزائه على الطراز الحديث الذى يتماشى مع عصر النهضة. واكتسب المنتجع في ذلك الوقت شهرة واسعة في أوروبا، وتم تجديد الديكورات الموجودة على السقف خلال الفترة بين عامى 1912-1914 حيث تم اجراء العديد من التجديدات على المنتجع والتي لا تزال موجودة حتى اليوم واسم المبنى مشتق من كونه كان يقدم خدماته ويفتح ابوابه للعديد من ملوك واباطرة اوروبا ، وكان من بينهم القيصر الألمانى “فيلهلم الأول”.
المنتجع الجديد The New Spa
هو منتجع للمياه الكبريتية، بُني عام 1702 وكان أول منتجع صحي في وقته تحيطه الجدران بالكامل، وفي عام 1839 تم استبداله بمبنى آخر يشبه مباني القصور، وكان “كلاري الدرينجين” عضو مجلس النواب آنذاك هو مالك المنتجع وبعد الحرب العالمية الثانية أثبتت هذه الينابيع تأثيرها الفعال في العلاج من عواقب شلل الأطفال وبعض الأمراض الأخرى.
سبا الأفعى The Snake Spa
وتم بناؤه خلال عامى 1838 و 1839 من قبل بلدية “مانور”، ويتألف من ثمانية طوابق، وهو مثال رائع للمبنى الكلاسيكي، ولكنه لسوء الحظ لا يستخدم المنتجع الصحى اليوم.
منتجع الحجارة The Stone Spa
بُني في عام 1759 وتم بناء بعض أسوار من الحجارة حول ينابيع المياه التي تفجرت فيه، لذلك تم سُمي بمنتجع الحجارة عليه، وأضيفت في وقت لاحق العديد من المباني الكلاسيكية للمنتجع الحجرى القديم مثل سبا “ستيفن”.
وتم تجديد العديد من هذه المباني خلال عملية إعادة البناء عاميّ 1910 و1911 عندما تم استبدال المباني الأصلية بالمبنى الحالي الذي شُيد وفقاً لمشروع المهندس المعماري أرنيم إدموند في ذكرى الإمبراطورة إليزابيث، وتم تسمية المنتجع لفترة قصيرة باسم الإمبراطورة إليزابيث، ومع ذلك فقد ظل الاسم الأول للمنتجع “منتجع الحجر” باقياً حتى أيامنا هذه.
ولا تزال المنتجعات الصحية في تبليتسه تحتفظ بمكانتها تلك التي كانت عليها طوال الازمنة القديمة وفترة الحربين العالميتين؛ حيث يزورها سنوياً الاف من السائحين للاستمتاع بها أو المرضى للعلاج من الأمراض المزمنة والتي تقل أعراضها كثيراً وتخف آلامهم عند استخدام مياه المنتجعات الساخنة التي تحتوى على الأملاح المعدنية.