صنعاء ـ مصر اليوم
يلفت السائح أو المقيم العربي في ماليزيا وكذلك المواطن الماليزي انتشار المطاعم العربية في السنوات الأخيرة واقبال العديد من المستثمرين العرب على افتتاح مطاعم عربية في ظل الانفتاح الاقتصادي الماليزي للمستثمرين الأجانب لكن أكثر ما يلفت النظر هو اتخاذ اسم (حضرموت) اسما لمعظم تلك المطاعم سواء مفردة أو مركبة. فهناك (سلسلة مطاعم حضرموت) ومطعم (وادي حضرموت) ومطعم (مندي حضرموت) ومطعم (ليالي حضرموت) ومطعم (تريم حضرموت) وغيرها مما يدل على شهرة الأكلات اليمنية المنتشرة في معظم أرجاء الوطن العربي ونجاح استثماراتها حيث امتدت شهرتها الى ماليزيا الى جانب الوجبات العربية الأخرى. ويقول مدير مطعم (وادي حضرموت) اليمني ياسر فيصل نعمان في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) هنا اليوم انه عندما فكر بالاستثمار داخل ماليزيا وجد أن الأكلات اليمنية لاسيما المندي لها شهرة واسعة بين الشعب الماليزي فاستشار العديد من الحضارم الماليزيين بافتتاح مطعم يحمل اسم حضرموت ونقل الثقافة اليمنية على حقيقتها الى ماليزيا فشجعوه على ذلك ووفروا له ولشركائه جميع التسهيلات. وذكر أنه في بداية الأمر كان الماليزيون يتفاجئون من هذا الاسم الذي يحمل اسم (الموت) وتنطق بالماليزية بنفس المعنى (ماوت) مضيفا أن العديد منهم اقترحوا عليه تغيير الاسم إلا أنه أصر واستمر على هذا المسمى وذلك لغرابته وكثرة النقاش حوله معتبرا ان ذلك النقاش قد يكون وراء شهرته بين الشعب الماليزي حيث انتشرت بعد ذلك مطاعم كثيرة تحمل اسم حضرموت. من جهته أفاد المدير العام لمطعم (حضرموت) بلال نادر وهو من لبنان في تصريح مماثل ل(كونا) بأن سبب تسمية المطعم بهذا الاسم هو بسبب سمعة الأكلات اليمنية وشهرتها في ماليزيا وأشهرها وجبة المندي اضافة الى اهتمام السياح العرب وغيرهم بتناول الوجبات اليمنية الغنية. وذكر أنه على الرغم من وجود مطاعم مركبة باسم حضرموت فانها لا تعتبر ضمن سلسلة مطاعم حضرموت التي يديرها حيث اتخذت هذا الاسم التجاري مفردا دون غيرهم. واعتبر أنه لا بأس بأن تكون هناك مطاعم عربية تتخذ من حضرموت اسما مركبا لها إذا أن تسجيل (حضرموت) كعلامة تجارية بمصلحة التسجيل الماليزية لايعد حصرا على شركة معينة أو مطعم بذاته مطالبا تلك المطاعم بالمحافظة على هذا الاسم العريق من خلال تقديم أجود ما عندها من خدمات تضاهي جودة المطاعم الراقية المنتشرة في أنحاء العاصمة. من ناحيته ذكر مالك مطعم (ليالي حضرموت) العراقي رضا محمد الرشيد في تصريح مماثل ل(كونا) أنه سمى مطعمه باسم حضرموت لأنه اسم جذاب للسياح وللمقيمين وللمواطنين على حد سواء مشيرا الى ان الأكلات اليمنية بشكل عام معروفة في ماليزيا وفي دول العالم. وذكر أنه استشار العديد من رجال الأعمال العرب قبل شروعه في هذا المشروع لوضع اسم لمطعمه فاقترحوا عليه هذا الاسم لاجتذاب الزبائن ولا سيما السياح الذين يقدمون الى ماليزيا من كل مكان. وقال انه على الرغم من أن اسم المطعم يمني فانه يقدم كافة الأطباق العربية لاسيما الشامية منها حيث تعرف بالمشويات والحلويات مؤكدا أن الأكلات اليمنية تشكل جزءا لا يتجزأ من المطبخ العربي المقدم للماليزيين والسياح في كافة المطاعم العربية. ومن جانبه قال الماليزي محمد نظري كمال أن كلمة حضرموت أو حضرمي تتردد في مسامع الماليزيين كثيرا وترتبط بشكل مباشر بالعرب وهو اسم له وقع تاريخي كبير عند الماليزيين حيث كان العرب الحضارم هم من نشروا الدين الاسلامي في أرخبيل الملايو حين قدموا إليها تجارا ودعاة إلى الله. وقال "كما أن اليمنيين الحضارمة تاريخيا أسروا قلوب أجدادنا بسلوكهم وأخلاقهم فاعتنقوا الدين الإسلامي الحنيف يستمر اليمنيون في هذا العصر بأسر بطوننا وملئها مما لذ وطاب من أكلاتهم وطيباتهم التي تعد جزءا لايتجزأ من الثقافة اليمنية العريقة في ماليزيا وأرخبيل الملايو بشكل عام". ولاحظت المواطنة الماليزية لطيفة واتي عبدالغني بأن هناك تهجئات عديدة لتلك المطاعم التي تحمل اسم (حضرموت) عند كتابتها باللغة الإنكليزية مبدية استغرابها في عدم تسمية المطاعم العربية أو اليمنية بأسماء تاريخية أو حضارية يمنية مثل مطعم سبأ أو مطعم صنعاء. وأضافت بأن كثرة المطاعم العربية التي تتخذ من (حضرموت) اسما قد تشتت أذهان الماليزيين في أسماء المطاعم العربية لتشابهها لاسيما وأن الماليزيين لا يقبلون بصفة يومية على تلك المطاعم قائلة "أحيانا أتناول الطعام في إحد هذه المطاعم ثم لا أتذكر في أي مطعم تناولت غدائي". من جانب آخر أشار مدير إحدى الشركات العربية في ماليزيا أحمد مصطفى محمد من مصر إلى أن اسم (حضرموت) بات اسما تجاريا وتسويقيا لجذب العرب والماليزيين إلى المطاعم اليمنية ولم يعد يقتصر فقط على المطاعم التي يملكها يمنيون بل اتخذه أيضا تجار من دول عربية أخرى وقال "يراودني التفكير بأن أضم حضرموت إلى اسم شركتي أيضا". وذكر أن تزايد إقبال العرب على ماليزيا سواء للسياحة أو للدراسة أو العمل أدى إلى انتشار المطاعم العربية بشكل ملحوظ مبديا مخاوفه في الوقت نفسه من فقدان الطعم العربي الأصيل في ظل تعدد تلك المطاعم دون النظر إلى جودة الأكلات والتي تعد ثقافة بحد ذاتها. وشدد على ذلك الطالب أحمد سالم الحجيلي من السعودية قائلا ان الأكلات العربية يجب أن تقدم على أصالتها وجودتها حتى في دول المهجر لنقل الثقافة العربية الأصيلة إلى الماليزيين وحتى العرب أنفسهم. واشار إلى أنه تناول لأول مرة في حياته بعض الأكلات الشعبية اليمنية في ماليزيا مثل وجبتي (السلته والفحسه). وتعد حضرموت من أكبر محافظات اليمن حيث تحتل 36 بالمئة من مساحة اليمن ويقدر عدد سكانها بأكثر من مليون نسمة إلا أن من أبرز صفات سكانها هي الهجرة إلى شرق أفريقيا ودول الخليج العربي وهناك وجود بارز للحضارم في جنوب شرق آسيا في إندونيسيا وماليزيا وجنوب الفلبين وسنغافورة. ففي أوائل القرن السابع وصل الحضارم إلى أرخبيل الملايو حاملين سلعهم التجارية ومؤنهم الخاصة وثقافتهم العريقة فدخلوها تجارا وعلماء ومثقفين وكانوا غزيري العلم والمعرفة وأسروا بسلوكهم وأخلاقهم حكام الأرخبيل فاعتنقوا هذا الدين وحثوا شعوبهم على اتباعه.