غزة ـ صوت الإمارات
أكد مدير عيادة رفح النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية يوسف عوض الله، أن الطلبة عمومًا وطلبة الثانوية العامة خصوصًا يشعرون بالخوف، وتنتابهم بعض حالات القلق والتوتر النفسي مع اقتراب موعد الامتحانات، موضحًا أنَّ الامتحانات ما هي إلا موقف من المواقف الكثيرة التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية، وتسبب له بعض الضغوطات التي قد تعيق أداءه خلال الامتحان.
وأضاف عوض الله في حديث مع "المغرب اليوم"، أنَّ "الإرادة والتصميم والعزيمة يمكن أن تجعل للطالب موقفًا إيجابيًا، يساعده في تحسين مستوى تحصيله الدراسي وتحقيق أهدافه"، لافتًا إلى ضرورة "إعلان حالة الطوارئ القصوى في البيوت التي فيها طلبة في الثانوية العامة، باعتبارها مرحلة مصيرية، ويبنى عليها اختيار التخصص ومجال العمل".
وأوضح أنَّ "الأجواء المشدودة والمشحونة التي يخلقها الأهل والمجتمع حول الطالب، تزيده قلقا وتوترا وخوفا من الامتحانات، وتؤثر سلبا على نفسيته وانفعالاته، وتضعف ثقته في نفسه وقدرته على التحصيل، وأيضا تولد لديه أفكارا وتوقعات سلبية تجاه الامتحانات وصعوبتها واستعداداته وقدرته على اجتيازها" .
ولفت الأخصائي النفسي إلى أنَّ "قلق الامتحان هو حالة نفسية انفعالية قد يمر بها الطالب، وتصاحبها ردود فعل جسمية ونفسية وسلوكية غير معتادة، نتيجة لتوقع الطالب للفشل في الامتحان أو سوء الأداء فيه، أو للخوف من الرسوب ومن ردود فعل الأهل، أو لضعف ثقة الطالب بنفسه، أو لرغبته في التفوق على الآخرين، أو ربما لمعوقات صحية".
وأشار إلى "وجود حد أدنى من القلق، وهو أمر طبيعي لا داع للخوف منه مطلقا، بل ينبغي على الطالب استثماره في الدراسة والمذاكرة وجعله قوة دافعة للتحصيـل والإنجاز وبذل الجهد والنشاط، ليتم إرضاء حاجة قوية عنده هي حاجته للنجـاح والتفوق وإثبات الذات وتحقيق الطموحات".
وتابع: "أما إذا كان هناك كثير من الخوف والقلق والتوتر، لدرجة يمكن أن تؤدي إلى إعاقة تفكير الطالب وأدائه، فهذا أمر مبالغ فيه وعلى الطالب و ذويه معالجته والتخلص منه، وكلما بدأ العلاج مبكرًا كانت النتائج أفضل، واختفت أعراض المشكلة على نحو أسرع، فالتدخل السريع واستشارة الاختصاصين في بعض الحالات الشديدة، سلوك حكيم يساعد في حل المشكلة والتخفيف من أثارها السلبية".
ونوه عوض الله بأنه استقبل في عيادته على مدار الأسبوع المنصرم، ثماني حالات ممن يعانون من "قلق الامتحان"، خمس إناث وثلاثة ذكور، واستغرب أن جميعهم حاصلون على درجة 95% فما فوق في الصف الحادي عشر، مؤكدًا أن ذلك نتيجة لشعور الطالب بأن الامتحان موقف صعب يتحدى إمكاناته وقدراته، وأنه غير قادر على اجتيازه أو مواجهته، وتنبؤ الطالب المسبق بمستوى تقييمه من قبل الآخرين والذي قد يتوقعه، وقد يكون أيضًا نتيجة اعتقاد الطالب أنه قد نسي ما درسه وتعلمه خلال العام الدراسي.
وشدَّد على أنَّ عدم الاستعداد أو التجهيز الكافي للامتحان، قد يكون سببًا في الخوف منه، فضلًا عن أن التنافس مع أحد الزملاء أو الأقارب، والرغبة القوية في التفوق عليهم، عامل مهم في خوف الامتحان، موضحًا أن رغبة الطالب في دخول تخصص معين (طب مثلا)، يتطلب درجات عالية، مما قد يدخل الطالب في صراع نفسي وخوف الامتحان.
وبيَّن أنَّ الطالب يجب أن يدرك أن القلق والتوتر يقودانه للتشتت والنسيان والارتباك، مؤكدا أنه ينبغي أن يحاول أن يجعل ثقته بنفسه عالية، لافتا إلى أن بعض الطلبة يهملون التغذية الصحية الجيدة، مشددًا على أن هذا خطأ كبير، لأن الحرمان من الغذاء يؤثر سلبًا على عمليات الحفظ والتذكر وتنظيم الأفكار.
وأضاف: "يجب على الطالب أن يحرص على أخذ فترات منتظمة للراحة أثناء الدراسة بغية الترويح عن النفس، وتجديد الطاقة والنشاط، وتحفيز الذاكرة على الاستمرار في الدراسة، ومواصلة بذل الجهد بحماس ورغبة، مؤكدًا أنه يجب على الطالب أن ينتبه جيدًا وبدقة لبرنامج الامتحان ومواعيد بدء امتحان كل مادة، بالإضافة لضرورة نوم الطالب باكرًا ليلة الامتحان، ليكون ذهنه صافيًا وعقله منظمًا وذاكرته قادرة على التركيز، بعد مراجعة بسيطة للمادة التي سيؤدي فيها الامتحان" .
ونصح عوض الله الطلاب بعدم الذهاب مبكرًا إلى المدرسة أو المركز الذي سيقدم فيه الامتحان، وأن لا يتأخر حتى لا يعرّض نفسه للتشويش والارتباك وضياع الوقت، كما نصح بضرورة أن يقرأ الطالب ورقة الأسئلة بدقة وبتأنٍ أكثر من مرة، حتى يتأكد من أنه قد فهم المطلوب منه تمامًا، وأن لا يتسرع في الإجابة، ثم بعد قراءة الأسئلة ينبغي أن يبدأ بالإجابة عن الأسئلة السهلة منها، و أن يحرص على أن يضع الأجزاء الرئيسية للإجابة المتكاملة في المسودة، مراعيًا مسألة الوقت.
وأوصى الطالب بأن يترك ما لا يعرفه حتى ينتهي من الإجابة عن الأسئلة التي يعرفها، كذلك لا ينبغي أن ينسى وضع رقم السؤال الذي يريد الإجابة عنه على ورقة الامتحان، و أن لا يقدم إجابتين مختلفتين للسؤال نفسه ظناً منه أن المصحح سيختار له الإجابة الصحيحة.
وأشار إلى أنه ينبغي على الطالب أن يخصص لكل إجابة وقتًا محددًا و بما يناسبها، حتى لا ينشغل بالإجابة عن أحد الأسئلة ويستغرق وقتًا طويلًا في تفصيلاتها، ويضيع الوقت منه على ما تبقى من أسئلة يستطيع الإجابة عنها، ثم يجب أن يعيد الطالب مرة أخرى وبتأن قراءة الأسئلة وإجاباته عنها لكي يتأكد من أنه لم يترك سؤالًا دون إجابة، وأن لا يتسرع كثيرًا في تسليم ورقة الامتحان قبل انتهاء الوقت المحدد فهذا غير مفيد .
ووجه عوض الله نصائح إلى أهالي الطلبة "تقع على عاتقكم مسؤولية كبيرة في مساعدة أبنائكم على تحسين مستوى تحصيلهم الدراسي، والنجاح في امتحاناتهم والتخفيف من قلق الامتحان لديهم، من خلال تقديم خدمات توجيهية وتربوية سليمة، و يكون ذلك من خلال توفير جو عائلي يتسم بالاستقرار والهدوء والشعور بالطمأنينة".
وأبرز أن يحاول الأهل قدر الإمكان عدم إبداء مظاهر الخوف والقلق أمام أبنائهم، وأن يحرصوا على تدعيم ثقتهم بنفسهم وحثهم على المثابرة دون توبيخ أو ضغط، وأن لا يبالغوا في قدراتهم وإمكانياتهم وطموحاتهم وخاصة أمام الآخرين، ويفضل التعامل مع قدراتهم بموضوعية.
وحذر من عدم إرهاقهم في أعباء العمل أو المنزل، وضرورة إبعاد الأطفال وتجنيبهم الملهيات والمشوشات، وتجنب المشاكل والخلافات الأسرية، وتهيئة مكان مناسب للدراسة، وتوفير الأكل الصحي المتوازن، بالإضافة لتجنب الإلحاح من الأهل على الدراسة، وتقليل قائمة الممنوعات، وتوفير كل سبل الراحة.
كما نصح عوض الله بضرورة الامتناع عن مقارنتهم بزميل أو قريب متفوق بشكل يحبطهم ويعيق إنجازهم، و إقناعهم بتجنب الإكثار من تناول المنبهات كالشاي والقهوة والمشروبات الغازية.