مركز الإمارات للدراسات

نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية - في مقره اليوم - ندوة علمية متخصصة تحت عنوان " محمد بن زايد والتعليم ".. شارك فيها نخبة من المسؤولين والخبراء والمتخصصين بمجال التربية والتعليم.

كما حضر الندوة - التي أقيمت في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري الأسبق ولفيف من الكتاب والصحفيين ورجال الإعلام وعدد من المثقفين والمهتمين بقضايا التربية والتعليم.

وأكد سعادة الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز أهمية الندوة التي تتناول الرؤية الثاقبة والدور الجليل والإسهامات الثرية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في تطوير المسيرة التعليمية في دولة الإمارات العربية المتحدة ورفدها بالمزيد من الأفكار المبتكرة والخلاقة بما يصب في تعزيز دور المنظومة التعليمية في دفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة بمختلف أبعادها ورسم ملامح المستقبل المشرق الذي ينتظر دولتنا الحبيبة والأجيال الإماراتية المتعاقبة.

وقال إن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية يدرك تمام الإدراك المكانة المتميزة التي يحظى بها التعليم في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. مشيرا إلى أن سموه يملك رؤية استثنائية للتعليم ويعده حجر الأساس الذي تقوم عليه قصة النجاح الإماراتية.

وتابع أن سموه يؤمن بأن التعليم المتطور المستقى من أحدث الممارسات والتجارب العالمية وأنجحها هو بوابة العبور الآمن إلى المستقبل الأفضل للوطن والمواطن ولاسيما في مرحلة ما بعد النفط.

ولفت إلى قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "إن رهان دولة الإمارات العربية المتحدة سيكون في السنوات المقبلة هو الاستثمار في التعليم لأنه القاعدة الصلبة للانطلاق في مرحلة ما بعد النفط".. وهي المقولة التي تعكس مدى إدراك سموه أننا في دولة الإمارات العربية المتحدة في أمس الحاجة في المرحلة الراهنة إلى بناء كوادر مواطنة تملك مهارات خاصة ومتسلحة بالعلم والمعرفة وقادرة على إرساء أسس نظام اقتصادي مستدام.

وقال إن ذلك يفسر حرص سموه الكبير على منح قضية التعليم بأبعادها المختلفة أهمية محورية وإطلاقه المبادرات النوعية لتطوير التعليم التي من شأنها دعم وصقل جهود الدولة الهادفة إلى توفير البيئة المواتية لعملية تعليمية تأخذ بأرقى المعايير العالمية بما يواكب "رؤية الإمارات 2021" و"خطة أبوظبي 2030" التي تستهدف توفير نظام تعليمي رفيع المستوى يربط الطالب بمجتمع المعرفة ويبني في الوقت نفسه قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة المبتكرة في المجالات النوعية الدقيقة والقادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم في مجال التكنولوجيا وثورة المعلومات وتطويعها لخدمة اقتصاد المعرفة.

وتناولت فعاليات الندوة أربعة محاور رئيسية أولها "رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتعليم" وتحدث فيها معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم.. حيث أبرز مكانة التعليم في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وأشار الحمادي إلى مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "إن دعمنا للمسيرة التعليمية نابع من استشرافنا لمستقبل الوطن فيها تتحقق الأهداف والأماني التي نسعى لها لتحقيق المكانة العالية لوطننا العزيز وأبنائه وإن مثل هذه الملتقيات التربوية والتي تعتبر روافد إشعاع ومنارات لأبنائها وهو ما نقدره بجانب الجهود الأخرى التي تبذلها الوزارة ما هو إلا ترسيخ لقيم ومبادئ الخير للأجيال".

وأكد معالي وزير التربية والتعليم أن اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالتعليم يرجع إلى أنه عايش الأب والقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" ونهل من مدرسته الإنسانية التي كان لها عظيم الأثر في صقل شخصيته وفي حرصه على تطوير منظومة التعليم بالدولة.

وأشار معالي حسين الحمادي إلى أن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتعليم تتميز بسمات عدة فهي أولا إنسانية تنطلق من أن التعليم حق سام لجميع البشر.. ومن هذا المنطلق عملت دولة الإمارات العربية المتحدة على تطوير التعليم والارتقاء به.

**********----------********** وقال معاليه إن المنطلق الثاني هو أن التعليم يمثل الحل الأمثل لمواجهة التحديات الفكرية والثقافية والتصدي للتيارات الظلامية التي تهدد المنطقة والعالم.. إذ أن الطالب المنفتح والمزود بمهارات التحليل والنقاش والنقد لا خوف عليه من الأفكار السامة التي تبثها هذه التيارات.

ولفت إلى أن ثالث هذه المنطلقات هو أن التعليم حق للجميع إذ تكفل دولة الإمارات العربية المتحدة التعليم للجميع وتضمن جودته في جميع أنحاء الدولة وهذا هو جوهر شعار /البيت متوحد/.

وأوضح أن المنطلق الرابع يكمن في الاستثمار في رعاية الشباب وتنمية مهارات الجيل الجيد بفكر جديد ومتطور وخامسها أن تطوير التعليم ينهض على تهيئة المجتمع ويواكب مسيرة التطور في مختلف القطاعات والمجالات التنموية.

ونوه معالي الحمادي إلى خامس هذه المنطلقات وهو أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عندما أطلق مشروعا ضخما يتعلق بالطاقة النووية أعطى الأولوية لإعداد الموارد البشرية المواطنة المؤهلة في مجالات الطاقة النظيفة.. ما يؤكد أن رؤية سموه الطموحة للتعليم تربط بين مخرجات العملية التعليمية ومتطلبات التنمية الشاملة والمستدامة من خلال العمل على تحقيق التكامل بين المؤسسات التعليمية واقتصاد الدولة.

أما سادس هذه المنطلقات.. بحسب الحمادي.. فإن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تقوم على تطوير التعليم الفني والاهتمام بالمعلم بوصفه المحور الرئيسي في تطوير العملية التعليمية.. بينما يمثل الاهتمام بالأخلاق باعتبارها مكملة للعملية التعليمية سابع هذه المنطلقات، منوها في هذا الصدد إلى إطلاق سموه مبادرة التربية الأخلاقية التي تستهدف ترسيخ القيم الإيجابية في صفوف الطلاب وتنشئتهم على قيم الولاء والانتماء إلى الوطن.

من جانبه.. تطرق معالي الدكتور علي بن راشد النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم في المحور الثاني للندوة إلى جهود ومبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تطوير التعليم.. مشيرا إلى أن التربية والتعليم يتربعان على رأس أولويات اهتمام سموه سواء كان التعليم العام أو التعليم الخاص للوصول إلى مصاف المقاييس العالمية غير أن سموه يؤكد في خضم هذا الإقبال على تطوير التعليم وتحديثه أن ديمومة الدول مرهونة بمدى محافظتها على القيم والمبادئ.

وقال إن هذا حدا بسموه إلى أن يوعز بإطلاق مادة "التربية الأخلاقية" في المناهج والمقررات الدراسية.. فيما يؤمن سموه بأهمية دور المعلم في تطوير منظومة التعليم مشيرا إلى أنه لا يمكن لأي استراتيجية أو رؤية حول التعليم أن تحقق النجاح من دون وجود معلم متميز مدرك لأهمية دوره.

وأكد الدكتور النعيمي أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يملك رؤية استراتيجية شاملة بعيدة المدى لتطوير التعليم وتعظيم دوره في خدمة التنمية في الإمارات فأحيانا ما يطرح سموه أفكارا ورؤى في بعض المنتديات إلا أنها تعبر عن استراتيجيات بعيدة المدى.

وأشار إلى أن سموه طرح قبل سنوات موضوع الطاقة النووية وأهمية تدشين مشروع نووي سلمي للمساهمة في توفير احتياجات الإمارات من الطاقة على المدى البعيد.. حيث سارت بعد ذلك العديد من دول المنطقة على هذا النهج وبدأت بالاهتمام بالطاقة النووية وأضحى المثال الإماراتي تجربة يقتدي بها الجميع.

ونوه النعيمي إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هو صاحب الكلمة التي أضحت شعارا لمجلس أبوظبي للتعليم وهي "التعليم أولا" حيث يؤكد دائما ضرورة تنمية الموارد البشرية من خلال التعليم المتطور والهادف وأسس سموه الحاضنة التي ينطلق منها التعليم وتطوير الموارد البشرية وفقا للمعايير والمستويات العالمية حيث يؤمن سموه بأهمية الاستفادة من تجارب الآخرين من أجل تطوير الأنظمة التعليمية.

وضرب مثالا على ذلك بافتتاح فرع لكل من جامعتي السوربون ونيويورك في أبوظبي بهدف فتح آفاق ومجالات للتطور أمام المتعلمين.. إيمانا بأن الحراك الثقافي والإنساني يؤثر استراتيجيا في مجتمعنا على المدى البعيد.

وأكد معالي النعيمي أن مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هي دائما مبادرات "خارج الصندوق" وتهدف إلى إعادة تشكيل المستقبل.

وتناول المحور الثالث من الندوة موضوع " الابتكار ومستقبل التعليم" حيث تحدث سعادة الدكتور عبداللطيف الشامسي مدير مجتمع كليات التقنية العليا عن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتعليم ودوره في تطوير الموارد البشرية التي عبر عنها سموه في كلمته المهمة التي ألقاها أمام القمة الحكومية 2015.

وقال الشامسي إن كليات التقنية العليا تفاعلت بشكل وثيق مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حيث أطلقت النسخة الثانية من كليات التقنية كنوع من التطوير الجذري في هذه المؤسسة التعليمية.

وختم سعادة الدكتور عبداللطيف الشامسي حديثه بالقول إنه إذا استطعنا الابتكار في المنظومة التعليمية وخلق منظومة حديثة تواكب آليات العصر التقني فإننا سنحتفل بالفعل عند تصدير آخر برميل بعد 50 عاما كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

ثم تحدث في المحور نفسه.. سعادة الدكتور عارف سلطان الحمادي مدير جامعة خليفة وتطرق في ورقته إلى رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى التعليم العالي والجامعات.. حيث عملت الدولة وفق رؤيته على استقطاب الجامعات العالمية.

وأشار إلى حرص سموه على رفع أعداد الطلبة الملتحقين في برامج الدراسات العليا في المعهد البترولي وجامعة خليفة ومعهد مصدر.. ومن هنا كانت مبادرة "بحوث" التي تضمنت برامج الماجستير والدكتوراه حيث وصل عدد الملتحقين بالبرنامجين إلى999 طالبا وطالبة ثم تطرق إلى جائزة الشيخ محمد بن زايد للروبوت كجائزة عالمية مرموقة تشهد مشاركات عالمية طموحة.

أما سعادة مبارك الشامسي مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني فتحدث عن جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في دعم وتطوير التعليم.. مشيرا إلى أن سموه وضع خطة طريق واضحة المعالم ليس فقط للتعليم ولكن لجميع مؤسسات الدولة وكان دائما مايقول للطلاب والطالبات عند لقائهم: "الرهان عليكم أنتم".

وأضاف أن التعليم الفني والتقني في الدولة بدأ في السبعينات ومر بمراحل عدة.. إلا أن نقطة التحول كانت في عام 2005 بقرار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإنشاء معهد التكنولوجيا التطبيقية.. بينما جاء التغيير الجذري مع إنشاء معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني في عام 2007 حيث أتاح فرصة التعليم لجميع أبناء وبنات الدولة.

وتحدث سعادة مبارك الشامسي عن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتعليم المهني والتقني واهتمامه المباشر بتوظيف المزيد من المواطنات الإماراتيات المتخصصات في مجالات الرعاية الصحية.. وهناك الآن بفعل توجيهات سموه نحو 1000 متخصصة في هذا المجال.

أما المحور الرابع والأخير فحمل عنوان /التعليم وتطور المجتمع والدولة في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان/ وتحدث فيه سعادة المستشار الدكتور فاروق حمادة مدير جامعة محمد الخامس- أبوظبي والمستشار الديني في ديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي حيث أشار إلى أن فكر سموه في التعليم ورؤيته له يقومان على 7 أسس أولها ارتباطه بالمجتمع وتطوره وثانيها التكامل والتوازن وذلك بتوزيع التعليم والاختصاصات بدءا من الدراسات النظرية والإنسانية ثم الدراسات الاجتماعية والقانونية ثم الدراسات العملية والتطبيقية كالطب والصيدلة والزراعة وغيرها.. مشيرا إلى أن معاهد المعرفة في حلقاتها المتتابعة متكاملة متوازنة لاجتناب الأخطاء التي وقعت فيها بعض البلاد أو يمكن أن تقع فيها.

وقال إن ثالث هذه الأسس هو تقوية البناء الاجتماعي.. حيث يجب أن يلبي التعليم حاجات المجتمع والوطن وتطلعاته ويغطي حاجة سوق العمل في الدولة فضلا عن الحفاظ على الهوية الوطنية.

وأوضح أن رابع هذه الأسس يكمن في خلاصة الخبرة الإنسانية واختصار الزمن.. مشيرا إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لم يبخل بالثمن ليأخذ الوطن خلاصة الخبرة الإنسانية ويختصر الزمن وفي ذلك توفير لطاقات الأجيال الشابة واختصار للجهد وتوفير للمال على المدى البعيد وكان ذلك في استقدام جامعات عريقة لتقدم تجربتها التي بنتها بعقود من السنين بل بقرون في أرض هذا الوطن وإرسال البعثات التعليمية إلى مراكز منتقاة محفوفة بعناية خاصة لأخذ تجارب الشعوب المختلفة في ميدان التعليم وعند تلاقيهم على أرض الوطن ستنشأ عقلية وطنية بنظرة عالمية جديدة.

ونوه إلى أن خامس هذه الأسس يتمثل في أن التعليم يمثل سياح القيم والأخلاق.. بينما يكمن سادسها في الإبداع وإنتاج المعرفة.. موضحا أن من أهداف التعليم وغاياته القريبة والبعيدة في فكر سموه أن يتحول الوطن كله إلى واحة إبداع تتخطى وادي السيليكون في كاليفورنيا وأن ينتقل هذا الوطن من الاستهلاك إلى الإثراء العالمي والإسهام في التقدم البشري.

واختتم بالإشارة إلى سابع هذه الأسس والذي يتمثل في أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يرى أن حاضر الوطن والدولة اليوم مرحلة متطورة سائرة إلى المستقبل الذي يصنعه التعليم.. وأن الرهان الحقيقي عنده هو الاستثمار في التعليم ومخرجاته لإنتاج كوادر بشرية قادرة على قيادة المستقبل متمكنة منه وراسخة في قيادتها.