الشارقة -صوت الإمارات
أكد متخصصون بشؤون أدب ورسوم الطفل أهمية الإكثار من معارض ومهرجانات الرسم التي تقام للأطفال في مناسبات مختلفة لدورها اللافت في جذبهم لقراءة كتب أدب الطفل، نتيجة أن الرسوم المنفذة من قبلهم تعود في الغالب تقليداً لأبطال شخصيات تعلقوا بها خلال تلك القراءة، وقامت بينهم وبينها روابط مستمرة، ورسخت تجربة حياتية لا يمكن أن تزول في المراحل العمرية اللاحقة للطفل، ويمكنها أن تخلق مشاريع أدباء ورسامي أطفال في المستقبل بكل سهولة.
جاء ذلك في ندوة "الكاتب والرسام علاقة تكاملية" التي استضافها المقهى الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي الثامن المنعقد للفترة بين 20-30 من نيسان/ابريل الحالي، وشارك فيها الكاتب ورسام قصص الأطفال العراقي علي المندلاوي، وأدار الحوار عبد الفتاح صبري، وشهدت العديد من المشاركات والمداخلات حول الموضوع.
وبين المندلاوي في مستهل حديثه أن للكتاب وجهين، وجه إبداعي يمثله النص، ووجه إبداعي آخر يمثله الرسام، وينطلق فيه من النص ليقدم نصه البصري إذا صح التعبير، ومغامرته الابداعية للطفل لتكون متعة جمالية متكاملة، ورحلة إنغماس سحرية ترفعه وتبحر به في آفاق الخيال، والمعرفة، والتسلية، وهما عاملا نجاح أساسيين لايستغني عنهما أي مشروع لبناء كتاب الطفل وإخراجه الى الوجود.
وأضاف المندلاوي: "التكامل بين الكاتب والرسام ينطلق من دور الرسام في ابتكار الرسوم التي لا تعبر فقط عن مضمون الكتاب، بل تضيف إلى إبداع الكاتب بصمات من إبداع الرسام، والكثير من السحر والخيال الذي يمتلكه كمحترف لهذا النوع من الفن البصري، فتكون رسومه عنصر متعة، وتشويق يعيشها هو أولاً، وينغمس في أحداثها، فيكون كالمخرج السينمائي في اختيار زاوية المشهد المثالية، وكالممثل في تقمص وأداء أدوار شخصيات النص، ليستطيع أن ينقل تجربة المتعة والانغماس بصدق للطفل القارئ".
وحول العلاقة التكاملية بين الكاتب والرسام في العصر الرقمي أشار المندلاوي: "التقنيات التي أتاحها التقدم التكنولوجي جعلت من بعض الرسوم تنفذ بتقنية ثلاثية الأبعاد، وأدخلت إلى بعضه الاخر الصوت، كما جعلت التطور المتسارع لشبكة الانترنت الكتاب تفاعليا، وتشاركيا، حتى ذهب البعض إلى عدم اعتبار الكتب مستقلة بذاتها، وإنما جزءاً من كيان أضخم وأعقد كثيرا من أن يقدم عبر واسطة واحدة، فالكتاب أصبح الكترونيا، ينقل القارئ إلى لعبة الكترونية، أو رسوم متحركة، وللرسام في كل هذه الوسائط دور كبير في إنجازها، وقدرة على مواكبة جديدها وتقديم المتميز منها للطفل".
كما شهد المقهى الثقافي لمهرجان الشارقة القرائي في يومه الرابع ندوة ثانية بعنوان "القراءة بوصفها مكون رئيسي لشخصية الطفل"، شارك فيها الأديب والكاتب المصري إبراهيم فرغلي، وأدارها اسلام أبو شكير، وانطلقت في بدايتها للتأكيد على أهمية شيوع ثقافة الصراحة المطلقة بين أولياء الأمور والأبناء لبناء أسس حوارات أولية ستسهم إلى حد كبير في بناء شخصياتهم، وتطويعها للتفاعل مع القراءة، والإرشاد إلى المحتوى الهادف.
وتحدث فرغلي عن تجربة تعزيز القراءة لدى ابنته الصغيرة، وكيف انطلقت من القصة المحكية التي كان يحرص على روايتها لها، ويستلهم من تفاعلها معه صياغة اسلوبه الخاص للكتابة إلى الأطفال، وفي الوقت نفسه حرصه على تنمية مهاراتها القرائية بجلب القصص التي تنسجم مع أسئلتها المختلفة مثل الخوف، والأساطير والخرافات كي تقف بنفسها على حقيقة هذه المواضيع وتبني شخصيتها القرائية الخاصة.
وانتقد فرغلي الإستمرار التعليمي بإسلوب التلقين الذي يقف عائقاً أمام القراءة، ويجعل موضوع كتاب الطفل صورة طبق الأصل من المنهج الدراسي المحكوم بالصرامة والشدة وهو مايؤدي إلى انصراف الأطفال عن القراءة، وطالب في ختام حديثه بأهمية تنويع قراءات الطفل لتشمل التعرف الى الآخر، وأدب الرحلات، وجميع المصادر التي تدفع عجلة التعليم الذاتي القادر على تثبيت الهوية بوجه الأفكار الدخيلة والمتطرفة.
هذا ويستضيف المقهى الثقاف لمهرجان الشارقة القرائي محاضرتين اخريين مساء يوم الثلاثاء 26 من نيسان الحالي، إحداهما عن "قصيدة الطفل وتعزيز القيم الوطنية" بمشاركة على الشرقاوي، وإدارة منى أبو بكر، وستتناول مكونات القصيدة، والقيم التي تستلهمها، وسبل التفاعل بينها وبين الطفل، والثانية بعنوان "شعر الأطفال وأثره" ويشارك فيها الدكتور جودت فخر الدين، ويديرها محمد غباشي، وتتناول الحديث عن شعر الأطفال المرتبط بالحكم والمعاني والعلاقات الإنسانية، وحب العالم، ومفردات الحياة.