برلين ـ وكالات
تحتل كثير من الجامعات الألمانية مراكز متقدمة في صدارة التصنيفات العالمية، خاصة الدراسات الهندسية، وتعد جامعة آخن من أعمدة التطور العلمي والتكنولوجي والهندسي في ألمانيا. عبارة “صناعة ألمانية” لا تشير لمعناها الحرفي فقط، بل تعني في أوروبا اليوم المتانة والجودة العالية… حتى أن شركة فرنسية لصناعة السيارات تخلت عن الكبرياء الوطني وبثت إعلانا يقول إن سياراتها كأنها صنعت في ألمانيا. وتعد جامعة “آخن” من أبرز جامعات النخبة في ألمانيا في التخصصات الهندسية، وهي من أكبر روافد المؤسسات والصناعات الألمانية بالمهندسين. ويقول أكاديميون إن الدراسات الهندسية في ألمانيا تميل بشكل كبير إلى الجانب التطبيقي، في حين تميل الدراسات في دول أخرى إلى الجانب النظري، كما هو الحال في بريطانيا، وهو جانب ينبغي دراسته قبل اختيار الجامعة. يفرض الجانب التطبيقي حضوره لأن جامعة آخن تتعاون مع الشركات الصناعية الألمانية، بل إنها تخطط برامجها الدراسية وتوزيع الطلاب على الأقسام لتتناسب مع سوق العمل. وهي تدفع الكثير من المجموعات البحثية للتركيز في دراستها على كيفية حفاظ الشركات في الدول الصناعية على دورها الريادي في العملية الإنتاجية. ويعمل باحثون آخرون من طلاب الدكتوراه في مجالات الرياضيات وتصميم الآلات وبرمجة المعلومات بشكل عملي، على تطوير الحواسيب كي تصبح أكثر سرعة واستجابة، وخاصة في تطوير برمجيات المحاكاة ذات الأهمية في مجال تصميم تقنيات وسائل النقل ومنها الطائرات. وما يزيد من جاذبية الدراسة في ألمانيا، أن الحكومة الألمانية لا تدخر جهدا في تقديم الإغراءات لجذب الطلاب الأجانب الى جامعاتها، وأبرزها تلك المزايا أن الدراسة مجانية حتى بالنسبة للطلاب الأجانب. وما على الطالب الأجنبي سوى ضمان الحصول على القبول في الجامعة. وتقتصر التكاليف على رسوم التسجيل في الجامعة التي تتراوح بين 250 الى 500 يورو سنويا، لكن الطالب يسترد بصورة غير مباشرة أكثر من ذلك المبلغ من خلال عدد كبيرة من المزايا، منها السفر المجاني في المواصلات العامة داخل المدينة التي تقع فيها الجامعة، إضافة الى مجانية الدخول في عدد كبير من المرافق العامة. كما أن ألمانيا بدأت بزيادة جاذبيتها للطلاب الأجانب من خلال اعتماد اللغة الانكليزية الى جانب اللغة الألمانية في بعض الجامعات والتخصصات. وتقع الجامعة في مدينة آخِن غرب ألمانيا، وهي تضم جميع التخصصات الرئيسية، باستثناء دراسات القانون والحقوق. ورغم وجود 120 تخصصاً في الجامعة إلا أن نصف الدارسين فيها يتجهون لدراسة العلوم الهندسية فيها. في جامعة آخن يتم تأهيل الكثيرين من المهندسين المعماريين والمدنيين وتقنيي الكهرباء وخبراء خصائص الموادّ وتصميم الآلات، حيث تحظى التخصصات الهندسية فيها بسمعة عالمية رفيعة. وتجتذب الدارسين من كل أنحاء العالم، وفيها 5 آلاف من الطلاب الأجانب ينحدر معظمهم من آسيا. افتتحت جامعة آخِن عام 1870 وكان اسمها آنداك: “المدرسة الملَكية للتقنيات المتعددة في آخن”. وبعد الحرب العالمية الثانية أتم إضافة جميع التخصصات، التي لا علاقة لها بالتقنية. وتحصل الجامعة على جانب كبير من تمويلها من خلال عقود الأبحاث والتطوير لصالح الشركات الصناعية، إضافة إلى ميزانية الدعم الحكومي. وفي عام 2007 تمكنت جامعة آخِن من إثبات جدارتها وفازت بجائزة “مبادرة الامتياز للجامعات الألمانية” التي تنالها أبرز الجامعات في البلاد. ونظراً لذلك حصلت الجامعة على تمويل مالي بقيمة 180 مليون يورو لأغراض البحث العلمي. وتم في ذلك العام توسيع مجال العلوم الطبيعية في الجامعة ليتعاون المتخصصون في العلوم الطبيعية مع المهندسين لتحقيق نتائج أفضل. ويتجلى ذلك التعاون بوضوح في ابتكار باحثي الجامعة لأنواع من الوقود الحيوي للمحركات، على سبيل المثال. وتسعى الجامعة من خلال مشروعها المستقبلي الذي يحمل عنوان “مواجهة التحديات العالمية 2020″ إلى التواصل والتعاون مع الشركات ومراكز البحث في الخارج. وتنتشر مباني الجامعة وأقسامها ومعاهدها ومراكزها البحثية ومكاتبها الاستشارية على طول مدينة آخِن وعرضها، ما يجعلها مدينة جامعية يعج مركزها القديم والحديث بالحياة والحركة وتنتشر فيها أماكن النزهة والتسلية. ثمة إشاعة تقول إن معظم طلاب جامعة آخِن من الذكور، لكن أرقام الجامعة تؤكد عكس ذلك. وتشير إلى أن عدد الطلاب متكافئ بين لذكور والإناث، ويبلغ مجموعهم نحو 35 ألف طالب وطالبة. وتقول الجامعة إن الشائعة صحيحة نوعاً ما في بعض التخصصات الدراسية. ففي التخصصات الهندسية يفوق عدد الذكور بوضوح عدد الإناث. لكن عددهن في دراسات الفنون والآداب والعلوم الإنسانية يفوق عدد الطلاب الذكور، الأمر الذي يجعل عدد الطالبات مساويا تقريبا مع عدد الطلاب الذكور في الجامعة.