دبي – صوت الإمارات
عندما نتحدث عن الابتكار والإبداع قبل عدة قرون ماضية، لا بد لنا أن نشير إلى أن كل العباقرة والمخترعين في ذلك الوقت لم يكن لديهم سوى أدوات بسيطة للعمل بها، ولم تكن كالتي نملكها الآن، حيث التكنولوجيا المتطورة القادرة على كشف خفايا أمور كثيرة، وتعود بنا ذاكرة اليوم إلى رحيل شخص من هؤلاء في عام 1695 بمدينة لاهاي، وهو كريستيان هوجنس، أحد أعظم الفيزيائيين والفلكيين في القرن ال17، مستكشف أكبر أقمار كوكب زحل "تيتان"، وصاحب اختراع الساعة البندولية.
وولد هوجنس 14 إبريل/نيسان 1629، وتعلم في بيته حتى وصل إلى ال16 من عمره، وحرص والده الدبلوماسي والشاعر قسطنطين، أن يتعلم ولده كل شيء، فدرس اللغات والموسيقي والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والمنطق والبلاغة والرقص والمبارزة والفروسية. عرف عن الفلكي والفيزيائي الهولندي نظريته في انتشار الأمواج "مبدأ هوجنس"، واكتشف عدداً من النجوم المزدوجة، بالإضافة إلى دوران وفلطحة المريخ، ويرجع له الفضل في أنه كان أول من تأكد من الطبيعة الحقيقية لحلقات زحل عام 1695م.
وأدخل تحسينات مهمة على التلسكوب، ودرس ظواهر الانعكاس والانكسار، ونحت عدسات تلسكوبات قليلة العيوب، واكتشف من خلالها حلقات زحل، بالإضافة إلى قمره السادس تيتان.
ووضع هوجنس نظرية موجية للضوء حلت محل نظرية نيوتن الجسيمية في النهاية، لأنها كانت تفسر جميع الظواهر والخواص الضوئية المعروفة في ذلك الحين، والتي لم تستطع نظرية نيوتن تفسيرها.
وذكر فيها أن سير الضوء في وسط كثيف أبطأ من سيره في وسط مخلخل (الماء مقابل الهواء مثلاً)، وهذا يعارض نظرية نيوتن الجسيمية التي تقتضي أن يكون سير الضوء في الوسط الكثيف أسرع من سيره في الوسط المخلخل.
ونشر عدداً من الأعمال عن القوة الطاردة، كما أن أفكاره التي أصبحت تعرف باسم قانون نيوتن الثاني في الحركة، سبقت كما يبدو تصور نيوتن لهذه الفكرة؛ إذ ظهرت معالجة هوجنس لهذا الموضوع في عام 1673، وكانت تتضمن إلى جانب دراساته المتعلقة بالرقاص ودور اهتزازه.
وحصل الفلكي الهولندي على عدة تكريمات أحدها كان من لويس الرابع عشر ملك فرنسا، بسبب ميقاتية الرقاص التي ابتكرها، وكان قد قضى سنوات طويلة في فرنسا، منهمكاً في البحوث العلمية بناء على دعوة الملك له.
وفي عام 1666 تأسست أكاديمية العلوم في فرنسا وطلب كولبير وزير الملك، من هوجنس أن يقوم بإدارة نشاطها فوافق على ذلك، ولكنه شعر بالحاجة إلى بعض التوجيهات الإدارية، وبدأ يتصل بالألماني هنري أولدنبورج، أول أمين للجمعية الملكية، وساعدت اتصالاته على نشر بذور التقدم العلمي الذي تحقق آنذاك عبر أوربا كلها، كما تم انتخابه كعضو في الجمعية الملكية بالعاصمة البريطانية لندن عام 1663م، ويعد من مؤسسيها.
ومن ابتكارات العالم الهولندي الكثيرة اختراعه "المِصْغر" وهو أداة تستعمل مع التلسكوب أو الميكروسكوب لقياس الأبعاد والزوايا بالغة الصغر.
وفي عام 1693 اكتشف كريستيان ظاهرة "Flanging"، وهي ظاهرة في مجال معالجة الإشارة الصوتية والتي تنشأ عند خلط إشارتين متماثلتين معاً تكون إحداها متأخرة عن الأولى بفترة أقل من 20 ملي ثانية.