الأجهزة الإلكترونية

إدمان أجهزة التواصل الاجتماعي، نوع جديد من سيطرة الأجهزة الإلكترونية على الكثير من الشباب إلى حد تملّك وتسيّد اهتماماتهم، والاستحواذ على عقولهم، والتمكن من كياناتهم، بما يوحدهم معها، ويأتي على وعيهم في تسيير أمورهم الحياتية كافة، بعد اقتناصها أوقاتهم بشكل شبه كامل، ما يسفر عن تدهور مستواهم الدراسي، وانتكاسهم سلوكياً، في ضوء ولوجهم أيضاً إلى مواقع تأتي على أخلاقياتهم، وتصرفاتهم، وتنحدر بأفكارهم، وأفعالهم، لفقدانهم التحكم في إدمانهم هذه الأجهزة التي تسلبهم الإرادة، وتستعبدهم تماماً.

ولا شك في أن هذا الإدمان الإلكتروني أضحى الأكثر تأثيراً سلبياً في الشباب، لاسيما في العصر الحالي، الذي يشهد يومياً مستجدات في مجال التقنيات الحديثة، وتطورات تجذب الشباب الصغار خلاف الكبار أيضاً، الذين يتلهفون على اقتنائها، والتعاطي معها، والتفاخر بها، غير مدركين النتائج الضارة التي تحيق بهم، جراء توغلهم في إدمان هذه الأجهزة التي تقلص خطوة بخطوة من قدرة الفرد على التفكير، والاستنتاج، والتحليل، لاعتمادهم عليها في ذلك، كونها البديل الإلكتروني الأسهل، والأسرع في هذا الأمر، فضلاً عن خطورتها في ما تنطوي عليه من مواقع، وصور، وجوانب مستهجنة، وغير لائقة.
مواجهة الإدمان الإلكتروني قضية نبحثها على النحو الآتي:
الجهات الشبابية
للجهات المعنية بالشباب دور في التوجيه لخطورة إدمان الإلكترونيات، حيث تقوم بالتوعية والتنبيه المستمر لوجوب تقنين استخدامها، والتعاطي معها، وفي ذلك قال خالد المدفع الأمين العام المساعد في وزارة الشباب والرياضة: لا يمكن النظر إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعيّ، أو في ما يسمى بالإعلام الحديث بوصفه إيجابيّاً أو سلبيّاً في المجمل، وإنما كتأثير محايد، فطريقة استخدامنا هي التي تحدّد هذا التأثير، سواء كان إيجابيّاً، أو سلبيّاً، وتوضح تأثيره في علاقتنا بالمحيطين بنا.

وفي المقابل فإن من إيجابيات مواقع التّواصل الاجتماعيّ أنها تقرّب وجهات النّظر، وتعتبر وسيلة لتبادل الأفكار والأخبار والمعلومات والمعارف، وتنمية المهارات والأفكار الإبداعيّة، إضافة إلى التّعرّف إلى ثقافة الشّعوب الأخرى، ما يؤدّي إلى تنمية المجتمعات وتطوّرها.
ولكن مع كلّ هذه الامتيازات والفوائد لمواقع التّواصل الاجتماعيّ إلّا أنّها إذا استخدمت بطريقة سلبيّة وبصورة خاطئة تنعكس على مستخدميها.
كما أنّ هذه المواقع قد تؤدّي إلى انعدام الخصوصيّة في الحياة العلمية والعمليّة، وتضيع الكثير من الوقت وتهدره في تقليب الصّفحات من دون فائدة، ما قد يشغل الشّخص عن عمله وحياته ودراسته، وقد تؤدّي إلى إصابته بالعزلة عن النّاس وتعرّضه للأمراض النّفسيّة، وهنا لا بدَّ من تضافر الجهود وتكاملها، نصحاً وإرشاداً ومتابعة للحفاظ على الشباب عن طريق الآتي:
- دعم التوعية الأسرية، والإعلامية بالمخاطر الاجتماعية، والأخلاقية الناجمة عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ومشاركة الأسرة للأبناء في بيان أهمية استخدام الإنترنت، وتحديد إيجابياته وسلبياته.

وضع برامج توعية للشباب من الجهات المعنية بهم في الدولة لترشيد استخدام تلك الشبكات، وإصدار نشرة إعلامية إرشادية، لنشر الوعي لدى الشباب بضرورة الاستفادة من الإنترنت بشكل إيجابي.
- تنمية الإحساس بالدين والوطن والانتماء، وتوعية الأسرة بأهمية التربية الدينية، وتربية الأبناء على الحياء من الله، ومراقبته، وغرس الوازع الديني لحماية الشباب من أي انحراف، أو زيغ عقائدي.

توجيه الشباب إلى ضرورة الالتزام والتقيد بقوانين الاتصالات في الدولة، في ما يختص باستخدام الإنترنت للدخول للمواقع المحظورة، والتوعية بالعواقب التي قد تعرضهم للمساءلة القانونية. تصميم مقرر دراسي عن التربية الإعلامية، يساعد على تعليم وترشيد الشباب لكيفية التعامل مع ما تبثه وسائل الإعلام الإلكتروني الجديدة. تنظيم دورات تدريبية وورش عمل مكثفة للتعريف بشبكة الإنترنت، وتدريب الطلبة الجامعيين على الاستخدام المفيد لها، وكيفية انتقاء المعلومات واختيار المناسب منها في البحوث والدراسات العلمية، وربطها بخطط البحوث ومواد التدريب الميداني، عدا ذلك فوسائل التواصل الاجتماعي، منجزات حضارية عظيمة، والإنسان وحده الذي يملك طريقة الاستفادة منها، أو سبل تَوَقي خطرها من عدمه.
المنافع والمضار

يقول عبد الله مطر الكتبي رئيس لجنة المرافق العامة في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، فلابد على أولياء الأمور، والمؤسسات المعنية كافة بالتربية والثقافة، وفي مقدمتها الإعلام من أن يكون لهم دورهم وحضورهم في توجيه الأبناء تجاه أي ضرر قد يلحق بهم.وفي إطار قوله، يواصل مضيفاً: فرط استخدام الألواح الإلكترونية من أشد الأخطار التي تحدق بالأجيال الناشئة، حيث تشكل مصدر ضرر على صحتهم العامة، سواء على أجسادهم الغضة، أو على نفسيتهم، وينعكس ذلك على تحصيلهم وشخصياتهم، فضلاً عن تأثيرها السلبي على ترابطهم الأسري الذي ينعدم تدريجياً كلما زاد استخدام الطفل للألواح الإلكترونية. ولابد أن ندق جميعاً ناقوس الخطر تجاه هذه السلوكات التي صارت في كل بيت، وما يترتب عليها من مشاكل اجتماعية وسلوكية ونفسية يعانيها الأطفال، وليس بغريب زيادة حالات الصرع أو التوحد وكذلك السمنة وقلة التركيز بسبب هذه الأجهزة التي يستخدمها الأطفال من دون حسيب أو رقيب، وما أكثرها في الألعاب، لذا من الأهمية قيام جهات المجتمع المعنية بالشباب بحملات لتوعية الأسر والأطفال بالاستخدام السليم والأمن لهذه الأجهزة.
ويرى الإعلامي عبد الله سبيعان أن استخدام الأطفال للتقنيات الحديثة ذو شقين، إيجابي وسلبي، يتركز الإيجابي في اطلاعهم على معلومات حديثة، واستخدامها في الدراسة والبحث عن المعلومات والمعارف، في حين يتبلور الجانب السلبي في وقوع بعض الأطفال ضحايا للاستخدام الخاطئ للأجهزة الإلكترونية، في ضوء غياب الرقابة الأسرية بما أدى إلى دخولهم مواقع إلكترونية مضللة.
عضلة النظر

من بعض الآراء الطبية التي ترددت حول خطورة المداومة على التعاطي مع الأجهزة الإلكترونية، ما جاء على لسان طبيب العيون الدكتور منتصر صلاح الدين: "تعتبر الأجهزة السطحية اللمسية (الآي باد) وأجهزة الكمبيوتر من أكثر الأجهزة التكنولوجيا ضرراً على العين، والتي قد تسبب جفاف العين عند مستخدميها من الأطفال، حيث تتم العملية من خلال التركيز المطول الذي يرهق عضلة النظر الضعيف. كما قال طبيب الأسرة الدكتور سمير جويبه إن: دخول الأجهزة التكنولوجيا في الأسرة رسخّ مفاهيم ومعاني الانفراد والانعزالية في الأسرة، حيث أصبح لكل فرد أجهزة خاصة به لا أحد يتعدى على خصوصيته في استخدامها، وهذا باعد بين أفراد الأسرة وأفقد روح التواصل والترابط. ومن اخطر الأمراض التي قد تصيب أفراد الأسرة، خاصة الأطفال، جراء استخدام هذه الأجهزة "التوحد".

إدمان الأجهزة قد يكون أكثر خطراً من أفلام العنف
الإدمان على الأجهزة التكنولوجية قد يؤدي إلى نوبات صرع، حيث كشف العلماء مؤخراً أن الوميض المتقطع بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة الموجودة في الألعاب الإلكترونية، يتسبب بحدوث نوبات من الصرع لدى الأطفال، وحذر العلماء من الاستخدام المستمر والمتزايد لألعاب الكمبيوتر الاهتزازية من قبل الأطفال لاحتمال ارتباطه بالإصابة بمرض ارتعاش الأذرع.

وأكدت بعض البحوث العلمية أن هذه الألعاب قد تكون أكثر خطراً من أفلام العنف التلفزيونية، أو السينمائية، لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها. ومن الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية وإدمان الأطفال عليها: اضطراب النوم، والقلق، والتوتر، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية والانطواء. اغتراب الطفل نفسه عن الأسرة، والحياة بكاملها، والتفكير في الانتحار.
ضعف النظر وألم ودموع في العينين.

ضعف التحصيل العلمي.
آلام في الرقبة، وضعف في عضلات المثانة والتبول اللاإرادي، وضعف في الأعصاب، وخمول وكسل في العضلات، بسبب الجلوس المستمر.