دبي – صوت الإمارات
على الرغم من سطوع وجهه في السماء أغلب الليالي الحالكة، ليضيء الظلام ويهتدي به الناس وإمكانية الكشف عن تفاصيل سطحه وتضاريسه من خلال بعض الكاميرات المتطورة، لم يكن بمقدور البشرية رؤية الجانب الآخر والبعيد من القمر أو معرفة أي معلومات عنه. وقبل هبوط الإنسان الأول على القمر من خلال رحلة "أبوللو 11" الأمريكية، استطاعت المركبة الفضائية السوفييتية "لونا 3" التي أطلقت لتدور حول القمر، في مثل هذا اليوم من عام 1959 من التقاط أول صور للجانب البعيد من القمر، لتزيل غموضه الذي حير البشرية عبر التاريخ.
وانطلقت المركبة الفضائية يوم 4 أكتوبر من العام نفسه، وذلك من فوق القطب الشمالي، لتصل إلى مدار مستقر بمنطقة القطب الجنوبي للقمر يوم 6 أكتوبر، وذلك بعد عدة صعوبات تخللها العديد من الأعطال وارتفاع درجة الحرارة داخل المركبة. استمرت المركبة في الدوران للوصول إلى الجانب البعيد من القمر وغير المواجه للأرض، وهو ما حدث في اليوم التالي.
وتسببت قوى المد والجزر في إبطاء دوران القمر، لذلك أصبح جانب واحد من القمر يواجه الأرض بشكل دائم، حيث أصبحت سرعة دوران القمر حول نفسه مماثلة لسرعة دورانه حول الأرض. ولم يكن من الممكن رؤية الوجه الآخر للقمر من الأرض بشكل كامل. والتقطت أول صورة للجانب البعيد من القمر من على بعد 63500 كم من سطحه، ووصل عدد الصور الملتقطة إلى 29 صورة واضحة غطت أكثر من 70% من الجانب البعيد من القمر. ووصلت أولى الصور الملتقطة يوم 8 أكتوبر، وعانت المحطات الأرضية ضعف إرسال المركبة، ما تسبب في فقدان العديد من الصور الأخرى. وبعد التقاط الصور المطلوبة، انتهت المهمة وتوجهت المركبة مرة أخرى إلى مدار بالقرب من القطب الشمالي للقمر لتبدأ رحلة العودة إلى مدار حول الأرض.
وبحسب الصور الملتقطة، يتميز الجانب البعيد من القمر بالتضاريس الوعرة والعديد من الفوهات الصدمية، ويحتوي هذا الجانب على ثاني أكبر فوهة صدمية معروفة في النظام الشمسي. وأصدرت الأكاديمية السوفييتية للعلوم أول أطلس للجانب البعيد من القمر بعد أن تم تحليل هذه الصور في 6 نوفمبر 1960. وشمل أطلس أكثر من 500 من ملامح الجانب البعيد. وفي سنة 1965 قام مسبار سوفييتي آخر بإرسال 25 صورة عالية الوضوح للجانب البعيد من القمر، وصدر الجزء الثاني من الأطلس في موسكو سنة 1967.أما أول رصد مباشر للجانب البعيد من القمر بالعين البشرية فكان سنة 1968 بواسطة رائدي فضاء البعثة أبولو 8.