ابوظبي - صوت الامارات
أأكدت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة أن التطورات التكنولوجية التي نشهدها اليوم ساهمت بشكل كبير في تغيير ملامح الحرب بشكل جذري ..مشيرة إلى أنه على الرغم من ذلك لا يتم النظر بعمق إلى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في تشكيل الوسائل والأدوات الجديدة لهذه الحروب.
جاء ذلك في الكلمة الرئيسية التي ألقتها معاليها خلال المؤتمر السنوي الثاني لوزارة الدفاع "مؤتمر القادة لحروب القرن الحادي والعشرين" الذي انطلقت أعماله اليوم في أبوظبي تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله .
وقالت معاليها إن مؤتمر القادة لحروب القرن الحادي والعشرين يناقش القضايا التي أصحبت تحظى بأهمية كبرى في عصرنا الحالي وهي قضايا الأمن والدفاع وهو ما يجعل من موضوع "الحرب في القرن الحادي والعشرين" أمراً بالغ الأهمية على الصعيدين الإقليمي والدولي ولاسيما مع ظهور أدوات ومفاهيم جديدة عن أشكال الحروب وأدواتها.
وأكدت معاليها إن دولة الإمارات بما تمتلكه من رؤية مستقبلية بعيدة المدى تمكنت من التعامل بشكل استراتيجي مع جميع التحديات وأياً كان نوعها وحرصت على بناء علاقات إيجابية مع دول العالم كما أنها تحرص على توفير أعلى معدلات الأمن والاستقرار لمواطنيها والمقيمين على أرضها ..مشيرة إلى أن "ما يدعونا للفخر أن نكون جزءاً من دولة الإمارات التي تثبت كل يوم للعالم تميزها وريادتها في كثير من المجالات وأن نكون جزءاً من هذه الدولة التي يتشارك فيها الجميع العمل بجد وإخلاص لتحقيق الإنجازات وتعزيز المكانة المرموقة لدولة الإمارات عالمياً".
وأوضحت معاليها أن الفترة الماضية شهدت صعود جهات ومجموعات استخدمت التقنيات بطريقة تناسب أجنداتها وهو الأمر الذي أنشأ تهديدات جديدة وخطيرة لم نعرفها من قبل موضحة أن تلك الفضاءات تتجاوز مجرد كونها وسائل للتواصل الاجتماعي إلى غايات أبعد من ذلك بكثير والمثال الواضح على ذلك هو المنصات الشبكية المخصصة لتجنيد أفراد ضمن مجموعات تخريبية بالإضافة إلى القنوات الرسمية التي تروج لخطابات تعزز أجندات الدول التي تملكها.
ولفتت معاليها إلى أن المنصات الرقمية تأخذ اليوم ثلاثة أشكال رئيسية حيث تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي الصورة الأكثر استخداماً من بينها فهي فورية مباشرة وواسعة الانتشار ويمكن لأي شخص نشر أي نوع من المعلومات وتقديمه بطريقة تجعله يبدو صحيحا ويأتي عدم الكشف عن الهوية الحقيقية لمستخدمي الإنترنت ليجعل من إمكانية تعقبهم والإمساك بهم مهمة تقارب المستحيل.
وقالت معاليها إن الشكل الثاني من أشكال الحرب الإعلامية يتمثل في الشبكات والتطبيقات المتطورة وبالطبع فإن من أكبر التهديدات الواقعية والرقمية في وقتنا الحاضر هو تنظيم "داعش" الذي نجح في تجنيد ونشر أفكاره المتطرفة نتيجة لاعتماده على استهداف جمهور محدد باستخدام الشبكات والتطبيقات التي أنشأها بنفسه ..موضحة أن هذا التنظيم شكل أول عملية تلاعب ناجحة بوسائل التواصل الاجتماعي على يد منظمة إرهابية وعلينا التفكير بمواجهة هذه التهديدات اعتماداً على منهجيات قادرة على مواجهة المنهجيات التي تم اتباعها من هذه الجماعات.
وبينت أن الشكل الثالث الذي تتخذه هذه الحرب يمر عبر وسائل الإعلام والمنصات الحكومية الرسمية حيث أدركت بعض الدول أن المنصات الرقمية أصبحت الطريقة الأكثر فعالية لإيصال رسالتها بدءاً من الأجندة السياسية والتفاعل مع الجمهور ووصولاً إلى نشر بيانات زائفة عن بلدان أخرى.
وذكرت معاليها أنه بالإضافة إلى ذلك فإن التأثير على وسائل الإعلام في البلدان الأخرى يسمح للدول بتعزيز روايتها على نطاق عالمي وقد كان هذا النوع من التلاعب بوسائل الإعلام سائداً في بدايات الأزمة القطرية.
وأوضحت معاليها أن وسائل الإعلام ليست الشكل الوحيد لميدان المعارك الرقمية فالحرب السيبرانية تستخدم غالباً في الصراعات لاستهداف نظم الاتصالات لدى الخصم وتميل إلى الاقتصار على النظم الكمبيوترية التي تدير حياتنا اليومية وتحفظ البنية التحتية الحيوية لدينا ..مشيرة إلى أنه يمكن للهجوم السيبراني ضرب الأنظمة الحيوية مثل مصافي النفط والأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء وأنظمة النقل وهذه أصبحت إحدى استراتيجيات الحرب الأكثر استخداماً ضد الحكومات نظراً لما تسببه من أضرار جسيمة دون الحاجة إلى التوغل الفعلي.
وأشارت إلى أنه مع تزايد اعتماد البلدان على الأنظمة الكمبيوترية في التشغيل اليومي لكل خدمة ممكنة فإن الحرب السيبرانية ستتخذ موضعها الرئيسي في ترسانة الهجوم ويمكن لأثر الحرب السيبرانية أن يتخطى الحدود بطرق لا تستطيع الحكومات التعامل معها وهذا الأمر يعطي الحرب السيبرانية ميزة استراتيجية ويجعلها واحدة من أقصى أولوياتنا الأمنية.
وعن مواجهة الحرب الإعلامية قالت معالي نورة الكعبي إن قلة التشريعات الخاصة بضبط عمل هذه المنصات الرقمية يصعب مهمة وضع حدود لتقيد آثارها السلبية كما أنه يصعب في الوقت ذاته من القضاء على آثارها السلبية ولاسيما أنها أصبحت تتطور بشكل مستمر ولهذا فإنه لابد من التفكير في آليات مستقبلية للتعامل مع هذه المنصات بما يضمن تفادي الآثار السلبية لها وأن تكون هناك خطوات استباقية لحماية أفكار أجيالنا من المخاطر وأن لا نبقى نتعامل بردود الأفعال على هذه التصرفات.
وأكدت معاليها أن دولة الإمارات تمتلك جميع المقومات لذلك حيث أنها من أفضل دول العالم في مجال أمن الإنترنت وتعاونت في هذا الجانب مع العديد من الدول كما تم إنشاء المؤسسات المحلية والعالمية لمراقبة والتحكم بالفضاءات الرقمية لمواجهة انتشار الأفكار الهدامة والأخبار الكاذبة.
ولفتت معاليها إلى أن الدبلوماسية الرقمية تعد أحد أشكال مواجهة الحروب التي تقوم على استخدام وسائل الإعلام ..مشيرة إلى أنها تعد طريقة أساسية للحكومات للحفاظ على مستوى معين من السلطة على الفضاءات الرقمية عبر تتبع انتشار المعلومات المضللة الصادرة من الجهات غير المصرح لها والمجموعات المتطرفة على الإنترنت.
وأكدت معاليها أن الدبلوماسية الرقمية على درجة كبيرة من الأهمية لأنها تملك القدرة على التأثير في آراء الأفراد حول مشكلة ما ليس محلياً فقط بل عالمياً أيضا ..مشيرة إلى أن لدولة الإمارات استراتيجية اتصالات نشيطة جداً قادرة على الوصول إلى أعضاء من اللجان الدولية من خلال فضاء وسائل الإعلام كما أن تعطي الفرصة للمسؤوليين الحكوميين لتحديد الخطاب الموجه لدولتهم وتقصي الروايات الإعلامية التي تتعرض بشكل مسيء للصورة الحضارية للدولة.
ولفتت إلى أن العديد من النزاعات الدبلوماسية الدولية تحدث على الصعيد الرقمي ومن ثم يتم التوسط لحلها ضمن المجال رقمي ولكن تأثيرها لا يقتصر على المجال الرقمي فحسب وهذا دليل على أهمية انتهاج الدبلوماسية الرقمية كوسيلة لمواجهة الأنواع الجديدة من الحروب الرقمية وهذا ليس حلاً مباشراً ولكن بالتأكيد خطوة نحو الأمام للاستعداد لمواجهة التحديات العصرية ولابد من التركيز في وقت لاحق على وضع تشريعات للفضاءات الرقمية وتعليم الشباب كيفية التعامل مع مثل تلك البرامج.
وأكدت معالي نورة الكعبي في ختام كلمتها أن وقتنا الحاضر الذي يشهد تطوراً تكنولوجياً متواصلاً ينبغي ألا يقتصر تطوير الدفاعات فيه على الحروب التقليدية بل ليشمل أيضاً الحروب الرقمية ولابد من استخدام التكتيكات الأخرى كالدبلوماسية الرقمية التي توظف وسائل الإعلام بطرق مختلفة في حروب القرن الحالي والتي أصبحت تستخدم وسائل أكثر فتكاً في نسيج المجتمعات من الأسلحة التقليدية.