بقلم عادل محمد عايش الأسطل
ألاَ أَيُّهَا اللَيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِي ......................... بِصُبْحٍ، وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَلِ.
لقد أصبح واضحاُ منذ الآن، أن سنة 2015، قد خبت تماماً وأصبحت تراثاً، وبرغم خبوئها، إلاّ أن سيئاتها كانت عالية الدرجة، باعتبارها أكثر قساوة، وأندر فائدة، وسواء كانت بالنسبة للعرب بعامّة أو للفلسطينيين بخاصة، الذين ما فتئوا يئنّون تحت وطأتها، وباتوا ينتظرون قدوم أخرى جديدة، عسى أن تحمل لهم رغداً وأفضل أملاً.
لم يتوقف أمرها إلى هنا، من أنها على هذا القدر من السوء وحسب، بسبب أن آثارها، ستمتد بلا ريب، في أعماق السنة الجديدة الآتية، والتي إن لم تجعل منها سنةً أخرى كئيبة، فستجعلها بلا إيّ ثمر على الأقل، بحيث سيكون صعبًا على الآملين بها، أن يواصلوا أمانيّهم باتجاهها، باعتبارها كما رأي "امرؤ القيس"، بأن الصبح الذي يتعجل بانبلاجه، لن يكون أفضل من ظلمة الليل الذي يتوق لانقشاعها.
وبالمناسبة، فإن السّنة المقصودة، لم تكن هي وحدها السّيئة، أو هي التي تعمّدت أن تكون سنةً سيّئة، أو هي التي تنفرد بسيئاتها، فقد سبقتها سنين جدّ مُضنية، تركت بصماتها عليها، وأورثتها رغماً عنها، كل ما حفُلت به، من بلايا سياسية، ورزايا اقتصادية، وأوجاع اجتماعية مختلفة، بلغت من الدرجة نسبة عميقة، لا تدعونا إلى التفاؤل بجدّية، بسبب أن تواجدها أصبح مستعصياً على مطاردتها، أو إدوائها وبأي طريقة، بل يمكن القول بأنها تتفاقم أكثر، كلما تقدّمنا خلال متاهاتها.
فبرغم علمنا بما آلت إليه الأوضاع العربية والفلسطينية المُزرية، فإنه لا يمكننا القول بأن يمكنها الانتقال، خاصة بعد سنوات ثقيلة من الخلاف والخصام، وقاضية من الحرب والدمار، إلى الحلول المُبهجة، ومن ثمّ الهدوء والاستقرار، كما لا يمكننا أن ندّعي بأن عصر السلام، الذي شغِل بالنا على مدى أكثر من عقدين متواصلين، بأنه ما زال حيّاً.
إن كل إنسان له عقل يميّز به بين الخير والشر والممكن والخيال، يستطيع النظر في جملة الوقائع الناشئة، وتلك التي لا زالت تنشأ من حولنا، يمكنه ببساطة أن يفهم ما سيأتي به الغد، وحتى على مدار أيّامٍ وشهور هذه السنة، وربما سيصل بفهمهِ إلى استنتاجات حقيقية، قد تصل نسبة الخطأ فيها قدراً ضئيلاً، لا يتجاوز جزء في المائة، وأقلّها، تلك التي ستؤكّد له، بأن من غير الممكن أن تحتوي أيّامها، على نشأة زعامة عربية، لديها ما يكفي من العقل والحكمة، لإحداث تغيير ما.
لا يمكن بأي حال، نشر جملة القضايا، أو سرد كل الأزمات، التي مررنا بها في السنة الخالية، بسبب أن عناوينها معلومة للجميع، ولكن يمكن الإشارة إلى أن ما وصلت إليه الأوضاع العربية خلالها، قد أثّرت على حياتها الداخلية ومكانتها الدولية والإقليمية، قبل أن تُلقي بانعكاساتها المدوّية، على مسارات القضية الفلسطينية وأوجاع الفلسطينيين بشكلٍ عام، وخاصة تلك الدول، التي وُصفت بالقويّة والمتماسكة، وعُهد إليها على مدار سنين طويلة فائتة، مسألة تحرير فلسطين واسترداد حقوقها، أو المساهمة في إيجاد حلول ما، باعتبارها على رأس قضاياها المصيرية.
ستظل السّنة الجديدة بالنسبة لنا، مجرّد سنة أماني وأحلام، لا سنة نهاية للصراعات والدماء، أو سنة سلام ووئام، وسنستمرّ بالشعور بخيبات أمل جديدة، طالما بقينا (عرباً وفلسطينيين) نسير على نفس الديدنة، من التفكك والانحدار.
ليس هذا وحسب، بل سيكون أمامنا وفي حال توقعنا تراجعاً جديداً واحداً، فإننا سنحصل على اثنين، وإذا توقعنا أزمة فسنُعاصر أزمات كُثر، وستبرز معضلات أُخريات، تجعل من الثمن المطلوب دفعه في مُقابلها ثمناً عالياً، بحيث لا يُستطاع إلى دفعه وحتى مُقسّطاً، لدرجة أننا سنعاود بالحنين إلي السنة المنصرمة، باعتبارها كانت أكثر ليناً وأقل وطأة.
وإذا ما برز سؤال عن سبب كل ذلك، فإن الجواب يعود إلى سيطرة (الغموض الاخلاقي) للولايات المتحدة التي تقوم بتسديده باتجاه العرب والفلسطينيين وقضاياهم المصيرية، والذي لا يزال يتمادى - بلا قيم ولا حدود - وعلى كل لون وجانب، باعتباره لديها الضامن الأزلي والوحيد، لبقاء قوّتها على الرقاب، واستمراراً لمصلحتها داخل مدار الزمن، والتي على رأسها وجود إسرائيل.