الموتيفات الهندسية تجعل للديكور حيوية ومثيرة

يصعب الحديث عن الموتيفات الهندسية التي عادت لتطرّز أجواء الديكور، دون التطرّق الى بدايات ظهورها في الخمسينات من القرن الماضي، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وما تبع ذلك من تغيّرات في المجتمع الغربي وأمزجة الناس الذين أقبلوا بنهم على أجواء اللهو والفرح والاستمتاع بنشوة الحياة والحرية بلا حدود.

وأدّت هذه الحركة الاجتماعية الى تنشيط بعض التيارات الفنية التي برزت يومها ولا سيما الفن التكعيبي، الذي تبلور في أعمال موندريان وكاندنسكي وميرو التي تظهّرت فيها بعض الأشكال الهندسية المعالجة بألوان بدائية حيّة من الأصفر والأحمر والأزرق، والمحدّدة بخطوط سوداء.

لقد استطاع المصمّمون في تلك الفترة الاستفادة من تلك الأجواء الفنية، والفصل بين أجوائها التجريدية والخطوط الهندسية الواقعية التي راحت تزين بعض أكسسوارات المنزل من أطر للمرايا وبراويز وصناديق وأدوات للمطبخ.

لكن هذه الظاهرة الفنية سرعان ما غابت عن المشهد الزخرفي، لتعاود الظهور في السبعينات من القرن الماضي، بأشكال وألوان مثيرة، وأجواء أكثر طرافة. 
وانضمّ اليها الشكل الدائري، ليصبح جزءا من منظومتها الجميلة وأجوائها المتفرّدة والتي تحمل تأثيرات شتى من الفنون الشرقية والأفريقية والإسكندنافية.

لقد حصدت هذه الموتيفات المنوّعة كثيرا من الإعجاب، مما فتح المجال لاستخدامها وعلى نطاق واسع، في تزيين الأقمشة وورق الجدران والبلاط، وبعض قطع الأثاث وأدوات المائدة وغيرها من أكسسوارات المنزل
لتتعايش مع كل أنماط الديكور وتياراته المعاصرة، وتتشكل على إيقاع مزاج الناس بألوان حيادية ناعمة مستمدة من أجواء «الريترو» أو تتفجر بنغمات صاخبة من وحي أجواء «البوب» المثيرة المدهشة، عاكسة بذلك ملامح تأثيرات ومذاهب شتى من فنون الزخرفة العالمية، والتي ألغت التكنولوجيا الحديثة وعصر الأنترنيت كل الحدود الفاصلة بينها، وأثرت أجواءها بطابع لا زمني.

لذلك نجد اليوم استعادات كثيرة لهذه الأجواء الزخرفية المميزة، بمعالجات مثيرة لاتخطر في بال، يذهب بها المصممون الى حد أقصى من الإبداع التقني لنتائج يصعب أن يتصوّرها الخيال.

لم يعد هناك جو يستحيل إبداعه، في ظلّ كل ما يتوافر من امكانات تقنية وفنية على مستويي التصميم والألوان، مما أدى الى تحرير الأشكال من خطوطها المحدودة ومنحها مظاهر أكثر تنوعا وابتكارا بنبرات لونية وتدرجات غير محدودة.

لقد أتاحت هذه الأساليب الجديدة للموتيفات الزخرفية أن تزحف الى كل فضاءات المنزل، تاركة لأساليب استخدامها أكثر من خيار يعبّر من خلاله كل فرد عن الجو الذي يريده.

لم تقتصر روح التغيير والتجديد على الأشكال المنفردة والمندمجة والألوان، بل ذهبت بتطويرها لتلك الموتيفات الى أبعد حدود، فتلاعبت بالأحجام وجعلتها صغيرة مضغوطة، أو عملاقة منفلشة، تكتسي بألوان استعادية محايدة أو ثمرية زاهية تنشر الإحساس بالحيوية والفرح في كل فضاء تسكنه. 
كما أتاحت استخدام هذه الأشكال الزخرفية في كل فضاء في المنزل، شرط العناية في اختيارها وتوزيعها باعتدال، حتى لا يتحوّل حضورها الى عامل مثير للانفعال ومناقض للراحة والرفاهية.