طرابلس - صوت الامارات
صوّت مجلس النواب الليبي بالإجماع، السبت، على تفويض القيادة العامة للقوات المسلحة لتعطيل المطارات والموانئ والمنافذ البرية، الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، وذلك لمواجهة التدخل التركي الذي جاء بدعوة من حكومة فايز السرّاج في طرابلس، كما اتخذ مجلس النواب وهو الهيئة الشرعية المنتخبة الوحيدة في البلاد، مجموعة من القرارات المهمة، أبرزها قطع العلاقات مع تركيا وإلغاء مذكرتي التفاهم البحرية والأمنية الموقعتين بين حكومة طرابلس ونظيرتها التركية.
وجرى التصويت بالإجماع على إحالة الموقعين على الاتفاقيتين للقضاء بتهمة "الخيانة العظمى"، ويتعلق الأمر بالسراج ووزيري خارجيته وداخليته وكل من ساهم معه في التوقيع، كما طالب مجلس النواب أيضا، مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بسحب الاعتراف من حكومة السراج.
وكان الجيش الوطني الليبي قد أكد أنه سيتصدى لأي وجود أجنبي، وتحديدا تركيا، على الأراضي الليبية، إذ قال القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، الجمعة، إن المعركة أصبحت حربا ضروسا في مواجهة مستعمر غاشم، وقال حفتر في كلمة وجهها إلى الشعب الليبي إنه حان وقت "المواجهة وقبول التحدي ورص الصفوف ونبذ خلافاتنا فيما بيننا ونعلن الجهاد والنفير والتعبئة الشاملة ونحمل السلاح رجالا ونساء عسكريون ومدنيون"، وطالب الشعب التركي بأن ينتفض في وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والوقوف في وجه مخططاته التوسعية.
والسبت، أعلن الجيش الليبي أن دفاعاته الجوية أسقطت طائرة تركية مسيرة، جنوب العاصمة طرابلس، وهذه هي ثاني طائرة مسيرة تركية يسقطها سلاح الجو الليبي خلال يومين، إذ تمكن من إسقاط واحدة بين طريق المطار ومنطقة المشروع جنوب طرابلس، مع العلم أنه سبق للجيش الليبي أيضا أن أسقط طائرة مسيرة في 13 ديسمبر الماضي، بعد دخولها منطقة الحظر الجوي جنوبي العاصمة.
وشنّ طيران الجيش الليبي، فجر الأحد، غارات على معسكرات وتمركزات تابعة لقوات الوفاق في تاجوراء شرق العاصمة طرابلس، استهدف الأعنف منها، مقرّ ميليشيا "الضمان"، كما استهدف القصف الجوّي كذلك مواقع تابعة للميليشيات بمنطقة بئر الأسطى بتاجوراء.
وتعتبر ميليشيا "الضمان" من أقوى ميليشيات طرابلس وأعنفها، وهي من أكبر ميليشيات منطقة تاجوراء شرق العاصمة، تضم أغلب مسلحي تاجوراء فيما بعد، وتعمل تحت لواء حكومة الوفاق، كما تضمّ منطقة تاجوراء مليشيا "باب تاجوراء"، التي يغلب عليها الإنتماء للتيار السلفي الجهادي.
مواجهة الغزو التركي
يأتي هذا بعيد إعلان اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، أنّ الجيش والشعب على أتم استعداد لمواجهة الغزو التركي، مشيرا إلى أن المعركة في ليبيا لم تعد معركة تقليدية بعدما أصبحت ضد دول داعمة للميليشيات، وفي مقدمتها تركيا.
إلى ذلك، اعتبر في مؤتمر صحافي مساء السبت، أن الشعب الليبي بعث رسائل عديدة تؤكد أنه خلف جيشه وسيدعم كل الجبهات، مضيفا أن الليبيين مستعدين اليوم لصد الغزو التركي ، ولافتا إلى أن كل المناطق العسكرية عملت في إطار إعادة بناء القوات المسلحة الليبية"، كما قال "قواتنا البحرية جاهزة وتفرض سيطرتها على سواحل البلاد".
ولفت المتحدث باسم الجيش الليبي إلى أن "قرارات البرلمان التركي تعلن رفض الغزو التركي، وتؤكد على رفض استخدام الأراضي الليبية لأي غرض آخر"، كما وجه رسالة إلى الليبيين في طرابلس قال فيها: "إن التدخل التركي، ليس من أجلكم، وإنما من أجل السيطرة على ليبيا، وعلى بوابة أفريقيا إلى أوروبا ولزرع التنظيمات الإرهابية لتهديد دول الجوار".
وقال إن الدولة المدنية، التي يتحدثون عنها في طرابلس تحتاج إلى جيش لتحقيق أهدافها، مضيفا: "الآن هناك متطرفين وميليشيات في طرابلس، والدعم التركي ليس من أجل الليبيين، وإنما من أجل إعادة ليبيا لتكون مستعمرة عثمانية"، وتابع: "لن نفرط في تضحيات الأجداد، والمعركة مستمرة، وقواتنا قادرة على الحسم، وكل ما يهمنا هو حرصنا على عدم استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية، ونحرص على الحفاظ على حقوق الإنسان داخل طرابلس"، كما أوضح أن المعركة أصبحت تضم كل أطياف الشعب الليبي، موجها رسالة إلى من وصفهم بمن باعوا ليبيا إلى الأجانب.
على الجانب الآخر، أعلنت المملكة العربية السعودية، ليل السبت الأحد، عن رفضها وإدانتها للتصعيد التركي الأخير في الشأن الليبي، منددة بموافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وأكدت أنها تعتبر ذلك انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن ليبيا وتقويضا للجهود الدولية الرامية لحل الأزمة الليبية ومخالفة للموقف العربي الذي تبناه مجلس جامعة الدول العربية بتاريخ 31 ديسمبر 2019، كما أشارت إلى أن هذا التصعيد التركي يشكل تهديدا للأمن والاستقرار في ليبيا وتهديدا للأمن العربي والأمن الإقليمي، كونه تدخلا في الشأن الداخلي لدولة عربية في مخالفة سافرة للمبادئ والمواثيق الدولية.
وفي وقت سابق، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من مغبة إرسال قوات عسكرية أجنبية إلى ليبيا، في إشارة على ما يبدو إلى تركيا التي تنوي الإقدام على تلك الخطوة، وقال غويتريش في بيان، الجمعة، إن "أي دعم أجنبي للأطراف المتحاربة" في ليبيا "لن يؤدي إلا إلى تعميق الصراع" في هذا البلد، وأضاف البيان أن "الأمين العام يكرر التأكيد على أن الانتهاكات المستمرة لحظر الأسلحة المفروض بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1970 الصادر في2011 وتعديلاته في القرارات اللاحقة تزيد الأمور سوءا"، وجدد "دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في ليبيا وعودة جميع الأطراف إلى الحوار السياسي".
وفي السياق، اجتمعت قيادات عسكرية سعودية عليا مع قيادات ومسؤولين عسكريين من "دول صديقة" لـ "وضع استراتيجية مطوّرة للتعامل مع ميليشيات الحوثيين"، في حال قامت باعتداءات على المنشآت المدنية والاقتصادية في دول التحالف، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، السبت، وتتضمن الاستراتيجية "الاستعداد لتوجيه عمليات وضربات عسكرية مؤلمة لقادة الميليشيات لدفع ثمن اعتداءاتهم بحيث يتم التركيز على استهداف القادة المعطلين للحل السياسي ومقراتهم ومصالحهم في اليمن".
وتستند هذه الضربات، بحسب المعلومات، إلى "منظومات رصد واستهداف ذات إمكانيات عالية تم إدخالها، بما في ذلك نشر أسراب طائرات مقاتلة تابعة لدول صديقة للمملكة، ورادارات ودفاعات جوية وأسلحة نوعية حديثة".
وبُنيت هذه الاستراتيجية المطوّرة على "افتراض احتمالية قيام الميليشيات الحوثية بما تمليه عليها طهران للزج باليمن وشعبه في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل".
وقال مسؤول سعودي إن "التحالف بقيادة المملكة ملتزم بالتهدئة وبالإجراءات السياسية والعسكرية كافة للمحافظة عليها، ودعم جهود المبعوث الأممي، مارتن غريفيثس، للتوصل إلى حل سياسي شامل بين الأطراف اليمنية وفق المرجعيات الثلاث وعودة اليمن إلى محيطه العربي".
قد يهمك ايضا
المعارضة التركية تنتقد أردوغان وتُجمع على رفض إرسال قوات إلى ليبيا
قائد الجيش الليبي يؤكد أن المعركة أصبحت حربًا ضروسًا ضد مستعمر غاشم