السينما

تخرج بسيارتك من مرآب المبنى الذي تعيش في إحدى شققه. تستدير يسارًا ثم يسارًا مرّة أخرى. أنت الآن في سانتا مونيكا بوليفارد. تصل إلى تقاطع طريق وتتوقف بانتظار شارة مرور خضراء. إلى يمينك صرح كبير يحتوي على مكتبة عامرة. محلات فاخرة وصالة سينما فيها ثماني قاعات تعرض ثمانية أفلام مختلفة.

تعطيك الشارة الخضراء الإذن بالاستدارة إلى اليمين. توقف السيارة في مرآب آخر صغير وتعود أدراجك إلى بائع الصحف عن ذلك التقاطع. تشتري صحفك ومجلاتك ثم تعود إلى سيارتك. تستدير يسارًا وتصعد في شارع يصل بك إلى وستوود بوليفارد. تستدير فيه وتمضي. الشوارع تتلاحق والمناظر تختلف وتتجه بسيارتك شمالًا حتى تصل إلى صنست بوليفارد. تتوقف عند فندق من خمس نجوم… موعدك مع أحد كبار سينمائيي هوليوود أو مع أحد "نجومها".

بعد ذلك، تستطيع العودة إلى البيت، أو قصد مطعم في شارع هوليوود بوليفارد القريب أو قيادة السيارة شرقًا صوب مكتبة متخصصة بكل شيء سينما.

بعد ذلك، تختار صالة السينما التي تريد. توقف السيارة في مرآبها. تشتري التذكرة. يقطعها لك موظف مبتسم. تدخل. يبدأ العرض. تمضي ساعتين وتخرج إلى المرآب. مجاني بالطبع طالما أنك لم تمض داخل المول أكثر من 4 ساعات.

لديك بعد ذلك خيار العودة إلى البيت أو حضور حفلة تقيمها "جمعية مراسلي هوليوود الأجانب" أو سواها. أو ربما تبقى في الجوار لكي تتعشى في مطعم همبرغر مشهور.

الأيام التالية لا تختلف إلّا من حيث الأسماء المتداولة فيه. مقابلات. عروض أفلام. قيادة السيارة مع الراديو المفتوح…

الوباء يداهم الجميع

هذا ما كان عليه المنوال حتى الشهر الثاني من هذه السنة. بعد ذلك، أصبحت لوس أنجليس مدينة محروقة بوباء فادح الأثر. ليست المدينة الوحيدة في أميركا طبعًا، وليست المدينة الوحيدة حول العالم، لكنّها المدينة الوحيدة التي تؤمّن 70 في المائة من أكثر أفلام العالم نجاحًا.

في 23 يناير (كانون الثاني) هذا العام، صدر أمر حكومي صيني بإغلاق صالات السينما. بعد شهر كامل أغلقت صالات شمال إيطاليا التي كانت تؤمن دخل صالات السينما في عموم إيطاليا بنسبة 48 في المائة.

في فبراير (شباط) أيضًا أقيم مهرجان برلين السينمائي، وحضر الجمع الغفير كالعادة. حين انتهى، اعتبر الذين حضروه أنفسهم محظوظين كونهم والمهرجان نفذوا مما انتشر لاحقًا من حصار "كورونا" للناس في كل مكان.

في 4 مارس (آذار)، أعلنت هوليوود تأجيل عرض فيلم "لا وقت للموت" آخر نتاجات جيمس بوند. هذا كان أول فيلم يُعلن عن تأجيل عروضه التي كانت مبرمجة في 31 من ذلك الشهر. الموعد الجديد العاشر من أبريل (نيسان).

‫سريعًا، توالت الأفلام الكبيرة المؤجلة، منها فيلم بعنوان "F9" الجزء التاسع من سلسلة "The Fast and the Furious".

في 12 مارس بدأت صالات السينما في اليونان وجمهورية التشيك وأستونيا وكوزوفو وبولاندا بإقفال أبوابها. بعد يوم واحد أعلنت شركتان أميركيتان لصالات السينما اتخاذ إجراءات تحد من دخول قاعات السينما بنسبة 50 في المائة.

بعد يوم آخر سارعت صالات فرنسا وبلجيكا ولاتفيا والنرويج وإسبانيا بغلق أبوابها. في 18 انضمت ألمانيا للمجموعة.

منتصف الشهر خرجت قوائم "التوب تن" الأميركي مزعجة للجميع: حصيلة الأفلام الخمسين المعروضة بلغت 53 مليونًا و600 ألف دولار. مبلغ كان الفيلم الناجح في المرتبة الأولى ينجزه أو يتجاوزه قبل ذلك. الهبوط بلغ 65 في المائة عمّا كان عليه سابقًا، ولم يكن له مثيل منذ سنة 2000.

الصالات تبيع المرطبات فقط

ثم تسارعت وتيرة الإغلاق في الولايات المتحدة. شركات الصالات التي تعرض الأفلام التجارية جنبًا إلى تلك المتخصصة في العروض الموازية (المستقلة والمتخصصة) أغلقت أبوابها في السابع عشر من الشهر ذاته.

قبل نهاية الشهر، مالت السوق السينمائية صوب العروض المنزلية. 150 صالة أميركية سارعت لتطبيق عروض سينمائية في المنازل.

في فرنسا، ارتفعت نسبة العدوى، ما دفع الحكومة لفرض حظر على أي تجمع. مهرجان "كان" أبدى تفاؤله بإمكانية إقامة دورته الجديدة في موعدها (شهر مايو/ أيار).

مع نهاية الشهر، كانت معظم صالات السينما في أميركا وأوروبا (شرقية وغربية) أقفلت كذلك في جنوب شرقي آسيا.

المحزن هو أنّه في 31 مارس، بدأت بعض صالات السينما الأميركية التي كانت توقفت عن افتتاح قاعاتها ببيع مشروبات الصودا والبوب كورن وألواح الشوكولا لمن يرغب. تشتري منها وتمضي. تحوّلت إلى "أكشاش" لمن يرغب من العابرين.

دخلت الأزمة شهرها الثالث في أبريل بازدياد توجه المؤسسات للعروض السينمائية في المنازل. "نتفلكس" ربحت الجولة. شركات الأفلام الكلاسيكية (وورنر، يونيفرسال، باراماونت، ديزني... إلخ) أسست مواقع للمشتركين لمشاهدة أفلامها. محلات بيع أسطوانات الأفلام (التي كان الكثير منها شهد انخفاض إقبال خلال السنوات القليلة الماضية) انتعشت مبيعاتها من جديد.

في الخامس والعشرين من أبريل أشهرت شركة "CMX Cinemas" الأميركية إفلاسها. بعض صالاتها التكساسية تحوّلت إلى مطاعم مشويات.

في هذا الشهر أكد مهرجان "كان" إلغاءه دورة هذه السنة من المهرجان، وأنه سيوزع الأفلام التي استحوذها على بعض المهرجانات الأخرى مقابل ذكر اسم المهرجان. برر المدير العام للمهرجان تردده في اتخاذ هذا القرار بأنّه، ورئيس المهرجان، كانا يأملان تبدّل الوضع للأفضل. وفي مؤتمر صحافي أُعلن عن كل الأفلام التي تم اختيارها للدورة الملغاة.

بالنسبة لمهرجان فينيسيا، الذي كان وزّع استفتاء بين السينمائيين قبل أسابيع، فإنّ القرار كان بالتحضير الفعلي لدورة شهر سبتمبر (أيلول).

مع نهاية ذلك الشهر، أعلنت شركة "يونيفرسال" عن قرارها باعتماد العروض المنزلية ما أثار حفيظة شركة "AMC" (كبرى شركات أميركا الشمالية)، فأعلنت أنّها ستقاطع أفلام شركة "يونيفرسال" حال إعادة افتتاح صالاتها.

افتتاح مشروط

شهر مايو أخذ يرزح تحت ثقل المطالبة بفتح صالات السينما. المطالبون أساسًا هم أصحاب الصالات (عبر مؤسسة "ناتو" وهي غير المؤسسة العسكرية بالاسم ذاته) خشية الإفلاس. صالات تكساس كانت السباقة بعدها صالات بعض الولايات الجنوبية وصالات في ولاية يوتا.

أوروبيًا، أكدت السويد أنّ كل صالاتها السينمائية باشرت العمل كالمعتاد. في الإمارات العربية المتحدة افتتحت شركة "Novo"، وهي إحدى أكبر الشركات العاملة هناك، صالاتها. لكن ما هو معروض حتى اليوم ليس أكثر من إنتاجات صغيرة ثانوية، أو استمرار بعرض الأفلام الكبيرة.

في 15 مايو، بدا واضحًا تحوّل الجمهور الأميركي من صالات السينما المغلقة إلى صالات السينما المفتوحة (Drive-In Cinemas). هذه شهدت انتعاشًا لم تشهده منذ عقود.

بحلول 21 مايو، أُعلن عن أن فيلم كريستوفر نولان الجديد "تَنِت" سيعرض في منتصف شهر يوليو (تموز). كذلك فيلم "مولان" الذي كان أُجّل مرّتين من قبل.

وبحلول أواخر الشهر، ارتفع عدد الصالات المفتوحة للجمهور مع إرشادات صارمة بالنسبة لتوزيع الروّاد متباعدين، وفرض فحص مبدأي للداخلين في بعض تلك الصالات. هذا الارتفاع شهدته صالات الولايات المتحدة وكندا ونيوزيلاندا.

في التاسع والعشرين من الشهر، أعلنت فرنسا أنّ صالاتها السنيمائية ستعاود العمل بدءًا من 22 يونيو (حزيران).

مع مطلع يونيو، فتحت بلجيكا صالاتها (مع إرشادات صارمة)، كذلك فعلت سويسرا وألمانيا ولوكسمبورغ وإسبانيا.

في الأسبوع الثاني من الشهر، أعلنت "وورنر" أنّ فيلم كريستوفر نولان سينتقل من 17 من يوليو إلى 31 منه بعد أسبوع واحد على عرض الفيلم الأميركي الكبير الثاني وهو "مولان" (ديزني).

في بريطانيا، افتتاح صالات السينما كان تدريجيًا وبحذر. لكن الأهم هو أن شركة "سيني وورلد" التي هي إحدى أكبر صالات السينما في بريطانيا والعالم (تمتلك نحو 11200 شاشة عرض حول العالم) تراجعت عن شراء صالات شركة "سينيبلكس" الكندية، وهو اتفاق عُقد في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.

في 18 يونيو، أعلنت "AMC" عن افتتاح كل صالاتها الأميركية، لتفاجأ برد فعل غاضب من قبل الرأي العام، ما دفعها لإصدار نشرة لاحقة أكدت فيها على أنها ستمارس إرشادات وقوانين صارمة لجمهورها، بما في ذلك ارتداء الكمامات داخل الصالات كذلك.

شركات "سينما مارك" و"ماركوس" و"استديو موفي غريل"، قررت افتتاح صالاتها بعدما كانت أجلت هذا القرار. شركة "ماركوس" أنتجت فيلمًا دعائيًا بعنوان "اهرب مجددًا إلى الأفلام" أو (Escape Back tothe Movies).

الوضع اليوم

هذه الجهود المستديمة لإعادة فتح صالات السينما أمام الجمهور، تعرقلت في بعض الولايات الأميركية بسبب ارتفاع عدد ضحايا "كوفيد - 19" مرّة أخرى. هذا أدّى لإعلان "وورنر" عن تأجيل جديد لفيلم "تَنِت" حتى 12 من أغسطس (آب). بعد هذا القرار أعلنت "ديزني" تأجيل "مولان" كذلك حتى 21 من أغسطس.

في نهاية شهر يناير، عاودت شركة "أ إم سي" الأميركية العمل الكامل في 450 صالة سينما في أنحاء الولايات المتحدة، على أن تفتح باقي صالاتها خلال شهر يوليو. لكن شركات أخرى عديدة (منها "سينيمارك" و"سيني وورلد") قررت تأجيل قراراتها السابقة بالفتح حتى نهاية الشهر الحالي.

هذا المد والجذر بين حالتين متناقضتين (فتح الصالات وارتفاع أعداد المصابين بـ"كورونا" في الولايات المتحدة) خلق أزمة تنذر بكارثة كبيرة. قوام هذه الأزمة هي:

* شركات الأفلام تحتاج لأن تبدأ نشاط عروضها للأفلام الكبيرة التي أنتجتها. كذلك تحتاج للبدء بإنتاج الأفلام الأخرى المتوقفة عن التصوير لكي تملأ خانات الأشهر المقبلة في العام المقبل.

* صالات السينما تجد نفسها على شفير الإفلاس، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

* سوق السينما الأميركية التي خسرت أكثر من 60 في المائة من إيراداته حتى الآن يترجم هذه الخسارة بوضوح: خسرت السينما حتى الآن ما يقارب 6 مليارات دولار من السوق المحلية ونحوها من السوق العالمية.

* الصالات العالمية التي افتتحت شاشاتها منذ أسابيع، تعتمد كذلك على الأفلام الأميركية، وهذه بانتظار قرارات مرتبطة بعروضها المتزامنة حول العالم بأسره. بمعنى أنّ "هوليوود" لا تستطيع افتتاح أفلامها حول العالم من دون افتتاحها محليًا في الوقت ذاته، والعكس صحيح.

في هذا الوقت، أعلنت صالات "الدرايف إن"، أن عروضها لفيلم "ستار وورز: الإمبراطورية تضرب من جديد"، قد حققت خلال نهاية الأسبوع 500 ألف دولار في 480 صالة مفتوحة. رقم هزيل بمقارنة ما كانت الأفلام تحققه من قبل، لكن هذا فيلم مضى على إنتاجه 23 سنة ما يدخل بعض الثقة لنفوس المرتادين وصانعي الأفلام، في الوقت الذي يعزز الأمل في تجاوز هذه الأزمة.

الأفلام الكبيرة المؤجلة

لجانب "مولان" و"تَنِت"، هناك أفلام كبيرة أخرى كان من المقرر لها أن تعرض خلال هذا الصيف المعتل. القائمة تحتوي على 10 منها مع ذكر تاريخ عروضها المقررة سابقًا والتاريخ (المبدأي) لعروضها المقبلة.

* "The Personal History of David Copperfield"

هذا الاقتباس المتجدد من أعمال الكاتب تشارلز ديكنز، كان سيحمل اختلافًا عن الأفلام السابقة التي حملت اسم "ديفيد كوبرفيلد". إنتاج تاريخي الملامح من بطولة الهندي دَف باتل.

- الموعد السابق: الثامن من مايو.

- الموعد الجديد: 14 أغسطس

* F9"

الفيلم التاسع من سلسلة "السريع والهائج"، بنى الكثير من الأمل على صيف 2020، لكن "كورونا" كان أقوى. لجانب فن ديزل وصحبه تم ضم تشارليز ثيرون إلى العصبة.

- الموعد السابق: 22 مايو

- الموعد الجديد: 2 أبريل من السنة المقبلة.

* "Black Widow"

مبني على شخصية قامت سكارلت جوهانسن بتمثيلها في سلسلة أفلام "ذا أفنجرز"، مقتبسة بدورها من صفحات مجلات "الكوميكس".

- الموعد السابق: الأول من مايو

- الموعد الجديد: السادس من نوفمبر

* "Wonder Woman 1984"

المغامرات النسائية الثانية (لجانب "بلاك ويدو" أعلاه). هذا من بطولة غال غادوت في سلسلة متواصلة من المؤثرات والمعارك.

- الموعد السابق: 5 يونيو

- الموعد الجديد: 2 أكتوبر (تشرين الأول)

* "Soul"

فيلم الأنيميشن الوحيد هذا الصيف، أو ما تبقى منه، وهو من إنتاج الشركة الشهيرة "بيكسار"، التي كانت ستدخل به سباق أوسكار أفضل فيلم رسوم.

- الموعد السابق: 19 يونيو

- الموعد الجديد: 20 نوفمبر

* "Top Gun: Maverick"

فيلم توم كروز المبني على فيلمه المبكر "توب غن" قبل نحو 30 سنة. الكثير من الحماس رافق هذا الفيلم قبل وخلال وبعد انتهاء تصويره.

- الموعد السابق: 24 يونيو

- الموعد الجديد: 23 ديسمبر (كانون الأول)

* "A Quiet Place 2"

الجزء الثاني من فيلم الرعب الناجح الجامع بين جون كرازينسكي (مخرجًا وممثلًا) وزوجته إميلي بْلَنت.

- موعده السابق: 8/3

- موعده الجديد: 4/9

* "Free Guy"

أكشن من بطولة رايان رينولدز لاعبًا دور موظف مصرف يكتشف أنه موجود في أشرطة ألعاب فيديو منتشرة تتنبأ بموته.

- الموعد السابق: 3 يوليو

- الموعد الجديد: 11 ديسمبر (كانون الأول)

* "Ghostbuster: Afterlife"

الكوميديا المعروفة التي قام المخرج إيفان رايتمن بتحقيقها في الثمانينات يكملها ابنه جاسون مع دان أكرويد وسيغورني ويفر وبول رَد.

- الموعد السابق: 10 يوليو

- الموعد الجديد: 5 مارس، 2021

* "Jungle Cruise"

فيلم آخر لإميلي بْلنت يجمعها هذه المرّة مع دواين جونسُن. أكشن يجمع ما بين الفانتازيا ومغامرات الأدغال.

- الموعد السابق: 24 يوليو

- الموعد الجديد: 30 يوليو

Facebook :

الجهود المستديمة لإعادة فتح صالات السينما تعرقلت في بعض الولايات الأميركية بسبب ارتفاع عدد ضحايا "كوفيد - 19" مرّة أخرى

Twitter :

- أعلنت صالات "الدرايف إن" أن عروضها لفيلم "ستار وورز: الإمبراطورية تضرب من جديد" قد حققت خلال نهاية الأسبوع 500 ألف دولار في 480 صالة مفتوحة

- صالات السينما تجد نفسها على شفير الإفلاس إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.

قد يهمك ايضا 

طرب" العالمية للإنتاج الفني توقع عقد إنتاج مع جورج وسوف

"سكِت الكلام" لجورج وسوف تُحقّق نصف مليون مشاهدة في 24 ساعة