نيويورك ـ مادلين سعادة
تُعدُّ الأيام الأولى من حياة الرضع، الفترة الأضعف في حياتهم، نظرا لعدم نضج أجهزة الجسم بالشكل الكافي الذي يجعلها تقوم بوظائفها على الوجه الأمثل، ومنها الجهاز المناعي. ويزيد الأمر صعوبة أن يكون الرضيع مبتسرا، بمعنى أن تجري ولادته قبل ميعاد الولادة الطبيعي، وفي هذه الحالة يجري إيداعه الحضانة، حيث يحتاج إلى رعاية مكثفة للحفاظ عليه من أي عدوى.
وأكدت دراسة حديثة أن الطفل الرضيع قد يتمتع بحالة مناعية قوية، مشيرة إلى أن الجهاز المناعي للطفل على الرغم من عدم تمام اكتماله، فإنه يمكن أن يكون كافيا لكي يقاوم بعض أنواع البكتيريا ويكافح العدوى. وتعد هذه الدراسة بمثابة كشف علمي كبير، وخصوصًا أن مخاطر تعرض الرضع للإصابة بالميكروبات يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة تؤدي إلى الوفاة مما يستلزم العلاج بالأدوية التي هي في الأغلب من الأنواع القوية من المضادات الحيوية واسعة المجال في الحضانات.
ويمكن لجهاز المناعة القوي أن ينقذ حياة الكثير من الرضع، فضلا عن تجنيب الرضيع التعرض المبكر للعلاج بالمضادات الحيوية في الأيام الأولى من حياته.
وتوصلت الدراسة التي أجراها باحثون إنكليزيون، إلى أن جهاز المناعة لدى الرضع يقوم بمهامه بكفاءة كافية حتى ولو كان يؤدي تلك المهام بصعوبة. والجهاز المناعي يتكون من الكثير من الخلايا والأجهزة تعمل بمثابة خطوط الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات والفيروسات المختلفة. ومن أهم أسلحة المناعة في الجسم كرات الدم، وهي بدورها تنقسم إلى خلايا تقوم بالكثير من الوظائف التي تحمي الجسم بآليات مختلفة.
وبيّنت الدراسة أن من الخلايا اللمفاوية، تنقسم إلى نوعين من الخلايا، أحدهما مسؤول عن إنتاج الأجسام المضادة الطبيعية في الجسم ضد ميكروب أو فيروس معين بينما تقوم الخلايا الأخرى بالتوجه إلى الخلايا المصابة بالفيروسات أو الميكروبات وتحاول أن تساعدها في التخلص من الميكروب لذلك تسمى المناعة الخلوية.
وكان الاعتقاد السائد حتى الآن أن الجهاز المناعي للرضيع لا يكون ناضجا بالشكل الكافي لمقاومة الجراثيم كنوع من أنواع الحماية للرضيع، بمعنى أن الخلايا الليمفاوية يجري تثبيطها من الجسم حتى لا تهاجم الجراثيم الموجودة داخل الخلية وينتج عن هذا الهجوم التهاب يمكن أن يؤثر على الخلية ذاتها، وخصوصًا أن الخلايا لا تكون بالنضج الكافي في الأيام الأولى من الحياة.
واكتشف العلماء أن الخلايا المناعية "T" حتى وإن كانت مختلفة عن الخلايا المناعية في البالغين في التركيب، فإن ذلك لا يعني بأي حال أنها أقل في الكفاءة أو جرى تثبيط عملها. وتقوم الخلايا الوليدة في الرضيع بتصنيع جزء مهم في الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات يعرف باسم IL8""، وهو يقوم بتحفيز نوع معين من الخلايا "النيتروفيل neutrophils" والتي تقوم بمهاجمة الميكروبات التي تحاول دخول الجسم.
وأبرز الباحثون أن للرضيع مناعة تعمل بآلية مختلفة عن الأطفال الأكبر سنا، ولكن مع ذلك لا تقل في الكفاءة بدليل أنها كافية لأن تحمي الطفل من أي إصابة يمكن أن تنتقل إليه من رحم الأم طوال فترة الحمل وتعمل بمثابة جهاز حماية وعلى الرغم من أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى هذه الآلية التي يعمل بها جهاز المناعة للرضع المبتسرين في بداية حياتهم، فإن الأبحاث المقبلة يمكن أن توضح هذه الآلية ومن ثم الاستفادة منها.