بغداد ـ نهال قباني
وثّق مقطع فيديو جديد، لحظة مأساوية ينجو فيها الصحافي عمار الوايلي، من الموت بأعجوبة عندما اخترقت رصاصة قناص من "داعش" كاميرته، من نوع "غو برو"، في غرب الموصل العراقية التي مزقتها الحرب، حيث ارتدّت رصاصة القناص من تلك الكاميرا الصغيرة التي كان يرتديها حول عنقه، ليتحطم جزء من غلافها الخارجي.
وبيّن موقع "الديلي ميل" البريطاني، أنّ الحاجز الموجود في الكاميرا حال دون دخول الرصاصة في جسده، وقال شهود عيان إن الرصاصة لو تم إطلاقها بمسافة أقرب بضع بوصات إلى اليمين لكان من الممكن أن تستقر في قلبه، وتلقى السيد الوايلي علاجا للجروح الطفيفة ولكنه لم يصب بأي حال من الأحوال.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيها القوات العراقية، أنها حررت على ما يقرب من 90% من غرب الموصل من "داعش" وتركت المتطرّفين في المدينة على حافة الهزيمة الكاملة، وبدأت القوات الحكومية عملية واسعة النطاق لاستعادة الموصل من "داعش" قبل نحو 7 أشهر، حيث تقاتل في طريقها معقل المتشددين، وتستعيد الجانب الشرقي للموصل، ثم تهاجم ناحية الغرب.
وأكّد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، العميد يحيى رسول، أن تنظيم "داعش" يسيطر الآن على أقل من 10٪ من غرب الموصل، وأشار كلاً من قائد القوات الخاصة العراقية العليا، الفريق الركن عبد الوهاب السعدي، والمتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" العقيد جون دوريان، إلى أن نهاية المتطرّفين في المدينة قد اقتربت.
وذكر السعدي، أنّه "لديهم خياران لا ثالث لهما، الموت والذهاب إلى الجحيم أو رفع الراية البيضاء"، وقال دوريان، إنّ "العدو محاط تماما، هو على حافة الهزيمة التامة في الموصل"، وقد تم دعم عملية استعادة الموصل من خلال حملة من الغارات الجوية للتحالف في المدينة وحولها، ونوَه دوريان إلى إن غارات التحالف دمّرت أكثر من 300 مركبة مزورة بالمتفجرات في الموصل، فضلا عن تدمير أكثر من 200 نفق تابع إلى "داعش" وأكثر من ألف مواقع تابع إلى المقاتلين المتشددين.
ويسيطر "داعش" الآن على حفنة من الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة، واحدة من أماكن ذات التراث في البلاد، وتصعّب شوارع المنطقة الضيقة والمباني المتقاربة، على القوات الفدرالية إمكانية السيطرة على المتشددين، مما يتطلب منهم القتال على الأقدام بدلا من المركبات كما فعلوا سابقًا، وأجبر نصف مليون شخص على النزوح بسبب معركة الموصل، فيما يحاصر نحو 250 ألف مدني غرب المدينة.
وأفاد المجلس النرويجي للاجئين أنّ أكبر عدد من النازحين منذ بدء العملية آخذ في الزيادة، وشهد يوم الخميس هروب حوالي 20 ألف شخص من غرب الموصل، ويعقّد وجود السكان المدنيين، الذين اختاروا عدم المغادرة أو منعهم "داعش" من القيام بذلك، الوصول إلى آخر المعارك ومن ثم تحقيق النصر في الموصل، وبينما ساعدت الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف على تقدم القوات العراقية، فقد أفيد أيضا عن وقوع مئات من الضحايا المدنيين في المدينة.
وأصبحت الدروع البشرية سمة أساسية في دفاعات المتطرّفين الذين يفوق عددهم بنحو كبير، ولم يتوقف تنظيم "داعش" عن ردع الأشخاص عن الفرار من المدينة، بما في ذلك قتل الأشخاص الذين يسعون إلى الفرار، وحذّر السكان المحاصرون داخل المناطق التي يسيطر عليها "داعش" من أن الجوع بدأ يقتل عددا أكبر من الناس أكثر من ذلك الذي يسببه القتال.
وعادت الحياة إلى شكل من أشكالها الطبيعية، في شرق الموصل، واجتاح "داعش" مناطق واسعة شمال وغرب بغداد في عام 2014، ولكن القوات العراقية بدعم من الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة استولت منذ ذلك الحين على الكثير من الأراضي التي فقدوها لصالح المتطرّفين، ولكن في حين أن معركة الموصل تقترب من نهايتها ، فإن استعادة المدينة لن تكون نهاية الحرب ضد داعش في العراق، حيث أن فقدان الموصل سيزيل من أيدي المتشددين أكبر مركز سكاني عراقي لا يزال تحت سيطرة التنظيم، وسيكون ضربة قوية لما أكدوه في السابق بأنهم أقاموا دولة إسلامية عبر الحدود، لكن "داعش" يسيطر أيضا على أراض أخرى في محافظة نينوى، ومركزها الموصل ، وكذلك في كركوك والأنبار، بجانب مدينة الرقة السورية أيضًا.