دبي صوت الامارات
أكد مسؤولون وخبراء إعلاميون أنّ صناعة الإعلام العالمي والإقليمي تقف على أعتاب ثورة إعلامية جديدة تتشكل حاليًا من شأنها أن تحدث نقلة نوعية في المشهد الإعلامي مستقبلًا خاصة على صعيد المحتوى والاستثمار في مستقبل الإعلام.
وشدد هؤلاء على ضرورة أن تقوم المؤسسات الإعلامية بتوفير محتوى عالي الجودة يواكب توقعات القارئ والمشاهد، وذلك في ظل المنافسة المتزايدة من وسائل التواصل الاجتماعي وما بات يُعرف بـ"إعلام المواطن"، فضلًا عن إيجاد حلول ابتكارية وإبداعية لمواجهة تحديّات الإيرادات.
جاء ذلك خلال جلسة "ثورة وسائل الإعلام المقبلة" ضمن اجتماعات مجالس المستقبل، والتي شارك فيها كل من نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الإعلامية- أبوظبي، ومنى غانم المري مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة دبي، وكلير واردل أستاذة الإعلام زميلة جائزة ثورون، جامعة بنسلفينيا، وأرون شيرينان رئيس الاتصالات والتسويق في مؤسسة الأمم المتحدة.
وناقشت الجلسة مستقبل الإعلام على مستوى المنطقة والعالم في ظل ما يشهده من تحديّات وما تتيحه تكنولوجيا المستقبل من آفاق، تؤكد أن الإعلام سيشهد ثورة وتغييرات في آليات التعامل مع الأخبار وطريقة نشرها.
وأكدت نورة بنت محمد الكعبي أن الإعلام في المنطقة والعالم يشهد تغييرًا كبيرًا في الشكل وكيفية استخدام الأفراد له، وأشارت إلى أن سلوكيات الأفراد وطريقة تعاملهم مع الأخبار اختلف.
وأشارت إلى وجود تغيير جذري في المحتوى الإعلامي والمنصات الإعلامية، لافتة إلى أن طريقة استهلاكنا للمادة الإعلامية حاليًا تغيرت بشكل لافت عما كانت عليه قبل 10 سنوات، فاليوم نعيش في عالم أكثر ترابطًا وسرعة في معرفة آخر المستجدات من زوايا مختلفة وطرق جديدة لتحليل الأخبار، من خلال تطبيقات تتيح للقارئ خيارات قراءة ما يحتاجه من عنوانين أو تفاصيل أو محتوى أكثر عمقًا، الأمر الذي أحدث تغييرًا في جهة المحتوى وجهة قراءته ونشره، مشددة على ضرورة أن يغيّر واضعو المحتوى تفكيرهم لمعرفة آليات ومقاييس نشر المحتوى.
وأوضحت وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي أنه على الرغم من التطور المتسارع في صناعة الإعلام الرقمي، إلا أن الصحافة التقليدية ليست تلك المهنة التي ستختفي عما قريب، بل ستحافظ على أهميتها كلما حافظت على مصداقيتها كمرجعية للأخبار الصحيحة والمعالجة غير التقليدية للمواضيع والقضايا، الأمر الذي من شأنه أن يمكنها من الصمود أمام موجات مؤثري الرأي على شبكات التواصل الاجتماعي وتعدد المصادر فيما يتعلق بالأخبار الجادة، مشددة على ضرورة أن تعيد الجهات الإعلامية النظر في طرق الوصول إلى الجمهور والاعتماد على التجديد والابتكار والتميز عن الآخرين خاصة أن وسائل الإعلام الآن متشابهة في ما تقدمه للجمهور.
وفيما يتعلق باستثمار المؤسسات التقليدية في المستقبل، بيّنت أن استدامة الإعلام ووسائل تحقيق ذلك تشكل التحدي الأبرز الذي يواجه صناعة الإعلام على مستوى المنطقة، الأمر الذي يتطلب الاستثمار في تدريب الكوادر العاملة في وسائل الإعلام، والنظر بشكل أوسع للتدريب الذي يتلقاه الصحفي وأن يتم قياس عمل المؤسسات بجودة المحتوى الذي تقدمه، إلى جانب ضرورة التوجه للشباب من خلال المحتوى الذي تنتجه والتوجه بشكل مباشر لهذا الجمهور، ولعل أبرز مثال على أهمية الشباب حرص حكومة المستقبل في دولة الإمارات على الارتقاء بقطاع الشباب، عبر تعيين وزيرة دولة لشؤون للشباب لتواكب متطلباتهم واحتياجاتهم.
وقالت إنه ينبغي على المؤسسات الإعلامية أن يكون لديها معادلات ذكية للتحول من الإعلام التقليدي إلى الإعلامي الرقمي، وذلك ليس فقط من خلال معرفة عدد القراء بل من خلال تحليل اتجاهات وأنماط القراء وقياس الطريقة التي يقرؤون بها.
وأشارت منى غانم المرّي، إلى أن صناعة الإعلام في المنطقة والعالم بصدد ثورة جديدة، وذلك لتدفق الأخبار على مدار الساعة، حيث يحصل الأفراد على الأخبار من خلال نقرة واحدة على هواتفهم الذكية، ما أحدث تغييرًا جذريًا في المشهد الإعلامي، لذا ستشهد المؤسسات الإعلامية تغييرًا كبيرًا خلال السنوات المقبلة، ولابد لها من أن تواكب توجهات الجمهور والتغير في هذا القطاع خاصة أن الجمهور يبحث دائمًا عن مصدر موثوق للمعلومات.
وتابعت إلى أن مشهد الإعلام سيشهد تغيرًا جذريًا الفترة المقبلة، مشيرة إلى الثورة في صناعة الإعلام العالمية بدأت منذ فترة طويلة ووصلت المنطقة مؤخرا، لذلك ينبغي على المؤسسات أن تغير نظرتها لمواكبة هذا التغير، من خلال التركيز على الموثوقية والمصداقية، وهي العوامل التي يثار حولها الجدل عند الحديث عن الأخبار المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الأخرى التي وإن كانت تسهل الحصول على المحتوى، إلا أنها تفتقد إلى حد بعيد إلى الدقة والمصداقية والمسئولية وهي الأمور التي يجب ان نركز عليها في المستقبل.
وسلّطت المري الضوء على إعلام الجمهور أوالمواطنين، موضحة أن كل شخص اليوم أصبح صحفيا ولديه القدرة على الولوج إلى كافة المعلومات ومشاركتها مع الآخرين، معتبرة هذا الأمر إيجابيا إذا ما تم تأسيس منصات إعلام اجتماعي تخدم صناعة المحتوى وتخلق أجواء من التعايش بين وسائل الإعلام الرسمية وهذه المنصات، مع مراعاة المصداقية في نقل المعلومة.
وعن أهمية الابتكار في صناعة المحتوى، قالت المري إن وحدة التكنولوجيا والإعلام دائمًا ما تنتج الابتكار في المحتوى الأمر الذي حرصت دبي على الاستفادة منه عندما قامت بتأسيس مدينة دبي للإعلام التي جمعت بين الإعلام والتكنولوجيا، لذا من الضروري أن تتجه المؤسسات الإعلامية إلى التركيز على تسخير التكنولوجيا لخدمة أهدافها.
ولفتت كلير واردل إلى أهمية مواكبة التحولات المتسارعة في صناعة الإعلام من خلال التركيز على القياس واتجاهات القراء، لافتة إلى أنه في السابق انصب تركيز المؤسسات الإعلامية على معرفة عدد الصحف المباعة دون التركيز على معرفة ما هي المواضيع المقروءة ونوعية القارئ، مشيرة إلى أن الإعلام الرقمي والوسائل الجديدة أتاحت اليوم إمكانية التعرف على ما يقوم الأشخاص بقراءته الأمر الذي يسهل على المؤسسات ابتكار محتوى يواكب هذه الأنماط.
وأخبرت أن الثورة الحالية في الإعلام تهدد مركزية المعلومات التي تتمتع بها المؤسسات الإعلامية التقليدية، حيث شهدت أنماط متابعة الأخبار تغيرًا كبيرًا وأصبح هناك العديد من مصادر الأخبار ولكنها غير موثوقة.
وأكدت أن المؤسسات الإعلامية بحاجة إلى ابتكار نماذج جديدة للتوزيع والاشتراكات لديها لتستطيع تجاوز أزمة هبوط الإيرادات.
وشدد أرون شيرينان على ضرورة الاستثمار في الصحفي إذا تطرقنا للحديث عن مستقبل الإعلام، موضحًا أن الصحفي يجب أن يمتلك القدرة على طرح الأسئلة التي تهم القارئ وتقدم له محتوى مختلفًا، الأمر الذي يحقق استدامة في الإعلام. وقال أرون شيرينان "هناك تعطش كبير من الجمهور للأخبار المدعمة بالأدلة، والتي تتناول موضوعات معينة مثل الطاقة والفقر، لذا من المهم تأهيل الصحفيين لمواكبة هذه المتطلبات".