الدكتورة عائشة مصبح المعمري

تُعد طبيبة الطوارئ في مستشفى المفرق، الدكتورة عائشة مصبح المعمري، أول طبيبة إماراتية متخصصة في مجال طب الطوارئ، وفازت بإحدى أكبر وأهم جوائز الدولة، وهي جائزة أبوظبي 2016، وتم تكريمها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذي اعتبرته دافعًا لمضاعفة جهودها التطوعية لخدمة الدولة، قائلة "لم أسعَ لتحقيق أي مجد شخصي من ترشحي لجائزة أبوظبي، ولكن كان هدفي الترويج لفكرة كلية الطب المصغرة التي تهدف إلى التثقيف الطبي للمجتمع بمختلف أطيافه".

وتحدثت المعمري، البالغة من العمر 37 سنة، عن بدايات فكرة "كلية الطب المصغرة"، قائلة :"في عام 2012 سعيت مع صديقتي الدكتورة موزة الحساني، لتأسيس برنامج للتثقيف الصحي يحمل اسم كلية الطب المصغرة، وهو برنامج يطبق بنجاح مذهل في كندا والولايات المتحدة الأميركية، لتثقيف المجتمع بكل أطيافه بالشؤون الصحية وإمدادهم بمهارات للتعامل مع حالات الطوارئ الطبية التي يمكن أن يتعرض لها أي شخص، وتحتاج لسرعة التدخل لإنقاذه، لكن واجهتنا بعض العقبات، أبرزها التمويل".

وأوضحت "في عام 2014 تمكنّا بالفعل من التغلب على هذه العقبات، بعد أن لجأنا إلى جهات، مثل جامعتي خليفة وأبوظبي، اللتين فتحتا أبوابهما لنا لنبدأ تطبيق البرنامج فعليًا، ومع بداية الإعداد والترويج لتنظيم المحاضرات وورش العمل الجماهيرية ضمن هذا البرنامج، فوجئنا بإقبال هائل من قبل المواطنين والمقيمين بمختلف الأعمار، ما شجعنا على التوسع والتطوير لهذه الفكرة".

وأضافت أن البرنامج يسعى لتحقيق خمسة أهداف، أولها نشر الوعي الصحي المتقدم بين المواطنين والوافدين في الدولة، والثاني إنشاء برنامج شامل ومتكامل بمستويات تعليمية وتثقيفية متدرجة، والثالث تدريب مثقفين صحيين وإعدادهم وتأهيلهم كمحاضرين متخصصين في التوعية الصحية وإرشاد المرضى في المستشفيات والمراكز الطبية، والرابع تعريف المتدربين بتاريخ الطب في الإسلام والإمارات، والخامس الترويج لمهنة الطب بين الشباب والفتيات المواطنين، لأهميتها البالغة في المجتمع.

وعن برنامج كلية الطب المصغرة، أشارت المعمري إلى أنه يتضمن خمسة مستويات تغطي أغلب فروع الطب، الأول للطب العام، والثاني لطب الأسرة والطوارئ، والثالث لطب الأطفال والعناية المركزة، بينما الرابع للصحة والكوارث والتنمية البشرية، فيما يتخصص المستوى الخامس في صحة المرأة وجراحة التجميل، لافتة إلى أن مسؤولي البرنامج يدرسون حاليًا إضافة مستوى سادس يتوسع في مجال التنمية البشرية من الجانب الصحي. وقالت "بدأ تنفيذ البرنامج في أبوظبي منذ ثلاث سنوات، والآن نحن في المستوى الرابع، بينما بدأنا تطبيقه في دبي منذ عامين، ويتم التدريس باللغة العربية، لكننا طلبنا من الأطباء المحاضرين ضرورة نقل المصطلحات الطبية باللغة الإنجليزية، كما درسناها نحن تمامًا".

وعن شروط التقدم للحصول على هذا البرنامج، قالت: "لا توجد أي متطلبات أو رسوم، لكن يجب ألاّ يقل عمر المتقدم عن 15 عامًا، ونحن ندرس حاليًا بالتعاون مع مجلس أبوظبي التقني، إمكانية وآليات اعتماد شهادة الحصول على هذا البرنامج، لتكون ذات قيمة مجتمعية بجانب قيمتها التطوعية".

ولم يتوقف العمل التطوعي للدكتورة عائشة المعمري، على المحاضرات المجتمعية والمشاركة في ورش العمل، لكنه بلغ قمته حينما قامت بدور وطني مشرف، إذ أسهمت في إسعاف وعلاج عدد من جنود الإمارات البواسل في اليمن، عقب الهجوم الغادر الذي استهدفهم في الرابع من سبتمبر الماضي. وعن هذه المشاركة قالت المعمري: "في يوم الرابع من سبتمبر الماضي تلقيت اتصالًا هاتفيًا من مدير المستشفى يطلب طبيب طوارئ للسفر فورًا إلى اليمن دون تحديد تفاصيل أو مدة، فطلبت منه خمس دقائق للرد، لأنني شعرت بمفاجأة مصحوبة برهبة، لكن سرعان ما عاودت الاتصال به لأخبره بأني سأذهب".

وتابعت "توجهت سريعًا إلى المنزل وأخبرت أسرتي ونقلت لهم رغبتي الشديدة في السفر لأنه واجب إنساني ووطني لا فرق فيه بين رجل وامرأة، بعدها تلقيت اتصالًا آخر من مدير المستشفى يخطرني فيه بأنهم يريدون طبيب عناية مركزة بدلًا من الطوارئ، فأخبرته بأنني متخصصة أيضًا في هذا المجال، وأصررت على الذهاب".

وأضافت "في اليمن فوجئت بتجهيزات مذهلة من قبل القوات المسلحة الإماراتية، جعلتنا نعمل بسهولة ويسر واطمئنان، ونجحت مع زملائي في التعامل مع أكثر من 90% من الحالات، واستطعنا السيطرة على أوضاع المصابين بما يمكنّنا من نقلهم إلى الدولة بالطائرة التي تحولت إلى مستشفى، في رحلة لم تستغرق أكثر من 12 ساعة ذهابًا وإيابًا وعملًا".