المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

أكدت قرينة حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن قضية اللاجئين السوريين هي أحد أكثر حالات اللجوء مأساوية في التاريخ، وأن تبعاتها وتأثيراتها السلبية ستتفاقم عليهم وعلى المجتمع العربي إذا لم يتم تضافر الجهود الدولية والعربية لدعمهم ومناصرتهم .

نوهت الشيخة جواهر القاسمي إلى أن قضية اللاجئين لن تحل باستذكار معاناتهم الإنسانية واستعراضها فقط، بل نحن بحاجة إلى تطوير الآليات العربية والدولية لحماية اللاجئين بشكل عام، وحماية مستقبل الأطفال اللاجئين تحديدا في ظل استمرار النزاعات والحروب في بلدانهم وطول أمد اللجوء .

وأشارت إلى أن استمرار الحرب والنزاعات في سوريا أدى إلى لجوء نحو أربعة ملايين سوري خلال السنوات الأربع الماضية، منهم ثلاثة ملايين وتسعمائة ألف مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومئات الآلاف غير مسجلين، وأن هذه الأرقام الكبيرة أدت إلى تشكيل ضغط هائل على موارد دول الجوار السوري التي تحملت أكبر نسبة استقبال للاجئين، وتحاول حتى اليوم توفير متطلباتهم من مأوى ومسكن وماء وكهرباء، ولكن ما زال هنالك الكثير لتأمين حياة كريمة لأولئك اللاجئين، وهذا يتطلب دعم عربي ودولي، والعمل ضمن إطار موحد لحماية مستقبل اللاجئين .

جاء ذلك خلال زيارة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إلى مدرسة "6 اكتوبر" الشاملة في مدينة 6 اكتوبر المصرية، والتي تضم مجموعة كبيرة من الطلاب اللاجئين السوريين، ومركز تضامن المجلس المصري متعدد الثقافات للاجئين في جمهورية مصر العربية، ومكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في القاهرة، وذلك ضمن جهودها وسعيها المستمر من أجل مناصرة الأطفال اللاجئين، خصوصا فيما يتعلق بقضايا المأوى والصحة والتعليم، وتضمنت الزيارة البحث في أوضاع اللاجئين في جمهورية مصر العربية ودول المنطقة .

وكان في استقبالها لدى وصولها مبنى المدرسة،  نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون اللاجئين والهجرة،السفير طارق معاطي، ومديرة مديرية التربية والتعليم في محافظة الجيزة الدكتورة بثينة كشك، ، ومسؤولة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة في القاهرة إليزابيث تان، ، ووكيل أول وزارة التربية والتعليم في الديوان العام في القاهرة الدكتور يوسف سليمان ، ومسؤول التعليم في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة في القاهرة محمد شوقي  وعدد من المسؤولين في المفوضية ووزارة التربية والتعليم والطاقم التدريسي بالمدرسة .

وتفقدت الشيخة جواهر القاسمي خلال الزيارة الفصول الدراسية في المدرسة التي تضم أكثر من 320 طالبا لاجئا سوريا وعربياً، إضافة إلى نحو 1000 طالب مصري، والتقت خلال الزيارة بمجموعة من الطلاب السوريين اللاجئين في المدرسة وتحدثت اليهم وحثتهم على مواصلة تعليمهم والاجتهاد من أجل مستقبلهم ومستقبل أوطانهم ووطنهم العربي الكبير، واستمعت  إلى شرح من إدارة المدرسة عن ما يقدمونه من خدمات تعليمية للطلبة اللاجئين السوريين، وما تحتاجه المدرسة لتطوير جودة الخدمات والتعليم هنالك، خصوصا مع التزايد الكبير والمتواصل لأعداد اللاجئين السوريين في القاهرة وتحديدا في مدينة 6 اكتوبر .

كما استعرضت إليزابيث تان خلال الزيارة ما تقوم به المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر من مجهودات كبيرة لتوفير التعليم الجيد لكافة اللاجئين بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم في مصر ومع الجهات الخارجية المانحة وفي مقدمتها مؤسسة القلب الكبير، مشيدة بدور الشيخة جواهر القاسمي في مناصرة اللاجئين حول العالم ودعمهم لتوفير حياة كريمة ومستقبل واعد .

وفي تعليق لها صرحت اليزابيث تان "نحن ممتنون للدعم الهام المقدم من قبل الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، قرينة حاكم الشارقة المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد ساهمت المنحة التي قدمتها لمدرسة الشاملة في 6 أكتوبر من خفض الاكتظاظ في الفصول الدراسية مما أسهم في توفير بيئة تعليمية أفضل للطلاب المصريين والسوريين في المدرسة .

وأوضحت الشيخة جواهر أن زيارتها لمصر هي جزء من سعيها لمتابعة مختلف تفاصيل قضايا وشؤون الأطفال اللاجئين، وحشد الدعم من أجل المساهمة في بلورة آليات عامة، يتم العمل من خلالها وعلى ضوئها، لأجل تلبية احتياجات اللاجئين، وتأمين حقوقهم الأساسية والطبيعية .

وشددت الشيخة جواهر القاسمي على أن قضية اللاجئين وفي ظل تزايد الأعداد بشكل متواصل واستمرار الأزمات في عدد من الدول العربية غدت متعلقة بمستقبل الوطن العربي وتطوره ونمائه، حيث يُعد الوطن العربي أكبر مناطق العالم من حيث أعداد اللاجئين والنازحين، سواءً على صعيد استقبال أو تصدير اللاجئين، فحسب التقارير والإحصائيات الدولية فإن الوطن العربي من بين أول خمس دول مستقبلة للاجئين في العالم خلال عام ،2014 وأن المنطقة العربية التي تضم أقل من 5% من مجموع سكان العالم، يتجاوز نصيبها 53% من مجموع اللاجئين بين جميع مناطق العالم، وإن من أهم الدول العربية التي تستقبل اللاجئين في الوقت الحالي هي الأردن، ولبنان، ومصر، ويجب على المجتمع العربي والدولي أن يقف إلى جانب دول الاستقبال في تحمل مسؤولية حماية اللاجئين وتوفير متطلبات العيش الكريم من مأوى وغذاء وصحة وتعليم، إلى جانب توفير فرص العمل لمواصلة حياتهم إلى حين انتهاء الأزمة في بلدانهم والعودة إليها .

ودعت المجتمع العربي من حكومات وصناع قرار ومنظمات غير حكومية والمجتمع المدني إلى المبادرة في الوقوف إلى جانب أشقائهم من اللاجئين السوريين من خلال تقديم الدعم الكافي وتوظيفه لتأمين احتياجاتهم والاستثمار في مستقبلهم ومستقبل المنطقة، مشددة على ضرورة العمل ضمن إطار عربي دولي موحد لتحقيق أكبر فائدة من الدعم المقدم، وتفادي تشتيت المساعدات والخدمات وتكرارها في بعض المناطق، مؤكدة أن اللاجئين في الوطن العربي قضية العرب أجمع ومستقبلهم مستقبلنا جميعاً .

ولفتت إلى أن نتيجة الأوضاع الراهنة التي تشهدها مجموهة من الدول العربية فقد أمضى الكثير من الأطفال أهم سنوات طفولتهم كلاجئين، ومنهم من ولد في دول اللجوء وأصبح الآن في سن الرابعة أو الخامسة بعيدا عن بيته وموطنه، ومع ذلك فما زال لديهم العزيمة للتعامل مع أوضاعهم الحالية إذا ما تحمل المجتمع العربي والدولي والمنظمات المعنية والمجتمع المدني مسؤوليته الإنسانية تجاههم .

وأكدت المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن التعليم يبقى محور الاحتياجات التي يجدر بالعالم أجمع أن يجعله هدفاً لانتزاع اللاجئين الأطفال من مخاطر الأمية ومضارها، خصوصا أمية العلم، وأمية القيم، فالتعليم يمد الإنسان بالاتزان الفكري والنفسي، وبالثراء المعرفي والعلمي، وبين الاتزان والثراء نبني إنساناً للمستقبل، ننقذه من مستنقع آثار الحروب التي قد تحيل هؤلاء الأطفال إلى أفراد غاضبين حاقدين، راغبين في الانتقام من كل شيء، لا إلى أفراد مشاركين في تعزيز وجود السلام والمحبة في العالم، مشيرة إلى أنه من خلال التربية والتعليم سيكون تحقيق الاحتياجات الأخرى ممكناً، مع الشعور بالأمان والتصالح مع النفس والواقع .

وأضافت "هنالك أكثر من 006 ألف طفل لاجئ سوري لا يذهبون إلى المدارس، ولا يمكن أن تنجح أية جهود إذا لم تضع نصب أعينها التعليم وضرورة تأمينه لكافة الأطفال اللاجئين، فالتعليم بالنسبة للطفل هو المستقبل الذي يتكئ عليه ويعبر من خلاله إلى عالم أفضل وأجمل وأنقى، ويبتعد من خلاله أيضاً عن تعقيدات وصعوبات وآلام ومآسي الواقع المر الذي أنتجته حالة اللجوء القسرية والاضطرارية" .

وأشادت الشيخة جواهر القاسمي بدور وجهود ودعم جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية لبنان، وما يقدمونه من دعم للاجئين، وفي التعامل مع قضاياهم عموما، والأطفال اللاجئين خصوصا منوهة إلى أن هذه الدول العربية تتحمل حاليا العبء الأكبر من مسؤولية اللاجئين وتقدم ما هو فوق طاقتها لمناصرتهم وحمايتهم وتأمين احتياجاتهم .

ولفتت إلى المفوضية السامية تسعى إلى تطبيق مبادئ الشارقة التي خرج بها مؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي استضافته إمارة الشارقة في أكتوبر العام الماضي، والتي تنص على أن يتمتع الأطفال واليافعون اللاجئون جميعهم بالحماية الدولية، وأخذ المصالح الفضلى للأطفال واليافعين اللاجئين جميعهم في الاعتبار كأولوية في سائر المسائل التي تؤثر في رفاههم ومستقبلهم، وتسجيل كافة الأطفال اللاجئين ومنحهم وثائق ثبوتية عند ولادتهم في بلدان اللجوء، وأن يتمتع الأطفال والمراهقون اللاجئون بحقهم في وحدة الأسرة وحمايتهم من انفصال العائلة، وحصولهم على التعليم النوعي في بيئة آمنة تدعم احتياجاتهم الخاصة بتطورهم، وحمايتهم من كافة أنواع العنف والإيذاء والاستغلال بما في ذلك عمالة الأطفال، وضمان وصولهم إلى النظم والخدمات الوطنية التي يتم تأمينها بطريقة تضمن حمايتهم، بما في ذلك الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي، وقامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتعميم المبادئ على دول العالم للعمل بها وتطبيقها تحت اشراف المفوضية .

يشار إلى أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد اختارت في شهر أيار / مايو،2013 الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في هذا المنصب الدولي، تقديرا لجهودها في رفع الوعي العام حول اللاجئين وعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتركيزها على الأطفال بصفة خاصة، وشكّل اعترافا دوليا بالالتزام الذي تبذله في التخفيف من معاناة الأسر والأطفال المتضررين من الحروب والنزاعات، واهتمامها بإطلاق المبادرات الهادفة إلى رفع مستوى الوعي حول قضايا اللاجئين وحشد الموارد لدعم المساعدة الإنسانية للاجئين والمشردين داخليا .