دبي ـ سعيدالمهيري
كشف "مركز محمد بن راشد للفضاء» عن قرب نقل القمر الاصطناعي "خليفة سات» من كوريا الجنوبية إلى اليابان؛ استعداداً لإطلاقه من المحطة الأرضية في مركز تانيغاشيما الفضائي على متن الصاروخ،(H-IIA) يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في تمام الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت الإمارات، الواحدة ظهراً بتوقيت اليابان؛ ليبدأ العمل في مداره لمدة خمس سنوات، وسوف تتم عملية الإطلاق بالشراكة مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة، ومنظمة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا)، لينضم بذلك إلى الأقمار الاصطناعية الأخرى التابعة ل"مركز محمد بن راشد للفضاء»؛ ومنها: "دبي سات-1» و"دبي سات-".
قال المهندس عامر الصايغ، مدير إدارة تطوير أنظمة الفضاء ومدير مشروع "خليفة سات» خلال جلسة حوارية عقدت في مقر المركز بدبي، أول أمس الاثنين، إن "خليفة سات» يعد اختباراً حقيقياً للعنصر البشري بالدولة؛ كوننا تمكنا من تصميم وتصنيع أول قمر اصطناعي بأيد وطنية، وعلى أرض الإمارات، الأمر الذي يؤكد أن ثقة القيادة الرشيدة بطاقات وعقول شباب وشابات الدولة في مكانها، فضلاً عن أن ذلك يضع الإمارات بين الدول المتقدمة، والقادرة على تصنيع أقمار اصطناعية أسوة بالدول الأخرى.
وحول نقل القمر الاصطناعي إلى اليابان، أوضح أنه من الناحية التقنية، يتم نقله قبل موعد الإطلاق بفترة تتراوح من 5-40 يوماً، عقب وضعه في حاوية خاصة على متن طائرة متخصصة بقل الأقمار الاصطناعية؛ حيث سيرافقه 10 مهندسين؛ لإجراء الاختبارات النهائية، والتأكد من سلامة الإطلاق، والذي سيتم نقله على الهواء مباشرة عبر منصات "مركز محمد بن راشد للفضاء الإلكترونية»؛ ومنها: "يوتيوب» و"تويتر»؛ الأمر الذي يمنح مواطني وسكان الدولة فرصة متابعة إطلاقه مباشرة.
وأشار إلى أن فترة الإطلاق تستغرق عادة من 15-20 دقيقة، الأمر الذي يعني أن عمل 12 عاماً على تصميم وتصنيع "خليفة سات» يُختصر في هذا الوقت الحاسم، يعقبه الانتظار لساعتين إلى حين وصوله للمدار الفضائي، لافتاً إلى أن المركز وثق جميع المخططات الهندسية والتصاميم العلمية، التي ستمكن فريق العمل من القيام بتصنيع قمر آخر، في حالة فشل الإطلاق "لا سمح الله»، إلا أن القرار بذلك يعود للإدارة العليا، وتوجيهات القيادة الرشيدة.
وفي رده على سؤال ل "الخليج»، حول خطط مستقبلية لتصنيع أقمار اصطناعية جديدة بالدولة، أكد الصايغ أنه سيكون هناك مشاريع جديدة متميزة، سيعلن عنها بالقريب العاجل، وهي على مستوى تطلعات المركز، لافتاً إلى أن فريق العمل من المهندسين والفنيين والمتخصصين، الذين عملوا ضمن مشروع "خليفة سات» سيواصلون العمل على مشروع "مسبار الأمل».
وذكر أن أكثر من 70 مهندساً إماراتياً، غالبيتهم من المهندسين الجدد، عملوا بفاعلية في مشروع "خليفة سات»؛ حيث إنه يتميز عن باقي الأقمار الاصطناعية الأخرى بعدة مزايا؛ أهمها: الوزن والقدرات التي تجعله أفضل من غيره، كما أن هناك خمس وثائق علمية مسجلة "براءة اختراع»، تم تطويرها بالمركز، إحداها الكاميرا، التي ستوفر صوراً بدقة 70 سنتيميتراً، ونظام تحديد المواقع، كذلك تم تطوير عملية التواصل مع المحطة الأرضية فيما يتعلق بسرعة تنزيل الصور، فضلاً عن تطوير قدرات حركة القمر بالفضاء، الأمر الذي يسهل ويسرع من وصول الصور للمستخدمين.
أوضح الصايغ أن وزن القمر الاصطناعي "خليفة سات» يبلغ 330 كيلو جراماً، مقارنة مع 310 كيلو جرامات في "دبي سات "؛ حيث يصل طوله لمترين، كما أنه سيكون على ارتفاع 613 كلم عن سطح الأرض، لافتاً إلى أن العمر الافتراضي للقمر الاصطناعي بحسب الأعراف الدولية يصل إلى خمس سنوات، إلا أنه بعد انقضاء تلك المدة، من المتوقع أن يواصل القمر عمله.
وقال: إن "خليفة سات» يعد أيقونة هندسية فائقة التطور، وهو مخصص لأغراض رصد الأرض، وقد بدأت مراحل إنجازه؛ عقب إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن إطلاق مشروع "خليفة سات» في ديسمبر/كانون الأول 2013، وقد تم تصميمه وتطويره وتصنيعه وإدارته بالكامل في مرافق "مركز محمد بن راشد للفضاء»، بواسطة فريق من المهندسين والكفاءات الإماراتية العاملة بالمركز، كما يعد أول قمر اصطناعي يتم تطويره داخل الغرف النظيفة في مختبرات تقنيات الفضاء التابعة للمركز بدبي.
وأكد أن "خليفة سات» يعد إضافة نوعية في مجال تصنيع الأقمار الاصطناعية المتخصصة في رصد الأرض، وتوفير المعلومات والبيانات، التي تهدف إلى خدمة البشرية، ويمتاز بسرعته الفائقة؛ لتوصيل المعلومات إلى المحطة الأرضية، ما يسرّع عملية الاستجابة في حالات الطوارئ، كما سيقدّم "خليفة سات» خدمات قيّمة إلى الجهات الحكومية في الدولة والجامعات؛ تتمثّل بتوفير صور عالية الجودة، ودراسات بيئية على التربة وجودة المياه، والتحقق من تسرّب النفط، ومراقبة تلوّث الأراضي وغيرها من الجوانب البيئية، كذلك سيلعب دوراً كبيراً في الحد من أضرار الكوارث البيئية في العالم؛ عن طريق تقديمه لتقارير تحليلية لمساحة الأماكن المتأثرة بالكارثة، وصور حيّة للأماكن الآمنة.
وأشار إلى أنه بمجرد دخول "خليفة سات» إلى مداره المنخفض حول الأرض (على ارتفاع 613 كم تقريباً)، سيبدأ القمر الاصطناعي عمله في التقاط صور فضائية للأرض، وإرسالها إلى محطة التحكم الأرضية داخل "مركز محمد بن راشد للفضاء»؛ ليلبي احتياجات المؤسسات الحكومية والتجارية حول العالم، كما يتضمن نظاماً متطوراً لتحديد المواقع، يوفر عدداً كبيراً من الصور ثلاثية الأبعاد في المرة الواحدة بدقة عالية، وبسرعة استجابة فائقة، وسيتم استخدام هذه الصور في جهود رصد التغيرات البيئية، وتأثيرات الاحترار العالمي، وإدارة التخطيط العمراني بشكل فاعل، فضلاً عن مساعدة جهود الإغاثة أثناء الكوارث الطبيعية.
وأكد المهندس عامر الصايغ، أن هناك تفاعلاً مع مشاريع الفضاء، من قبل القطاع الأكاديمي بالدولة؛ حيث إن الكثير من الجامعات بدأت تنظر بأهمية كبرى إلى ضرورة توفير تخصصات تقنيات الفضاء؛ الأمر الذي يعد حافزاً لالتحاق الطلبة بهذه التخصصات، والعمل فيما بعد ضمن المشاريع الفضائية.
وقال: إن "خليفة سات» أثبت قدرة المرأة الإماراتية في المشاركة بفاعلية ضمن برامج تقنية وعلمية متخصصة بتطوير القمر الاصطناعي، في ظل ما وصلت إليه الدولة من مكانة مرموقة في مجال تصنيع الأقمار الاصطناعية؛ حيث وضعت بصمة كبيرة على خريطة العالم؛ تؤكد قدرتها على تطوير صناعة الفضاء.
جمال الجسمي: الإنجاز ثمرة رؤية القيادة
قال جمال الجسمي، مدير عام معهد الإمارات للدراسات المصرفية والمالية، إن الإعلان بمناسبة التحاق رائدي الفضاء الإماراتيين (سلطان النيادي وهزاع المنصوري) بمحطة الفضاء الدولية، ما هو إلا ثمرة رؤية القيادة الرشيدة التي أدركت أن الإنسان هو أساس التنمية، والتعليم والثقافة هما أساس تقدم الدول، ورفعتها، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز يؤسس لدخول دولة الإمارات العربية المتحدة السباق العالمي لارتياد واكتشاف الفضاء، في ظل رؤية قيادة الدولة الرشيدة في القطاع العلمي، والبحث العلمي.
محمد عبد الله: المستقبل مشرق أمام أجيالنا
قال محمد عبد الله، مدير عام مدينة دبي الأكاديمية العالمية ومجمع دبي للمعرفة: تمتلك الإمارات شباباً كرسوا أنفسهم لبلدهم، وأمضوا السنين في تحصيل العلوم والخبرات، ولدينا اليوم قاعدة علمية بشرية تؤهلنا لخوض غمار أعقد مجالات العلوم والتميز فيها، ومع دعم القيادة الرشيدة، فإن المستقبل مشرق أمام أجيالنا القادمة التي تثبت نفسها يوما بعد يوم في امتحان الحياة، وتسجل فيه تفوقا يجعلها قادرة على صوغ أيامٍ أفضل، ونحن اليوم نعيش على عتبة تحول كبير، بدخولنا عصر الفضاء، وسيكون إرسال أول رواد فضاء إماراتيين دافعا للأجيال القادمة للسير على هذا الطريق الذي كما العلم لا تحده حدود.