الرباط-سناء بنصالح
أكد أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب في المحكمة الأبلتدائية لسوق أربعاء الغرب تنامي ظاهرة زواج القاصرات في المغرب ,مبرزا في مقابلة مع "صوت الإمارات" أنه من خلال الوقوف على عدد من نماذج مقررات الإذن بزواج قاصرين الصادرة عن أقسام قضاء الأسرة المختلفة يلاحظ أن الأذون الممنوحة في هذا الإطار غالبا ما تكون معللة بالمصلحة الفضلى للفتيات في الزواج والتحصين وحمايتهن، وانقطاع الفتيات عن الدراسة، وعدم امتهانهن لأي عمل، بالإضافة إلى ضعف الحالة المادية للوالدين، وعادات أهل المنطقة التي دأبت على تزويج الفتيات في سن مبكرة خوفا عليهن من العنوسة.
عضو المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية أثار أيضا مقاربتين محتملتين للتعامل مع موضوع زواج الطفلات بحسب مطالب الفعاليات الحقوقية المهتمة بالموضوع، وأكد أن التوجه الأول يدعو إلى حذف المقتضيات القانونية التي ترخص بزواج الطفلات، وهو توجه قد يبدو مستبعد التطبيق لعدة اعتبارات منها ما هو داخلي يتعلق بالواقع المعيشي الذي ما يزال يقبل بمثل هذا النوع من الزواج، ومن ثم يكمن الحل في محاولة تقييد هذه الممارسة، قبل محاولة العمل على منعها، كما أن التشريعات المقارنة حتى في البلدان المتقدمة تسمح بالزواج استثناء لتحقيق مصلحة القاصر أو لمواجهة بعض الحالات الاستثنائية، وتقبل تزويج الطفل أو الطفلة تحت مراقبة القضاء، مستدركا أنها تقيّد ذلك بعدة بنود قانونية كما أنها تتولى توفير الرعاية الاجتماعية للقاصر للحيلولة دون تعسف قد يطوله من وراء هذه الممارسة.
وبخصوص التوجّه الثاني، دعا القاضي سعدون للإبقاء على الفصل 21 من مدوّنة الأسرة وإدخال تعديل تشريعي عليه، إما بوضع حد أدنى لسن تزويج القاصر طفلا كان أو طفلة محدد في 16 أو17 سنة لكلا الجنسين، أو تقييد السلطة التقديرية الممنوحة للقضاء من خلال التنصيص على إلزامية الخبرة الطبية والبحث الاجتماعي.
وتقدم عضو نادي قضاة المغرب بعدة مقترحات لضمان التطبيق الأمثل للمقتضيات القانونية المتعلقة بتزويج القاصرات، ويتعلق الأمر بضرورة توفير الإمكانيات اللازمة لإجراء البحث الاجتماعي المتخصّص، والتنصيص على إلزامية الخبرة الطبية الفعلية وليس مجرد المعاينة، بالإضافة إلى الحرص على التكوين المستمر للقضاة وتشبعهم بمبادئ حقوق الانسان للمرأة والنوع الاجتماعي؛ وتجريم زواج القاصر بشكل غير قانوني؛ واعتبار طلاق القاصر طلاقا تعسفيا موجبا للتعويض، وتدعيم الإصلاح التشريعي بتحفيز جهود التنمية للنهوض بوضعية الأسرة في جميع المجالات.
وفي الإطار ذاته، شدّد القاضي سعدون على وجوب الإبقاء على الطابع الاستثنائي لتزويج الطفلات القاصرات لأن مكان الفتاة في سن الطفولة هو المدرسة وليس بيت الزوجية، ولأن حصيلة إثني عشرة سنة من تطبيق مدونة الأسرة أكدت على هشاشة الأسر التي تنبني على تزويج الطفلات، اللواتي يزج بهن في آخر المطاف في متاهات المحاكم حيث يتهن بين دعاوى النفقة، وطلبات التطليق، وشكايات العنف والطرد من بيت الزوجية.