بيروت _ غنوة دريان
أكد الدكتور جمال حافظ أن العلاقات البشريّة هي العلاقة الطبيعية التي لا بُدَّ وأن تكون بين الناس حتّى تتمّ مصالحهم، وحتّى تتحقّق الأهداف المرجوّة، فلا يستطيع الإنسان أن يصنع شيئاً لوحده من دون مُساعدة من الآخرين من حوله، إضافة إلى أنّ الإنسان بطبعه هو اجتماعيّ بالفطرة، ولا يستطيع العيش بمفرده، ولأجل ذلك فلابُدَّ لهُ من الانخراط بمن هُم حوله ليكون إيجابيّاً وبعيداً عن العُزلة، التي هي أهمّ مصدر من مصادر القلق والاكتئاب، وحينَ يفكّر الواحد منّا بكلّ ما هو سبب للقلق والاكتئاب فهوَ رهينٌ حينها للرُهاب والقلق والسلبيّة، ومن التجارب التي خاضها الناس تبيّن بأنَّ 90 في المائة من الأشياء التي نقلق بشأنها لا تحدث.
ومن الأعراض التي تعتري العلاقات الاجتماعيّة وتقف في وجه صاحبها من التواصل مع الآخرين بسهولةٍ ويُسر، هي وجود الخوف من مواجهة الآخرين، والذي يُعرف بالرُهاب الاجتماعيّ، ويكون الرّهاب الاجتماعيّ بعدم القُدرة على التواصل مع الناس، وعدم القُدرة على مواجهتهم والاختلاط بهِم، ويكون هذا الشعُور، بسبب الخوف من الخطأ أو العُرضة للاستهزاء من قبلهم، إمّا بسبب مواقف سابقة شكّلت لدى الشخص المُصاب بالرّهاب الاجتماعيّ هذهِ الصدمة، أو بسبب تخيّل ردّات فعل الآخرين تجاهه، وبالتالي إحجامه عن التواصل مع الآخرين، وحصول هذهِ الحالة النفسيّة لديه.
والرّهاب الاجتماعيّ كما أوردنا سابقاً يكون بسبب الخوف من مواجهة الناس والتّواصل معهم، ولعلاجه يجب أن نتخلّص من الأسباب المؤدّية إليه، والتي تقف وراءه، ويكون ذلك بعدّة خطوات نوجزها كالتالي "درء الرّهاب بقطع أسبابه من حيث انخراط الطفل في بداية حياته بالنشاطات المجتمعية، وعدم عزله عن الآخرين، فبداية تكوين الشخصيّة في السنّ المبكرة لدى الأطفال، هي السبيل لحصول المناعة النفسيّة ضد الإصابة بأمراض الرّهاب والقلق وغيرها.
وتنمية القناعة الذاتيّة لدى الشخص بأنَّ الرُّهاب الاجتماعيّ هو في الدرجة الأولى مشاعر داخليّة تنبع من الإنسان نفسه، وبأنّك من خلال إتقان برمجتك اللغوية الداخلية، وتوجيه بوصلتها نحو الإيجابيّة فإنّك بذلك تكون قد تخلّصت من قيود الحديث الداخليّ، الذي تقول فيه بأنّك ستكون عُرضة للفشل واستهزاء الآخرين بك، وهذا ما تقوم أنت بتضخيمه، وبالفعل قد يكون مُغايراً لما تتوهّم حُدوثه. والانخراط في صفوف المُجتمع من خلال المُشاركة في البرامج التطوعيّة والرياضات التي يسودها الجوّ الجماعيّ؛ كرياضات كُرة القدم والسلّة، والتي يكون فيها التفاعل مع الآخرين. والانخراط في صفوف الناس وحُضور المحاضرات والنشاطات الاجتماعية والانخراط في منظمات المجتمع المدني، أو مساعدة المسنين عن طريق زيارة إحدى الدور مرتين أو ثلاث في الأسبوع، فخروجه إلى المجتمع، والمثابرة على الاختلاط سيؤدي إلى الشفاء بشكل تدريجي.