موسكو - صوت الامارات
اعلنت المعارضة السورية السبت مقاطعتها لمؤتمر سوتشي في روسيا أواخر الشهر الحالي، وذلك اثر مناقشات شاقة مع المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا في اجتماع فيينا المنعقد برعاية الامم المتحدة.
ويعقد مؤتمر سوتشي بمبادرة من روسيا وبدعم من تركيا وايران وتعتبر مشاركة هيئة التفاوض السورية المعارضة فيه عاملا حاسما لانجاحه.
واوردت هيئة التفاوض السورية المعارضة على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية تعلن عن مقاطعتها مؤتمر سوتشي الذي دعت اليه روسيا في 29 و 30 من الشهر الحالي".
وتقول هيئة التفاوض السورية ان مشاركتها المحتملة في سوتشي في الثلاثين من كانون الثاني/يناير الحالي، تبقى مرتبطة بما سيقدمه وفد النظام خلال محادثات فيينا التي تنتهي الجمعة.
كما كتب رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أبرز مكونات هيئة التفاوض السورية، أحمد رمضان على حسابه على موقع تويتر "هيئة التفاوض السورية تقرر عدم المشاركة في سوتشي بعد مفاوضات ماراثونية مع الأمم المتحدة وممثلي الدول المعنية بملف سوريا".
واضاف "روسيا فشلت في تسويق المؤتمر".
وكان اربعون فصيلا معارضا، هي ابرز الفصائل المقاتلة والمكونة لهيئة التفاوض، اعلنوا الشهر الماضي رفضهم المشاركة في هذا المؤتمر، فيما رحبت دمشق بانعقاده.
وقال المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي عقب اجتماع ثان عقده الوفد المفاوض مساء الجمعة مع دي ميستورا "نمر بمناقشات ومفاوضات قاسية جدا بالحقيقة والتركيز الاساسي على ما يمكن ان يكون اساسيا لتطبيق القرار 2254 والمناقشات (تجري) على اعلى المستويات بهذا الخصوص".
وعلى غرار الجولات السابقة، لم يحصل اي اجتماع مباشر بين ممثلي المعارضة والنظام في فيينا وعقد الوفدان اجتماعات منفصلة مع موفد الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا.
واعلن دي ميستورا، من جهته، عقب الاجتماعات "انتهاء اعمال المؤتمر" مشيرا في الوقت نفسه الى "استمرار المشاورات".
وذكر دي ميستورا "اطلعت على التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي يومي 29 و 30 يناير / كانون الثاني، كما اخبرت ببيان الاتحاد الروسي بأن نتائج المؤتمر ستقدم إلى جنيف كمساهمة في مسار المحادثات السورية المقامة تحت رعاية الأمم المتحدة وفقا للقرار 2254 ".
واضاف "سوف اطلع الامين العام للامم المتحدة بشكل كامل على نتائج اجتماع فيينا، وسيعود لهه امر حسم المشاركة بمؤتمر سوتشي له".
- "يقتلون العملية السياسية" -
واثر اجتماع للوفد الحكومي السوري مع دي ميستورا الجمعة، صرح رئيس الوفد السفير بشار الجعفري للصحافيين "أجرينا مباحثات بناءة قدر الامكان مع مبعوث الامم المتحدة (...) ولا سيما اننا على اعتاب مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي".
واوضح ان "نتائج المؤتمر في سوتشي ستكون محصلة الحوار بين المتحاورين السوريين انفسهم في هذا المؤتمر، لان الهدف من سوتشي هو حوار وطني سوري سوري بدون تدخل خارجي وسيحضر المؤتمر نحو 1600 مشارك يعكسون مختلف مكونات الشعب السوري".
وتؤكد موسكو، التي دعت 1600 شخص للمشاركة في مؤتمر سوتشي، ان هذا المؤتمر لا يشكل مبادرة منافسة لتلك التي ترعاها الامم المتحدة في جنيف وفيينا.
الى ذلك، عبر الجعفري عن رفض بلاده لوثيقة اقترحتها الولايات المتحدة والسعودية والاردن وبريطانيا وفرنسا اشارت تسريبات الى انها تلحظ تقليص سلطات الرئيس السوري.
وقال "ان ما يسمى الورقة غير الرسمية بشان احياء العملية السياسية في جنيف مرفوض جملة وتفصيلا" مشيرا الى انه "ليس من الصدفة ان يتزامن انعقاد اجتماع فيينا مع تسريب او توزيع مقصود لما يسمى ورقة غير رسمية".
واعتبر الجعفري ان واضعي الورقة "يحاولون اعطاء الانطباع بانهم يحاولون احياء العملية السياسية، (في حين انهم) يقتلونها"، مؤكدا انها "تهدف الى تقويض محادثات جنيف ومؤتمر سوتشي واي ملامح للحل السياسي في سوريا".
- "اختبار" لموسكو -
من جهته، صرح رئيس وفد المعارضة نصر الحريري ان محادثات فيينا "تمثل اختبارا لرغبة روسيا باستخدام نفوذها لدى النظام لاجباره على التفاوض بشكل جدي"، استنادا الى ما هو وارد في قرار الامم المتحدة 2254.
وقال مصدر دبلوماسي غربي لفرانس برس "ان الروس يعلمون بان غياب الامم المتحدة ووفد الحريري عن سوتشي سيعني فشل هذا المؤتمر".
واضاف "بالنسبة الى الروس فان فشل سوتشي سيكون كارثيا لان ذلك يعني ان روسيا عاجزة عن تحويل انتصارها العسكري الى انتصار سياسي".
وقال مصدر دبلوماسي غربي اخر "حان الوقت لتحزم روسيا أمرها اذا كانت تريد بالفعل انقاذ سوتشي".
ويرفض النظام السوري اي مفاوضات حول مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد، كما يرفض تطبيق قرار مجلس الامن 2254 الذي صدر عام 2015 وينص على وضع دستور جديد واجراء انتخابات حرة في اجواء محايدة.
وعشية بدء محادثات فيينا، اقر دي ميستورا نفسه بان المفاوضات تمر بمرحلة "حرجة جدا" في ظل عدم احراز اي تقدم دبلوماسي ومع تصاعد المواجهات الميدانية.
فتركيا تشن هجوما على المقاتلين الاكراد في منطقة عفرين (شمال) وهددت الجمعة بتوسيع هذا الهجوم وسط استياء حلفائها وخصوصا الولايات المتحدة.
وتستمر المعارك في محافظة ادلب بين قوات النظام والفصائل المعارضة وكذلك في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وفي محاولة لتحقيق تقدم، شدد دي ميستورا على "الشق الدستوري" من المحادثات، وهو ملف اقل حساسية من ملف الانتخابات الذي سيتقرر في اطاره مصير الرئيس السوري.
لكن المحلل هايد هايد من مركز شاتام هاوس البريطاني لاحظ ان روسيا "لا تبدو راغبة بالفعل في ممارسة ما يكفي من الضغط على النظام في سوريا"، معتبرا انها تفضل ان يحصل تقدم في مؤتمر سوتشي بدلا من ان يحصل تحت اشراف الامم المتحدة في فيينا.
واضاف ان الروس "يريدون ان يقدموا انفسهم على انهم صناع سلام، ليس في سوريا فحسب بل ايضا في الشرق الاوسط بشكل عام، وهو الدور الذي قام به الاميركيون تقليديا في السابق".