عدن ـ عبدالغني يحيى
تعرّضت طفلة يمنية، تبلغ من العمر عامًا واحدًا، قبل 6 أشهر، إلى جروح بعد انتشالها من أسفل أنقاض منزل قصفته الطائرات الحربية في اليمن، حيث أصيبت بجروح مروّعة في وجهها وجسدها وخشي الطبيب من أن تفقد ذراعها اليمنى وعينها، وفي سرير قريب في العناية المركزة كانت هناك فتاة صغيرة أخرى تدعى إيمان وتم قيدها في السرير لمنعها من خدش جراحها، وكانت الفتيات الصغار من الضحايا الأبرياء من الغارة الجوية التي شنها التحالف العربي الذي تقوده السعودية حيث تجمع المشيعون للجنازة بعد هجوم على منزل شمال العاصمة صنعاء، ولكن هذه الصور الجديدة من قلب منطقة الصراع تظهر الانتعاش الملحوظ للبنات من إصاباتهم الجسدية حيث أن فساتينهم الجميلة وابتساماتهم تتناقض مع أيامهم المظلمة في المستشفى، ولكن في حين أنهم عادوا إلى قراهم وبدأوا اللعب مرة أخرى مع أطفال آخرين، فإن المشاكل النفسية لا تزال تطاردهم.
واضطرّ الجراحون إلى بتر 4 أصابع من اليد اليمنى المتضرّرة لدى الطفلة زهور، والأطباء يقولون إنها لا تستطيع أن تفهم سبب اختلاف يديها، ويقول مختصون من مؤسسة "إنقاذ الطفولة" الخيرية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، والتي وفرت الرعاية النفسية للفتيات، إن "زهور" تكافح من أجل التكيف، وأنها لا تستطيع أن تحافظ على الأمور بإحكام، وتبقي النظر إلى كلتا يديها تتساءل عن سبب أن إحدى يداها مكونة من خمس أصابع، والأخرى لديها إصبع واحد فقط.
وقال فيصل والد زهور، والذي سحب زوجته ناديا من نفس الركام في قرية أشيرا، إن ابنته تعاني من كوابيس فظيعة وترعبها أصوات الطائرات العلوية، وأضاف إن "على الرغم من أن زهور تستعيد ببطء صحتها الجسدية، إلا أنها لا تزال مصابة بصدمة بشدة بعد التجربة المروعة التي شهدتها، لقد لاحظت أنها تأكل أقل بكثير من ذي قبل - جسدها أصبح أنحف، وأنها ترفض أن تأكل حتى وجباتها المفضلة، تدهورت حالتها النفسية أيضًا، عندما تسمع صوتا عاليا، تغطي آذانها وتصرخ، كانت تنام طوال الليل لكنها لا تستطيع النوم بشكل صحيح الآن، وتذكر ما حدث في كوابيسها، وتستيقظ من النوم على حالة من الصراخ والعويل".
وقتل أكثر من 4 آلاف طفل أو أصيبوا بجراح خلال العامين من الصراع الدامي المرير، وقد تم تفصيل حالات زهور وإيمان في تحقيق جديد ، وتقرير صادر عن منظمة إنقاذ الطفولة وقائمة المراقبة يورد 23 حالة "انتهاكات خطيرة" من قبل الائتلاف ضد الأطفال في اليمن، ويحذر التقرير من أن "أطفال اليمن يتعرضون إلى الهجوم من جميع الأطراف، ومنذ أكثر من عامين،
قتلوا وجرحوا في منازلهم، وهم في طريقهم إلى المدرسة وفي السوق مع أسرهم. وقد تعرضوا للقصف في المستشفى وفي الجنازات"، وجاء في التقرير "القوات المسلحة والجماعات المسلحة جندت الأطفال قسرا كجنود مع الأولاد المحرومين من التعليم للعمل على الخطوط الأمامية، لقد عرقلت جميع الأطراف في الحرب اليمنية الوصول إلى السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، مما أدى إلى حالة يعاني فيها 1.8 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، الآن ينتشر وباء الكوليرا والذي هو نتيجة مباشرة للنزاع في جميع أنحاء البلاد"، وقد تم الإبلاغ عن أكثر من 360 ألف حالة يشتبه في إصابتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو رقم قياسي، ويخشى عمال الإغاثة من ارتفاع عددهم إلى 600 ألف حالة، وختم التقرير، بأنّ "كل هذا يحدث في ظل خلفية من اللامبالاة والتخاذل من جانب المجتمع الدولي"