برلين - صوت الامارات
كشفت صحيفة تسايت الألمانية، تفاصيل موثقة تشير إلى تورط مقدم البرامج الشهير يسري فودة في وقائع اغتصاب وتحرش بزميلاته في العمل، والتي على إثرها تم إنهاء التعامل معه ووقف برنامجه السلطة الخامسة الذي كانت تبثه قناة «دويتشه فيله» العربية.
وقالت الصحيفة إن ما نشر في شهر سبتمبر 2018، عن واقعة تحرش مقدم البرامج الشهير كانت فقط واحدة من عدة حالات تم اتهامه بها، لكن الجديد أيضا الذي تكشفه الصحيفة عبر تحقيق استقصائي موثق هو اتهام «يسري» باغتصاب إحدى زميلاته عنوة بعد دعوته إليها لشقته لمناقشة بعض أمور العمل.
وتقول الصحيفة أيضًا إن إدارة القناة الألمانية متواطئة في محاولة التغطية على الجريمة، وهو ما أثار العديد من الاضطرابات داخل القناة مازلت أصداؤها تتواصل داخل أروقتها والتي يتم تمويلها من جيوب دافعي الضرائب الألمان.
الصحيفة عرفت المذيع ومقدم البرامج الشهير في تحقيقها باسم (يسري ف)، وبدأت تحقيقها مقتبسة جملته التي يفتتح بها برنامجه من برلين، قائلا: (قد يكون الطريق إلى الحقيقة طويلاً، لكننا كلنا الآن نعرف العنوان).
وأشارت الصحيفة إلى أن شهرة المذيع المصري ذو الـ55 عاما وخبرته الإعلامية كانت كافية للاتفاق معه عام 2016، في صفقة احتفت بها القناة واعتبرتها إنجازا مثيرا.
لكن مقدم البرامج النجم الشهير سرعان ما جلب المتاعب للقناة التلفزيونية بعد ذلك بفترة قصيرة: «يتعلق الأمر هنا بتهم ضد يسري ف، وآخرين بالتحرش الجنسي في مكان العمل وتهمة اغتصاب وتحقيق لدى النيابة العامة في برلين.
وأتيح لـ«تسايت» الإطلاع على وثائق داخلية من دويتشه فيله، تظهر كيف هزت هذه الوقائع القناة الممولة من أموال دافعي الضرائب في الأشهر الماضية، وتركزت الاتهامات بالأخص ضد يسري ف.، التي ينكرها بدوره.
ووفقاً لمعلومات الصحيفة الألمانية، يُواجه مقدم البرامج التلفزيونية تهم في عدة حالات تحرش جنسي، وفي حالة بالاغتصاب رغم أنه ينكرها جميعا. وقالت الصحيفة إنها تواصلت مع كافة الضحايا منهم من رفضن الحديث ومنهن من تحدثت شرط عدم كشف هويتها.
ولفتت في تحقيقها المنشور في 1 أغسطس الجاري، إلى أن الإدارة لم تتعامل بشفافية كاملة في هذه القضية وغيرها مما أثار العديد من التساؤلات النقدية من جانب الموظفين في القناة، ومدى نفوذ المذيع الشهير.
وفي إحدى الوقائع المتهم فيها المذيع الشهير هي قضية الناشطة داليا حمودة المقيمة في السويد. وقالت الصحيفة إن يسرى ف تواصل مع الناشطة وأرسل لها مقدم البرامج التلفزيونية رسائل نصية في شهر يونيو ٢٠١٦ عبر موقع فيسبوك ووعدها بالعمل لدى دويتشه فيله في برلين.
وحصلت «تسايت» على نصوص المحادثات بينهما. ووفقاً للناشطة، قال يسري ف. لها في محادثة هاتفية إنه يستطيع الحجز لها في فندق، في حال كانت مهتمة بالعمل معه.
كما قالت حمودة في حديث مع الصحيفة الألمانية في ستوكهولم نهاية فبراير٢٠١٩: «كنت سعيدة للغاية، بتقديم صحفي مهم مثله عرضاً كهذا. كنت حينذاك عاطلة عن العمل ومفعمة بالطاقة لبدء شيء جديد». وبالفعل وصلتها في الثامن من سبتمبر ٢٠١٦ رسالة من بريد يسري ف. الإلكتروني لدى دويتشه فيله يتضمن حجز تذكرة طيران لدى شركة طيران برلين (AB 8007) على رحلة من ستوكهولم إلى برلين، تقلع في مساء اليوم التالي.
وبحسب حمودة، جاء يسري ف ليصطحبها بعد وصولها إلى مطار برلين تيجل، وأوضح لها وهما في السيارة أنه لم يحجز لها غرفة في فندق، لأن هناك ما يكفي من المساحة لها في شقته.
تقول حمودة: «لم أكن أعرف أحداً في برلين، وكنت مفلسة. فكرت: ما هو أسوأ شيء قد يحدث الآن؟»، وتبين بحسب الناشطة خلال المساء أن يسري ف لم يقم كما تم الاتفاق عليه بتنظيم لقاء تعارف لها في دويتشه فيله.
وتضيف حمودة أن يسري ف حاول عدة الاقتراب منها وهم بالاعتداء عليها لكنها تمكنت من الهرب وظلت هائمة في شوارع برلين حتى تمكنت من الوصول إلى أحد الأصدقاء لإيوائها.
ووصفت داليا حمودة علناً ما عايشته في منشور على موقع فيسبوك في ١١ من سبتمبر ٢٠١٨. وذكرت حمودة ف. بالاسم الكامل، إلا أنها حذفت اسمه بعد مرور ١٠ ساعات.
وتقول إنه كانت لديها مخاوف من أن يقاضيها يسري ف، وتضيف أنه لم يكن بوسعها دفع تكاليف توكيل محام، فلم تبلغ عنه لدى السلطات، وبالطبع ينكر مقدم البرامج الشهير كافة هذه التهم.
وذكرت الصحيفة أن هناك اتهام آخر قد يكون أشد جسامة، حيث تتهم موظفة مستقلة في دويتشه فيله يسري ف باغتصابها، حيث أخفيت هويتها في تقارير دويتشه فيله الداخلية، لكن «تسايت» تعرف هويتها؛ إذ كان يسري ف. يترأسها في العمل.
وفق ما ورد في المحاضر الداخلية من كلام أدلت به الموظفة، طلب منها (يسري) بعد وصوله لبرلين عام ٢٠١٦ عدة مرات أن ترافقه للتعرف على المدينة معه، ووافقت في كل مرة.
وقالت إنه طلب منها في الثالث من أغسطس ٢٠١٦ أن تشاهد معه أحد حلقات برنامجه وتحللها معه في شقته. وأضافت أنها ذهبت بعد ذلك معه إلى شقته، وذكرت لاحقاً أنها لم تكن تريد أن تعارض رئيسها في العمل.
وبينت - في إطار تحقيق أجرته لجنة داخلية في دويتشه فيله لاحقاً – أنه قام باغتصابها عنوة. وقالت الصحيفة الألمانية إنها اطلعت على ما ورد في محضر لخبيرة من خارج المؤسسة مكتوب من قبل محامية متخصصة بمثل هذه الجرائم، ويضم وصفاً لمجريات الجريمة رغم إنكار يسري ف ذلك.
لم يكن ذلك فقط ما حدث لكن الموظفة قالت أمام لجنة دويتشه فيله الداخلية إنها تعرضت في الأسابيع التالية التي بقيت تعمل فيها معه للتنمر من قبله والإذلال أمام الآخرين، الأمر الذي وصل لمسامع عدة مدراء أيضاً، وبعد مرور عام ونصف من واقعة الاغتصاب، أخبرت الموظفة بما حدث لها لمفوضة الشؤون الصحية ولاحقاً أخبرت مفوضة المساواة بين الجنسين في دويتشه فيله، ثم انطلقت بعدها حملة توعية داخلية.
وتصف الخبيرة في محضر آخر بعد حوارات أجرتها مع موظفي دويتشه فيله، يسري ف بأنه «جبارا وشخصية رئيسية رمزية» وكانت له الحرية المطلقة داخل القناة.
تواصلت موظفات أخريات مع لجنة دويتشه فيله وتحدثن عن تحرشات جنسية من قبل يسري ف. وآخرين، فكتبت موظفة كانت تقدمت بشكوى ولم تسمع شيئاً عن الأمر طوال أشهر، رسالة بريد إلكتروني لإدارة شؤون الموظفين متسائلة: «هل يمكنكم أن تتصوروا ماذا علي أن أواجه منذ ذلك الحين؟»، إذ يبدو أنه لم يتم الإبقاء على هويتها مجهولة.
بعد شكاوى عديدة داخل القناة من تجاهل الإدارة لشكواهم قامت الإدارة بعمل نشرة داخلية سبتمبر ٢٠١٨ نصت على ما يلي: «مؤخراً، أُحيطت إدارة دويتشه فيله علماً بواقعة تحرش جنسي محتملة، وأظهر التحقيق الذي أطلِق على الفور أن الاتهامات المقدمة يمكن تصنيفها على أنها ذات مصداقية، واتخذت دويتشه فيله فوراً الإجراءات اللازمة، الشخص المتهم لم يعد يعمل لديها». وكان يُقصد فيما يبدو بذلك يسري ف الذي ألغي برنامجه في أغسطس ٢٠١٨.
منذ أكتوبر ٢٠١٨ هناك بلاغ لدى شرطة برلين ضد يسري ف، الذي بات يعيش في لندن، بتهمة الإكراه الجنسي والاغتصاب، فالموظفة المستقلة التي أخبرت بذلك للجنة الداخلية في دويتشه فيله قامت بالتبليغ عنه لدى الشرطة.
وفتحت النيابة العامة في برلين في السابع من نوفمبر ٢٠١٨ تحقيقاً ضده، وقد ردّت النائبة العامة المسئولة عن ذلك كتابياً على استفسار «تسايت»: بأن التحقيق لدى النيابة العامة في برلين مازال يجري ضد الشخص المسمى، لوجود اشتباه أولي في وقوع جريمة الاغتصاب.
وبررت دويتشه فيله إلغاء برنامج "السلطة الخامسة" لـ"تسايت" بما يلي: «أوقف البرنامج التلفزيوني بعد أن أنهى مقدم البرامج يسري فودة عمله لدى دويتشه فيله بعد عامين».
ورغم كل التهم نُظّم حفل وداع ليسري ف بحضور بعض المدراء في دويتشه فيله، وأعلن مقدم البرامج هناك عن عودة مزعومة، حيث قيل إنه مريض، لكن، بالنسبة لغالبية الموظفين بدا أن ذلك يتمتع بقدر قليل من المصداقية
قد يهمك أيضاً :