روما ـ أ.ف.ب
جثا البابا فرنسيس عند ضريح القديس بطرس وتسلم اشارات السلطة البابوية في مراسم تنصيب ضخمة الثلاثاء وتعهد برعاية "المحرومين والضعفاء" بين الناس. وتجمع قرابة مئتي الف مؤمن لتحية البابا المتحدر من الارجنتين ملوحين باعلام من كل الدول بينما تعهد البابا الجديد بان حبريته ستركز على "التواضع والايمان الحقيقيين". وفي عظة تاثرت الى حد كبير بتعاليم فرنسيس الاسيزي القديس الذي اختار البابا ان يتخذ اسمه حث الحبر الاعظم المسؤولين الاقتصاديين والسياسيين على عدم السماح "لعلامات الدمار والموت بان تواكب تقدم العالم". واكد الحبر الاعظم (76 عاما) بتأثر واضح ان على البابا ان "يستقبل الجميع بعطف وحنان خصوصا المحرومين والضعفاء والمهمشين". وتابع البابا الذي جال في ساحة القديس بطرس على متن سيارته المكشوفة تحت سماء مشمسة ووسط هتافات "يعيش البابا" انه "وسط كل هذا الظلام علينا ان نرى نور الامل". وكان رئيس اساقفة بوينوس ايرس السابق خورخي برغوليو من منتقدي صندوق النقد الدولي والاسواق الراسمالية التي لا تخضع للرقابة، وهو موقف يمكن ان يجعل منه صوتا مهما في اوروبا التي تمر بمرحلة تقشف. وتسلم البابا وهو الحبر الاعظم ال265 شارات الحبرية وهي درع يلبس فوق البطرشيل ويرمز الى دور البابا الراعي وعليه صلبان حمراء ترمز الى الام المسيح. والشارة الاخرى هي "خاتم الصياد" وقد البسه عميد الكرادلة انجيلو سودانو للبابا وهو عبارة عن خاتم يضعه الباباوات تكريما للقديس بطرس الذي كان صيادا في الاساس. وعلق رودريغو غراخاليس وهو كاهن كولومبي في ال31 "ستكون الكنيسة مع البابا فرنسيس اقرب الى الناس والى العالم الحديث". وحيا البابا الحشود خلال طوافه في الساحة وتوقف ليقبل بعض الاطفال كما خرج من سيارته ليبارك احد المعوقين. وكتب على لافتة رفعتها راهبات برازيليات "فرنسيس امض قدما نحن معك اينما تذهب". وقالت الاخت روز وهي راهبة ايطالية مسنة انها تتوقع ان يكون البابا "مثل قديس فرنسيس جديد على الارض للدعوة الى المحبة والطيبة والفقر والتواضع". واشار الفاتيكان الى ان عدد المشاركين في القداس تراوح بين 150 ومئتي الف شخص. وكسب البابا وهو نجل عامل سكك حديد هاجر من ايطاليا ود السكان باسلوبه غير المتكلف والذي تناقض مع المراسم الفخمة الثلاثاء. كما اشار الفاتيكان الى ان 132 وفدا اجنبيا شاركوا ايضا في قداس التنصيب. وشكل اختيار برغوليو مفاجاة خلال مجمع الكرادلة الاسبوع الماضي لاختيار خلف للبابا بنديكتوس السادس عشر (85 عاما) والذي استقال فجاة في 28 شباط/فبراير بداعي التقدم في السن. وهو البابا الاول الذي يستقيل من منصبه منذ العصور الوسطى. ودعا البابا فرنسيس الى "كنيسة فقيرة تخدم الفقراء"، محذرا الكرادلة في العالم من السعي وراء الامجاد وقائلا ان الكنيسة الكاثوليكية ما لم تمر بتجدد روحي عميق "ستنهار كقصر من الرمال". وطرح وصول قادة من العالم المعضلة الدبلوماسية الاولى عندما تلقى من رئيسة الارجنتين كريستينا كيرشنر طلبا بالتوسط مع بريطانيا في الخلاف حول السيادة في جزر فوكلاند. ولا تزال تلاحق البابا فرنسيس انتقادات اليساريين في الارجنتين الذين ياخذون عليه عدم تحركه ضد تجاوزات الحكم العسكري في الارجنتين بين 1970 و1980. كما اعلنت الصين انها لن ترسل اي موقد بعد ان اعلن رئيس تايوان ما يينغ جيو عن مشاركته. من جهته، تجاهل رئيس زيمبابوي روبرت موغابي حظرا على السفر يفرضه عليه الاتحاد الاوروبي بسبب اتهامه في قضايا حقوق الانسان، لان الحظر لا يشمل الفاتيكان. وتمثلت اميركا اللاتينية بحضور كثيف لقداس تكريس البابا الاول الذي ينتخب من خارج اوروبا منذ 1300 سنة تقريبا، اذ شارك رؤساء الارجنتين والبرازيل وتشيلي وكوستا ريكا والمكسيك وباراغواي. ومن بين الحضور ايضا المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي ورئيس الوزراء الفرنسي جان-مارك ايرولت ومسؤولون من الاتحاد الاوروبي. وحضر ايضا مندوبون عن الكنائس الشرقية من بينهم بطريرك القسطنطينية المسكوني برثلماوس الاول. واعلنت اذاعة الفاتيكان انها المرة الاولى التي يحضر فيها بطريرك القسطنطينية قداس التنصيب منذ 1054 الذي شهد الانقسام بين الكنيستين. وفرض الفاتيكان اجراءات امنية مشددة بمناسبة الحدث وتم نشر ثلاثة الاف عنصر امن من بينهم قناصة على السطوح بالاضافة الى خبراء في تفكيك القنابل. وحث مسؤولون في الكنيسة البابا الجديد على عدم التباطو في اصلاح الادارة المركزية للكنيسة والتي تعاني من الفساد، وستكون التعيينات التي سيقوم بها البابا في الاسابيع المقبلة محط انظار الجميع. واشار البابا الى انه سيسلك خطا اكثر اقترابا من الناس العاديين واكثر احقاقا للعدالة الاجتماعية مع انه من غير المتوقع ان يقوم هذا البابا المعتدل المحافظ باي تغييرات جذرية في العقيدة الكاثوليكية. واعتبر خبراء في الفاتيكان انه اشار ايضا الى انه سينتهج اسلوب ادارة اكثر "شمولية" مع الكرادلة والاساقفة. وفي الجانب الاخر من المحيط الاطلسي، تجمعت حشود كبرى امام كاتدرائية بوينوس ايرس لحضور قداس التنصيب. وردد تلاميذ الثانويات الكاثوليكية شعارات تشيد بالبابا بينما لوح طلاب اللاهوت وراهبات باعلام الفاتيكان ولافتات تدعم البابا الجديد. وقالت سيليا فارياس (33 عاما) لمراسل فرانس برس "لقد ايقظ هذا البابا مشاعر قوية في داخلي ليس فقط لانه من الارجنتين بل لانه شخص ودود". واضافت "لقد جدد لي ايماني".