صوفيا ـ أ.ف.ب
بعد التظاهرات الحاشدة هذا الشتاء، بدأ البلغاريون الادلاء باصواتهم الاحد لتجديد برلمانهم في انتخابات تشريعية مبكرة يمكن ان تؤدي الى طريق مسدود وتعيد احياء الازمة. وكشفت عدة استطلاعات رأي ان الحزب المحافظ الذي يقوده رئيس الوزراء السابق بويكو بوريسوف الذي استقال في 20 شباط/فبراير تحت ضغط التظاهرات، متعادل مع الحزب الاشتراكي (شيوعيون سابقون). لكن بغض النظر عمن سيفوز، فانه لن يتمكن من الحصول على غالبية في البرلمان وسيواجه صعوبة في تشكيل حكومة طالما ان احتمالات تشكيل تحالف تبقى ضيقة. والحملة الانتخابية التي كانت بعيدة عن الاستجابة لتوقعات الشعب، تحولت الى تصفية حسابات بين الاشتراكيين والمحافظين بسبب فضيحة تنصب غير مشروع. وانعكست خيبة امل الناخبين في استطلاعات الرأي التي اظهرت تراجع النسبة المتوقعة للمشاركة في الانتخابات (حوالى 50% من 6,9 مليون ناخب) وشريحة كبرى من المترددين (20%) وتصاعد تيار اليمين المتطرف (اتاكا). وقالت ماريا باييتشيفا (56 عاما) المتقاعدة حاليا لوكالة فرانس برس "انا مشمئزة من الحملة الانتخابية. كنت ادلي بصوتي على الدوام، لكن هذه المرة سامتنع عن التصويت. تبين ان جميعهم فاسدون ولا يتمتعون بالكفاءة". من جهتها تقول غيرغانا (27 عاما) عند خروجها من مكتب اقتراع في ضواحي صوفيا "لقد صوتت للحزب المحافظ" مضيفة "لا اعتقد انهم قاموا بما يكفي من اجل الناس، لكن لا اعتقد ان اي طرف اخر يمكنه القيام بما هو افضل". واذا لم يتم تشكيل اي حكومة بعد الانتخابات فان الحكومة الانتقالية التي شكلها الدبلوماسي مارتن رايكوف ستبقى في السلطة لتصريف الاعمال الجارية الى حين تنظيم انتخابات جديدة في الخريف، وهو السيناريو الذي توقعه العديد من الخبراء السياسيين في صوفيا. ولا يستبعد البعض ايضا عودة الازمة الاجتماعية التي شهدتها البلاد في الشتاء الماضي حين نزل عشرات الاف البلغاريين الى الشوارع في كبرى المدن للاحتجاج على ارتفاع فواتير الكهرباء التي زادت باكثر من الضعفين في كانون الثاني/يناير مقارنة مع الشهر الذي سبقه. وشكل ذلك صدمة في بلد يقل فيه متوسط الاجور عن 400 يورو. وتحولت هذه الحركة العفوية تحت تاثير عدة مجموعات من المجتمع المدني الى حركة تعبئة كبرى ضد الفقر المزمن في البلاد. وتعتبر بلغاريا العضو الافقر في دول الاتحاد الاوروبي حيث معدل البطالة مرتفع فيما ينخر الفساد الطبقة السياسية ومؤسسات البلاد. ودفع اليأس بسبعة اشخاص الى احراق انفسهم، في حدث لا سابق له في هذه الدولة البلقانية. وتوفي ستة منهم. واستقالة الحكومة كانت وراء اجراء هذه الانتخابات المبكرة قبل شهرين من الموعد المقرر لها. وتقديم موعد الانتخابات منع المجموعات المدنية من تنظيم نفسها كحركة سياسية وحكم على الشعب بالاختيار بين احزاب كان يحتج ضدها. وما زاد من اجواء التوتر الكشف السبت عن شبهات بعملية تزوير واسعة النطاق. واعلنت نيابة صوفيا عن مصادرة 350 الف بطاقة اقتراع مشبوهة في مطبعة مكلفة من قبل الحكومة طبع كل بطاقات الاقتراع. واثيرت شبهات حول قيام الحزب المحافظ بتدبير هذه القضية، لكنه نفى هذا الامر منددا بوجود مؤامرة سياسية. ويقول ستيفكا جيورجيفا (60 عاما) الخبير الاقتصادي المتقاعد "لا يمكنني ان اجد الكلمات المناسبة لكي اعبر عن اشمئزازي. لا اعتقد ان شيئا مماثلا يمكن ان يحصل في دولة عضو في الاتحاد الاوروبي". واحتلت هذه المسالة العناوين العريضة للصحف الاحد حيث وصفت صحيفة ترود الواسعة الانتشار هذا الامر بانه "فاضح" فيما تحدثت صحيفة ستاندارت عن "نسف الانتخابات" من الان. كما شهدت هذه الانتخابات عمليات شراء اصوات، وهي ممارسة شائعة في بلغاريا تستهدف الطبقات الفقيرة. وارسلت منظمة الامن والتعاون في اوروبا اكثر من 200 مراقب الى بلغاريا، في اكبر بعثة في هذا البلد منذ اول انتخابات حرة في البلاد في 1990 بعد انتهاء النظام الشيوعي. ويتوقع ان تنشر اولى التقديرات للنتائج عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع بعد اغلاق صناديق الاقتراع عند الساعة 17,00 تغ.